تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 9 فبراير 2018

ما لكم لا ترجون لله وقارا

( ما لكم لا ترجون لله وقارًا )
٢٣|٥|١٤٣٩هـالموافق ٩|٢|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، لا أعظم من الله ولا أكبر ولا أجل ولا أعلى فهو العظيم الذي لا أعظم منه والكبير الذي لا أكبر منه والجليل الذي لا أجل منه والعلي الذي لا أعلى منه وهو على كل شيء قدير وبكل شيء بصير وهو الخالق الذي لا خالق غيره والرب الذي خلق فسوى وقدر فهدى والمألوه الذي يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن وهو القريب المجيب الذي خلق الأرض والسموات والعلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم هو الأول فلا شيء قبله والآخر فلا شيء بعده والظاهر فلا شيء فوقه والباطن فلا شيء دونه عالم الغيب والشهادة فالق الحب والنوى.
أحق من عبد وأرأف من ملك وأجود من سئل وأوسع من أعطى وأعظم من ابتغي القلوب إليه مفضية والسر عنده علانية.
أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلًا ما تشكرون.
إذا قضى الأمرَ في السماء ضربت الملائكةُ بأجنحتها خُضْعانًا لقوله، كأنه سِلسلة على صفْوان، ينفذهم ذلك (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ).
الخلائق كلها في ملكه وسلطانه والكائنات كلها تحت أمرِه والمخلوقات كلها تحت تصرفه وقهره بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرًا فإنما يقول له: كن فيكون.
(اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ).
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وسع كل شيء رحمة وعلمًا وأحاط بكل شيء قدرة وحكمًا.
من عرف الله حق معرفته خافه حق مخافته ورجاه حق رجائه وسكن قلبه وجوارحه ولان فؤاده واستيقظ ضميره وصمت كثيرًا في هذه الدنيا مخافة الزلل وحاسب نفسه على القول والعمل قبل هجوم الأجل.
وكلما زاد العلم والمعرفة زاد الخوف والوجل وزادت الخشية والعمل قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني أخشاكم لله وأتقاكم له).
ولما عرف جبريل من الله ما عرف ذاب من الخوف حتى صار كالثوب البالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحِلْس البالي من خشية الله تعالى).
هذا وهو شديد القوى ذو مِرَّة فاستوى وهو صاحب الخَلْق العظيم والقوةِ الباهرة والبهاءِ الكريم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (رأيت جبريل عند سدرة المنتهى عليه ستمائة جناح ينتثر من ريشه التهاويل: الدرُّ والياقوت).
فهذا خلقه الذي خلقه الله عليه لكنه لما دنا من الحضرة الإلهية ذوَى حتى عاد كالحِلْس البالي.
وملك آخر يحدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: (أُذِن لي أن أحدِّث عن ملَكٍ من ملائكة الله من حملة العرش إنَّ ما بين شحمة أُذُنِه إلى عاتقه مسيرةُ سبعِمِائةِ عام).
فإذا كان هذا في مخلوق من مخلوقات الله فكيف بالله جل شأنه وتقدست أسماؤه!
قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، سب الدين والرب والاستهزاء بالله وآياته ورسوله عمل من أعمال المنافقين الخالية قلوبهم من تعظيم رب العالمين وهو كفر باتفاق المسلمين قال ابن تيمية رحمه الله: (إنَّ سبَّ اللهِ أو سبَّ رسولِه كفرٌ ظاهرًا وباطنًا سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلًا له أو كان ذاهلًا عن اعتقاده هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل).
وكيف تطاوع الإنسان نفسه على هذا النوع من السب الذي تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدًّا!
وأيُّ جريمةٍ يرتكبها الإنسان حين يسب الله الذي خلقه فسواه فعدله! أو يسب من أرسله الله رحمة للعالمين! أو يسب الدين الذي أتم الله به النعمة على عباده ورضيه لهم دينًا!
وكيف يتجرأ المخلوق من طين على سب رب العالمين!
وفي الحديث: (إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخَط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم).
عافاني اللهُ وإياكم وجميعَ المسلمين من غضبه وعقابه وأسبابِ عذابِه.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More