المنجيات الثلاث
١١|٤|١٤٣٩هالموافق ٢٩|١٢|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ مهلكات، وثلاثٌ مُنجِيات، وثلاثٌ كفّارات، وثلاثٌ درجات، فأما المهلكات فشحٌّ مطاع، وهوًى متّبَع، وإعجابُ المرء بنفسه، وأما المنجياتُ فالعدلُ في الغضب والرضى، والقصدُ في الفقر والغنى، وخشيةُ الله في السر والعلانية، وأما الكفاراتُ فانتظارُ الصلاة بعد الصلاة، وإسباغُ الوضوء في السبَرات، ونقلُ الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجاتُ فإطعامُ الطعام، وإفشاءُ السلام، وصلاةٌ بالليل والناسُ نيام " رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.
عباد الله، سفينةُ النجاة وبَر الأمان ودربُ السلامة والعروة التي من استمسك بها نجا ومن تعلق بها سلم من الكروب والشدائد والأزمات وعوفي من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة ثلاثةُ أشياء: العدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية.
وهذه المنجيات الثلاث كان النبي صلى الله عليه وسلم يسألها ربه فيقول: " اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسالك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر ".
فالعدل في الغضب والرضا دليل على كمال الإيمان وكمال المراقبة والخشية والدين والورع يعدل مع نفسه وغيره ومع أحبابه وأعدائه ومع الأقارب والأجانب ومع المسلم والكافر والموافق والمخالف وفي حال الرضا وفي حال الغضب لا يحمله الغضب على الفجور في الخصومة ولا يمنعه الشنآن من العدل مع المكروهين ولا يحمله البغض والكراهية على العدوان، قال تعالى: " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا " وقال تعالى: " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ".
العدل مع الجميع مع الصغير والكبير مع الغني والفقير مع الأمير والحقير مع العدو والصديق..
العدل في كل حال وفي كل وقت.. وهو سمة المسلم الكامل الإسلام والمؤمن الكامل الإيمان وعلامة على كمال التقوى والورع والخوف من الله سبحانه.
والعدل مع الصديق المحبوب ومخالفةُ هوى النفس والوقوفُ مع الحق أمرٌ صعب، والعدلُ مع العدو المكروه والشانئ المبغَّض أصعب من الأول.
والموفَّق من سار مع المحبين والشانئين سيرة عادلة وقال كلمة الحق في الرضا والغضب وخالف هوى نفسه من أجل الله ونطق بالعدل ودار مع أمر الله حيث دار.
والقصد في الفقر والغنى هو الاعتدال في الإنفاق بين الإسراف والتقتير كما قال تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا " وقال تعالى: " وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ".
فهذا الاعتدال في النفقة وحسن التدبير للمعيشة والاقتصاد علامة على رجاحة العقل، والاقتصاد خلق محمود، وهو يتولد من خُلُقَين: العدل والحكمة، فبالعدل يتزن في الإنفاق على الأهل والإنفاق في وجوه الخير، وبالحكمة يضع الأشياء في مواضعها.
فيجب على المـُنفِق أن يُفرِّق بين الجود والتبذير، وبين البخل والاقتصاد، فالجُود غير التبذير، والاقتصاد غير البخل.
وإذا ترك الإنسان القصدَ ومال إلى البخل هلك، وذهب ماله إلى الورثة فلم ينتفِع به، فكان وبالُه عليه ونفعُه لغيره، وإذا مال الإنسان إلى الإسراف هلك وندم على إضاعة ماله، وقد تعضُّه السنين وتحاصره الشدائد والأزمات فيندم على ما صنع من التبذير والإسراف في زمن السعة والرخاء.
وخشية الله في السر والعلانية، والخشية دليل العلم النافع وعلامته وسره وحقيقته ونوره وبركته، وهل العلم إلا الخشية والخوف من الله ! قال الذهبي رحمه الله: " ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية، ولكنه نور يقذفه الله في القلب، وشرطه الاتباع، والفرار من الهوى والابتداع ".
وقال الله جل وعلا وهو أصدق القائلين: " وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، لا يجوز الاحتفال برأس السنة الميلادية؛ لأنه عيد النصارى، وقد نهانا الله عن التشبه بهم ومشاركتهم في باطلهم وأعيادهم، قال تعالى: " وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ". فمن صفات عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور، والزور قيل: هو الشرك وعبادة الأصنام، وقيل: الكذب، والفسق، واللغو، والباطل، وقال محمد بن الحنفية: هو اللهو والغناء، وقال أبو العالية، وطاووس، ومحمد بن سيرين، والضحاك، والربيع بن أنس، وغيرهم: هي أعياد المشركين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
١١|٤|١٤٣٩هالموافق ٢٩|١٢|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ مهلكات، وثلاثٌ مُنجِيات، وثلاثٌ كفّارات، وثلاثٌ درجات، فأما المهلكات فشحٌّ مطاع، وهوًى متّبَع، وإعجابُ المرء بنفسه، وأما المنجياتُ فالعدلُ في الغضب والرضى، والقصدُ في الفقر والغنى، وخشيةُ الله في السر والعلانية، وأما الكفاراتُ فانتظارُ الصلاة بعد الصلاة، وإسباغُ الوضوء في السبَرات، ونقلُ الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجاتُ فإطعامُ الطعام، وإفشاءُ السلام، وصلاةٌ بالليل والناسُ نيام " رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.
عباد الله، سفينةُ النجاة وبَر الأمان ودربُ السلامة والعروة التي من استمسك بها نجا ومن تعلق بها سلم من الكروب والشدائد والأزمات وعوفي من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة ثلاثةُ أشياء: العدل في الغضب والرضى، والقصد في الفقر والغنى، وخشية الله في السر والعلانية.
وهذه المنجيات الثلاث كان النبي صلى الله عليه وسلم يسألها ربه فيقول: " اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسالك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر ".
فالعدل في الغضب والرضا دليل على كمال الإيمان وكمال المراقبة والخشية والدين والورع يعدل مع نفسه وغيره ومع أحبابه وأعدائه ومع الأقارب والأجانب ومع المسلم والكافر والموافق والمخالف وفي حال الرضا وفي حال الغضب لا يحمله الغضب على الفجور في الخصومة ولا يمنعه الشنآن من العدل مع المكروهين ولا يحمله البغض والكراهية على العدوان، قال تعالى: " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا " وقال تعالى: " وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ".
العدل مع الجميع مع الصغير والكبير مع الغني والفقير مع الأمير والحقير مع العدو والصديق..
العدل في كل حال وفي كل وقت.. وهو سمة المسلم الكامل الإسلام والمؤمن الكامل الإيمان وعلامة على كمال التقوى والورع والخوف من الله سبحانه.
والعدل مع الصديق المحبوب ومخالفةُ هوى النفس والوقوفُ مع الحق أمرٌ صعب، والعدلُ مع العدو المكروه والشانئ المبغَّض أصعب من الأول.
والموفَّق من سار مع المحبين والشانئين سيرة عادلة وقال كلمة الحق في الرضا والغضب وخالف هوى نفسه من أجل الله ونطق بالعدل ودار مع أمر الله حيث دار.
والقصد في الفقر والغنى هو الاعتدال في الإنفاق بين الإسراف والتقتير كما قال تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا " وقال تعالى: " وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ".
فهذا الاعتدال في النفقة وحسن التدبير للمعيشة والاقتصاد علامة على رجاحة العقل، والاقتصاد خلق محمود، وهو يتولد من خُلُقَين: العدل والحكمة، فبالعدل يتزن في الإنفاق على الأهل والإنفاق في وجوه الخير، وبالحكمة يضع الأشياء في مواضعها.
فيجب على المـُنفِق أن يُفرِّق بين الجود والتبذير، وبين البخل والاقتصاد، فالجُود غير التبذير، والاقتصاد غير البخل.
وإذا ترك الإنسان القصدَ ومال إلى البخل هلك، وذهب ماله إلى الورثة فلم ينتفِع به، فكان وبالُه عليه ونفعُه لغيره، وإذا مال الإنسان إلى الإسراف هلك وندم على إضاعة ماله، وقد تعضُّه السنين وتحاصره الشدائد والأزمات فيندم على ما صنع من التبذير والإسراف في زمن السعة والرخاء.
وخشية الله في السر والعلانية، والخشية دليل العلم النافع وعلامته وسره وحقيقته ونوره وبركته، وهل العلم إلا الخشية والخوف من الله ! قال الذهبي رحمه الله: " ثم العلم ليس هو بكثرة الرواية، ولكنه نور يقذفه الله في القلب، وشرطه الاتباع، والفرار من الهوى والابتداع ".
وقال الله جل وعلا وهو أصدق القائلين: " وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، لا يجوز الاحتفال برأس السنة الميلادية؛ لأنه عيد النصارى، وقد نهانا الله عن التشبه بهم ومشاركتهم في باطلهم وأعيادهم، قال تعالى: " وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ". فمن صفات عباد الرحمن أنهم لا يشهدون الزور، والزور قيل: هو الشرك وعبادة الأصنام، وقيل: الكذب، والفسق، واللغو، والباطل، وقال محمد بن الحنفية: هو اللهو والغناء، وقال أبو العالية، وطاووس، ومحمد بن سيرين، والضحاك، والربيع بن أنس، وغيرهم: هي أعياد المشركين.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق