الدرجات الثلاث
٢٥|٤|١٤٣٩هـالموافق ١٢|١|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ مهلكات، وثلاثٌ مُنجِيات، وثلاثٌ كفّارات، وثلاثٌ درجات.. " قال: " وأما الدرجاتُ فإطعامُ الطعام، وإفشاءُ السلام، وصلاةٌ بالليل والناسُ نيام ".
فالأول من الدرجات: إطعام الطعام: وقد جعله الله في كتابه من الأسباب الموجبة لدخول الجنة قال تعالى: " ويُطعِمون الطعامَ على حبِّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا. إنَّما نُطْعِمُكُم لوجهِ الله لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكورًا. إنّا نخافُ من ربِّنا يوماً عبوسًا قَمطريرًا. فوقاهُمُ الله شرَّ ذلك اليومِ ولقّاهُمْ نَضْرةً وسُرورًا. وجزاهُم بما صَبروا جنَّةً وحريرًا ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام ".
وعن عبد الله بن سلَام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم انجفل الناس عليه فكنت فيمن انجفل فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته يقول: " أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله, أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ".
فإطعام الطعام يوجب دخول الجنة، ويُباعد من النار ويُنجّي منها كما قال تعالى: " فلا اقْتَحَمَ العَقَبةَ. وما أدْراك ما العقبةُ. فَكُّ رقَبةٍ. أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسْغَبةٍ. يتيمًا ذا مقربةٍ. أو مِسكينًا ذا مَتربةٍ " وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة ".
ويتأكد إطعام الطعام للجائع وللجيران خصوصًا.
عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفُكّوا العاني " وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: " يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك ".
وأفضل أنواع إطعام الطعام: الإيثارُ مع الحاجة كما وصف الله تعالى بذلك الأنصار رضي الله عنهم فقال: " ويُؤثِرونَ على أَنْفُسِهم ولو كانَ بهمْ خَصَاصَةٌ " وقد صح أن سبب نزولها أن رجلًا منهم أخذ ضيفًا من عند النبي صلى الله عليه وسلم يُضِيّفه، فلم يجد عنده إلا قوت صبيانه، فاحتال هو وامرأته حتى نوّما صبيانَهما، وقام إلى السراج كأنه يصلحه فأطفأه، ثم جلس مع الضيف يريه أنه يأكل معه ولم يأكل، فلما غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " عجب الله من صنيعكما الليلة " ونزلت الآية.
والثاني من الدرجات: إفشاء السلام: وهو من موجبات دخول الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ".
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " عشر " ثم جاء رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس فقال: " عشرون " ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس فقال: " ثلاثون ".
والسلام تحية هذه الأمة وهو عنوان الأمان، ونشرُه من حسن الخلق وأسباب المحبة والألفة بين المسلمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، الثالث من الدرجات: الصلاة بالليل والناس نيام: فالصلاة بالليل من موجبات الجنة كما دل عليه قوله تعالى: " إنَّ المتقين في جناتٍ وعُيونٍ. آخذين مآ آتاهم ربُّهم إنهم كانوا قبلَ ذلك مُحسنين. كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون. وبالأسحارِ هم يستغفرون. وفي أموالِهم حقٌ للسائلِ والمحرومِ " فوصفَهم بالتيقظ بالليل، والاستغفار بالأسحار، وبالإنفاق من أموالهم.
وقيام الليل يوجب علوّ الدرجات في الجنة، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: " ومن الليل فتهجَّدْ به نافلةً لك عسى أنْ يبعَثك ربُّك مقامًا محمودًا " فجعل جزاءه على التهجد بالقرآن بالليل أن يبعثه المقام المحمود، وهو أعلى درجاته صلى الله عليه وسلم.
ويوجب أيضًا من نعيم الجنة ما لم يطلع عليه العباد في الدنيا قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. اقرءوا إن شئتم: " فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفِي لهم من قُرَّةِ أعيُنٍ جزاءً بما كانوا يعملون ".
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
٢٥|٤|١٤٣٩هـالموافق ١٢|١|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ مهلكات، وثلاثٌ مُنجِيات، وثلاثٌ كفّارات، وثلاثٌ درجات.. " قال: " وأما الدرجاتُ فإطعامُ الطعام، وإفشاءُ السلام، وصلاةٌ بالليل والناسُ نيام ".
فالأول من الدرجات: إطعام الطعام: وقد جعله الله في كتابه من الأسباب الموجبة لدخول الجنة قال تعالى: " ويُطعِمون الطعامَ على حبِّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا. إنَّما نُطْعِمُكُم لوجهِ الله لا نُريدُ منكم جزاءً ولا شُكورًا. إنّا نخافُ من ربِّنا يوماً عبوسًا قَمطريرًا. فوقاهُمُ الله شرَّ ذلك اليومِ ولقّاهُمْ نَضْرةً وسُرورًا. وجزاهُم بما صَبروا جنَّةً وحريرًا ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام ".
وعن عبد الله بن سلَام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم انجفل الناس عليه فكنت فيمن انجفل فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته يقول: " أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله, أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ".
فإطعام الطعام يوجب دخول الجنة، ويُباعد من النار ويُنجّي منها كما قال تعالى: " فلا اقْتَحَمَ العَقَبةَ. وما أدْراك ما العقبةُ. فَكُّ رقَبةٍ. أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسْغَبةٍ. يتيمًا ذا مقربةٍ. أو مِسكينًا ذا مَتربةٍ " وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة ".
ويتأكد إطعام الطعام للجائع وللجيران خصوصًا.
عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفُكّوا العاني " وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: " يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك ".
وأفضل أنواع إطعام الطعام: الإيثارُ مع الحاجة كما وصف الله تعالى بذلك الأنصار رضي الله عنهم فقال: " ويُؤثِرونَ على أَنْفُسِهم ولو كانَ بهمْ خَصَاصَةٌ " وقد صح أن سبب نزولها أن رجلًا منهم أخذ ضيفًا من عند النبي صلى الله عليه وسلم يُضِيّفه، فلم يجد عنده إلا قوت صبيانه، فاحتال هو وامرأته حتى نوّما صبيانَهما، وقام إلى السراج كأنه يصلحه فأطفأه، ثم جلس مع الضيف يريه أنه يأكل معه ولم يأكل، فلما غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " عجب الله من صنيعكما الليلة " ونزلت الآية.
والثاني من الدرجات: إفشاء السلام: وهو من موجبات دخول الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ".
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " عشر " ثم جاء رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس فقال: " عشرون " ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس فقال: " ثلاثون ".
والسلام تحية هذه الأمة وهو عنوان الأمان، ونشرُه من حسن الخلق وأسباب المحبة والألفة بين المسلمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، الثالث من الدرجات: الصلاة بالليل والناس نيام: فالصلاة بالليل من موجبات الجنة كما دل عليه قوله تعالى: " إنَّ المتقين في جناتٍ وعُيونٍ. آخذين مآ آتاهم ربُّهم إنهم كانوا قبلَ ذلك مُحسنين. كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون. وبالأسحارِ هم يستغفرون. وفي أموالِهم حقٌ للسائلِ والمحرومِ " فوصفَهم بالتيقظ بالليل، والاستغفار بالأسحار، وبالإنفاق من أموالهم.
وقيام الليل يوجب علوّ الدرجات في الجنة، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: " ومن الليل فتهجَّدْ به نافلةً لك عسى أنْ يبعَثك ربُّك مقامًا محمودًا " فجعل جزاءه على التهجد بالقرآن بالليل أن يبعثه المقام المحمود، وهو أعلى درجاته صلى الله عليه وسلم.
ويوجب أيضًا من نعيم الجنة ما لم يطلع عليه العباد في الدنيا قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. اقرءوا إن شئتم: " فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفِي لهم من قُرَّةِ أعيُنٍ جزاءً بما كانوا يعملون ".
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق