تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 2 مارس 2018

صلاة الاستسقاء

صلاة الاستسقاء
١٤|٦|١٤٣٩هـالموافق ٢|٣|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون, (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا) أي يُدخل الليلَ على النهار، فيُلبِسُه إياه حتى يذهبَ نوره، ويُدخلَ النهارَ على الليل فيذهب ظلامه، وكل واحد منهما يطلب الآخرَ سريعًا دائمًا.
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) أي ادعوا ربكم متذللين له خفية وسرًّا، وليكن الدعاءُ بخشوع، إن الله تعالى لا يحب المتجاوزين حدودَ شرعِه، وأعظمُ التجاوز الشركُ بالله، كدعاء غير الله من الأموات والأوثان، ونحو ذلك.
(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي هو الذي يرسل الرياحَ الطيبة الليِّنة مُبشِّراتٍ بالغيث الذي تثيره بإذن الله، فيستبشرُ الخلقُ برحمة الله، حتى إذا حملت الريحُ السحابَ المحمَّلَ بالمطر ساقه الله بها لإحياء بلدٍ قد أجدبت أرضُه، ويَبِست أشجارُه وزرعُه، فأنزل به المطر، فأخرج به الكلأَ والأشجارَ والزروع، فعادت أشجارُه محمَّلةً بأنواع الثمرات، كما نحيي هذا البلدَ الميِّتَ بالمطر نخرجُ الموتى من قبورهم أحياءً بعد فنائهم.
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) أي هو الذي ينزِّل المطرَ من السماء، فيغيثُهم به من بعد ما يَئِسوا من نزوله، وينشرُ رحمتَه في خلقه، فيعمُّهم بالغيث، وهو الوليُّ الذي يتولى عبادَه بإحسانه وفضله، الحميدُ في ولايته وتدبيره.
(اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي هو الذي يرسلُ الرياح فتثيرُ سحابًا مُثْقَلًا بالماء، فينشرُه في السماء كيف يشاء، ويجعلُه قطعًا متفرقة، فترى المطرَ يخرُجُ من بين السحاب، فإذا ساقه الله إلى عباده إذا هم يستبشرون ويفرحون بأن الله صرف ذلك إليهم.
(وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) أي في يأس وقنوط بسبب احتباس المطر عنهم.
(فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي انظر نظَرَ تأمُّلٍ وتدبُّرٍ إلى آثار المطر في النبات والزروع والشجر، كيف يحيي به اللهُ الأرضَ بعد موتها، فينبتها ويعشبها. إن الذي قَدَر على إحياء هذه الأرض لمحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.
عبادَ الله، الغيث آية من آيات الله تدل على علمه وحكمتِه وقدرتِه ورحمته، يصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء.
ومن أسباب حبس القَطرِ من السماء: الذنوبُ والمعاصي خاصة الذنوبُ المالية كالغش التجاري والتطفيف في المكيال والميزان وعدم أداء زكاة المال والتلاعب بالأموال العامة فما تجرأ قوم على محارم الله وأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وتخوّضوا في مال الله وحرموا المساكين حقهم إلا حرمهم اللهُ رحمتَه وعاقبهم من جنس أعمالهم، فالذين يَحرِمون المستحقين يحرِمهم الله فضله والذين يعذِّبون الناس يعذِّبهم الله كما أن الراحمين يرحمهم الله ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة.
عن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتُلِيتُم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشةُ في قومٍ قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذُوا بالسنين وشدة المئونة وجَور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء ولولا البهائمُ لم يُمطَروا، ولم ينقضُوا عهدَ الله وعهدَ رسولِه إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعضَ ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتُهم بكتاب الله ويتخيَّروا مما أنزل الله إلا جعل اللهُ بأسَهم بينهم) فهذا الحديث يصف الداء والدواء، ويكشف موضعَ الخلل، ويقدم الحل..
فهل من توبة خالصة، وعودةٍ راشدة من الطريق الخطأ إلى الطريق الصحيح؟ اللهم لك أسلمنا وعليك توكلنا وبك آمنا وإليك أنبنا وبك خاصمنا وإليك حاكمنا فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا أنت المقدم وأنت المؤخِّر أنت إلهنا لا إله إلا أنت.
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة يخرج بهم الإمام إلى المصلى في تواضعٍ وخشوعٍ وتضرعٍ وخضوع، وقبل الخروج يعِظُهم ويخوّفهم عذابَ الله ويذكِّرُهم بالعواقب ويأمرُهم بالصدقة وأنواع البر وبالخروج من المظالم والتوبة من المعاصي؛ فإن هذه الأمور سببُ انقطاعِ الغيث والعيون وغورِ المياه في الآبار وحرمانِ الرزق وسببُ الغضب وإرسالِ العقوبات من الخوف والجوع ونقص الأموال والزروع والثمرات بل سبب تدمير أهل ذلك الإقليم قال الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا).
ويصلي بهم الإمام ركعتين كصلاة العيدين يكبر في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا يجهر فيهما بالقراءة ويخطب بعدهما خطبتين وفي أثناء الخطبة الثانية يتوجّه الخطيب إلى القبلة ويحول رداءه فيحول الناس أرديتهم تفاؤلًا بتحول الحال من الشدة إلى الرخاء، فيدعو ويرفع يديه ويؤمّن الناس على دعائه..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More