تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 5 يناير 2018

الكفارات الثلاث

الكفارات الثلاث
١٨|٤|١٤٣٩هـالموافق ٥|١|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثٌ مهلكات، وثلاثٌ مُنجِيات، وثلاثٌ كفّارات، وثلاثٌ درجات.. قال: وأما الكفاراتُ فانتظارُ الصلاة بعد الصلاة، وإسباغُ الوضوء في السبَرات، ونقلُ الأقدام إلى الجماعات.. " رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.
فمن كفارات الذنوب: انتظار الصلاة بعد الصلاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ".. وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط " فجعل هذا من الرباط في سبيل الله عز وجل، وهذا أفضل من الجلوس قبل الصلاة لانتظارها، فإن الجالس لانتظار الصلاة ليؤديها ثم يذهب تقصر مدة انتظاره، بخلاف من صلى صلاة ثم جلس ينتظر أخرى فإن مدته تطول، فإن كان كلما صلى صلاة جلس ينتظر ما بعدها استغرق عمره بالطاعة، وكان ذلك بمنزلة الرباط في سبيل الله عز وجل.
ويدخل في انتظار الصلاة بعد الصلاة الجلوسُ للذكر والقراءة وسماع العلم وتعليمه ونحو ذلك حتى تقام الصلاة.
والجالس قبل الصلاة في المسجد لانتظار الصلاة لا يزال في صلاة حتى يصلي قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. ولا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة ".
ومن كفارات الذنوب: إسباغ الوضوء في السَّبَرات، والسبَرات جمع سبْرة، وهي شدة البرد، ولا ريب أن إسباغ الوضوء في شدة البرد يشق على النفس وتتألم به، وكل ما يؤلم النفس ويشق عليها فإنه كفارة للذنوب وإن لم يكن للإنسان فيه صنع ولا تسبُّب كالمرض ونحوه. ويجب الصبر على الألم بذلك، فإن حصل به رضىً فذلك مقام خواص العارفين المحبين.
ويُنسي ألم البرد: تذكرُ فضل الوضوء من حطّه الخطايا، ورفعِه للدرجات وحصولِ الغرّة والتحجيل به، وبلوغِ الحلية في الجنة إلى حيث يبلغ الوضوء، وهذا كما انكسر ظفر بعض الصالحات من عثرة عثرتْها فضحكت وقالت: أنساني حلاوةُ ثوابِه مرارةَ وجعِه. وقال بعض العارفين: من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال.
ويُنسي ألم البرد: تذكرُ ما أعده الله عز وجل لمن عصاه بالبرد والزمهرير، فإن شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم، فملاحظة هذا الألم الموعود يهوّن الإحساس بألم برد الماء.
ويُنسي ألم البرد: ملاحظةُ جلال مَن أمَرَ بالوضوء، ومطالعة عظمته وكبريائه، وتذكرُ التهيؤ للقيام بين يديه ومناجاته في الصلاة فذلك يهوِّن كل ألم ينال العبد في طلب مرضاته من برد الماء وغيره، وربما لم يشعر بالماء بالكلية كما قال بعض العارفين: بالمعرفة هانت على العاملين العبادة.
ويُنسي ألم البرد: استحضارُ اطلاع الله عز وجل على عبده في حال العمل له، وتحملِ المشاق لأجله، فمن تيقنّ أن البلاء بعين من يحبه هان عليه الألم كما أشار تعالى إلى ذلك بقوله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: " واصبر لحُكمِ ربِّكَ فإنَّكَ بأعْيُنِنا " وقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: " لا تخافا إنَّني مَعَكُما أسمعُ وأرى " وقال صلى الله عليه وسلم: " اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك ".
فإسباغ الوضوء في البرد لا سيما في الليل يطلع الله عليه، ويرضى به، ويباهي به الملائكة، فاستحضار ذلك يهوِّن ألم برد الماء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور، وعليه عُقَد، فإذا وضّأ يديه انحلت عُقْدة، فإذا وضأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله جل وعلا للذي وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه لِيسألني، ما سألني عبدي هذا فهو له، ما سألني عبدي هذا فهو له ".
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، ومن كفارات الذنوب: المشيُ على الأقدام إلى الجماعات وإلى الجمعات، ولا سيما إن توضأ الرجل في بيته ثم خرج إلى المسجد لا يريد بخروجه إلا الصلاة فيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ".. إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطُ خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاّه: " اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه. ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة ". وقال صلى الله عليه وسلم: " من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطوتاه: إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة ". وقال: " كل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ".
فهذا الحديث يدل على أن تكلف الطهارة في البرد والمشي إلى المساجد خصوصًا في الظلام والمحافظة على الجماعة وانتظارها مما يكفر الله به الخطايا ويمحو به السيئات ومما يؤسف إضاعة الصلاة من كثير من الشباب من أجل كرة القدم واللهو واللعب فتراهم يسمعون المنادي ينادي: حي على الصلاة حي على الفلاح، ولا يجيبون..
أصلح الله أحوالنا وأحوال المسلمين..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More