الفتن والهرج
٢١|٦|١٤٣٩هـالموافق ٩|٣|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنا عند عمر رضي الله عنه فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل. قال: تلك تكفّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكَتَ القومُ فقلت: أنا. قال: أنت لله أبوك!
قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تُعرَض الفتنُ على القلوب كالحصير عُودًا عُودًا فأي قلب أُشرِبها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيضَ مثلِ الصفا فلا تضرُّه فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخَر أسودُ مُربادًّا كالكوز مُجخِّيًا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا إلا ما أُشرِب من هواه).
قال حذيفة: وحدثته أن بينك وبينها بابًا مغلقًا يوشك أن يُكسَر.
قال عمر: أكسرًا لا أبا لك فلو أنه فتِح لعله كان يعاد، قلت: لا بل يكسر، وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثًا ليس بالأغاليط.
عباد الله، تعالوا نقتبس من نور هذا الحديث ما ينفعنا في ديننا ودنيانا ويرفعُ عنا الحجاب فنرى واقعَنا ونبصرُ طريقَنا وما يرصدنا من المخاطر ويحيط بنا من الشرور والفتن.
فالحديث يشير إلى أن الفتن أنواع صغار وكبار وخاصة وعامة.. فتنة تعقبها عافية وفتنة ترمي بك في الهاوية.. فتن صغرى كذنوب الرجل في ماله وأهله وولده كالبخل والمحبة المفرطة التي تلهي عن ذكر الله وعدم أداء الحقوق إلى أهلها وإيذاء الجار والتقصير في حقه ونحو ذلك مما يقتضي المعاقبة وقد يغفره الله بالصلاة والصوم والصدقة فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وهناك فتن كبار تموج كما تموج البحار وتتلاعب بالناس كما يتلاعب الموج بالقارب الصغير يغرق في لُجَّتِها من مال إليها وسكن إليها وطاب له العيش في أكنافها.
ولا تزال الفتن الصغيرة تغلق نوافذ القلب وتطفئ شموع الحق في الضمير حتى يصبح القلب أسود شديد السواد كالكوز المنكوس مهما سكبت عليه من الماء البارد العذب لا ينفعه لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا وتسوقه الفتن الصغيرة نحو الفتن الكبيرة المظلمة.
وينجو من لهيب تلك الفتن من قاوم الذنوب والفتن الصغيرة وأنكر بداياتِها ومطالعَها وأوقد مصابيح الهدى في قلبه فأبصر شرها في الحال والمآل وعاقبتها الوخيمة المستورة خلف منظرِها الجميل وطعمِها اللذيذ.
تعرض الفتن على القلوب واحدةً بعد الأخرى كأعواد الحصير كلما انكسرت فتنة بدأت فتنة.
والقلوب تجاه هذه الفتن ضربان:
ضرب يسمح بدخول الفتن إليه وتمكنها منه واختلاطها به فيظلم شيئًا فشيئًا حتى لا يبقى معه من النور شيء فيصير إلى حالة لا يميز فيها بين الخير والشر والحق والباطل والمعروف والمنكر لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه.
والضرب الثاني قلب سليم ينكر الفتن ويردها ويدفعها ويحافظ على ما معه من النور فيميز الهدى من الضلال والخير من الشر بل تلك الفتن تزيده قوة وصلابة حتى يصير مثل الحجر الأملس الصلب لا تنفذ فيه فتنة ولا يتخلله هوى.
اللهم إنا نسألك قلوبًا سليمة ترى الحق وتعمل به وتثبت عليه..
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، معنى حديث حذيفة في الفتن أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبَه بكل معصية يتعاطاها ظلمة وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الاسلام والقلب مثل الكوز فاذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك.
ودون الفتن والاضطرابات الشديدة كان عمر بابًا مغلقًا فلم يخرج منها شيء في حياته فلما مات انكسر الباب وتدفقت الفتن والاضطرابات تدفق السيل في المجرى ولا تزال الفتن تزيد منذ ذلك الحين حتى تبلغ منتهاها بخروج الأعور الدجال.
ويؤجج نيرانَ الفتن الجهلُ والهوى ومحبة الجاه والمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسدَ لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه).
وفي الحديث تحذير من الذنوب صغيرها وكبيرها وعدمُ احتقار صغائر الذنوب فإنها إذا اجتمعت على المرء تهلكه..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
٢١|٦|١٤٣٩هـالموافق ٩|٣|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كنا عند عمر رضي الله عنه فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل. قال: تلك تكفّرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكَتَ القومُ فقلت: أنا. قال: أنت لله أبوك!
قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تُعرَض الفتنُ على القلوب كالحصير عُودًا عُودًا فأي قلب أُشرِبها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيضَ مثلِ الصفا فلا تضرُّه فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخَر أسودُ مُربادًّا كالكوز مُجخِّيًا لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا إلا ما أُشرِب من هواه).
قال حذيفة: وحدثته أن بينك وبينها بابًا مغلقًا يوشك أن يُكسَر.
قال عمر: أكسرًا لا أبا لك فلو أنه فتِح لعله كان يعاد، قلت: لا بل يكسر، وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثًا ليس بالأغاليط.
عباد الله، تعالوا نقتبس من نور هذا الحديث ما ينفعنا في ديننا ودنيانا ويرفعُ عنا الحجاب فنرى واقعَنا ونبصرُ طريقَنا وما يرصدنا من المخاطر ويحيط بنا من الشرور والفتن.
فالحديث يشير إلى أن الفتن أنواع صغار وكبار وخاصة وعامة.. فتنة تعقبها عافية وفتنة ترمي بك في الهاوية.. فتن صغرى كذنوب الرجل في ماله وأهله وولده كالبخل والمحبة المفرطة التي تلهي عن ذكر الله وعدم أداء الحقوق إلى أهلها وإيذاء الجار والتقصير في حقه ونحو ذلك مما يقتضي المعاقبة وقد يغفره الله بالصلاة والصوم والصدقة فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وهناك فتن كبار تموج كما تموج البحار وتتلاعب بالناس كما يتلاعب الموج بالقارب الصغير يغرق في لُجَّتِها من مال إليها وسكن إليها وطاب له العيش في أكنافها.
ولا تزال الفتن الصغيرة تغلق نوافذ القلب وتطفئ شموع الحق في الضمير حتى يصبح القلب أسود شديد السواد كالكوز المنكوس مهما سكبت عليه من الماء البارد العذب لا ينفعه لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا وتسوقه الفتن الصغيرة نحو الفتن الكبيرة المظلمة.
وينجو من لهيب تلك الفتن من قاوم الذنوب والفتن الصغيرة وأنكر بداياتِها ومطالعَها وأوقد مصابيح الهدى في قلبه فأبصر شرها في الحال والمآل وعاقبتها الوخيمة المستورة خلف منظرِها الجميل وطعمِها اللذيذ.
تعرض الفتن على القلوب واحدةً بعد الأخرى كأعواد الحصير كلما انكسرت فتنة بدأت فتنة.
والقلوب تجاه هذه الفتن ضربان:
ضرب يسمح بدخول الفتن إليه وتمكنها منه واختلاطها به فيظلم شيئًا فشيئًا حتى لا يبقى معه من النور شيء فيصير إلى حالة لا يميز فيها بين الخير والشر والحق والباطل والمعروف والمنكر لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه.
والضرب الثاني قلب سليم ينكر الفتن ويردها ويدفعها ويحافظ على ما معه من النور فيميز الهدى من الضلال والخير من الشر بل تلك الفتن تزيده قوة وصلابة حتى يصير مثل الحجر الأملس الصلب لا تنفذ فيه فتنة ولا يتخلله هوى.
اللهم إنا نسألك قلوبًا سليمة ترى الحق وتعمل به وتثبت عليه..
أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، معنى حديث حذيفة في الفتن أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبَه بكل معصية يتعاطاها ظلمة وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الاسلام والقلب مثل الكوز فاذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك.
ودون الفتن والاضطرابات الشديدة كان عمر بابًا مغلقًا فلم يخرج منها شيء في حياته فلما مات انكسر الباب وتدفقت الفتن والاضطرابات تدفق السيل في المجرى ولا تزال الفتن تزيد منذ ذلك الحين حتى تبلغ منتهاها بخروج الأعور الدجال.
ويؤجج نيرانَ الفتن الجهلُ والهوى ومحبة الجاه والمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسدَ لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه).
وفي الحديث تحذير من الذنوب صغيرها وكبيرها وعدمُ احتقار صغائر الذنوب فإنها إذا اجتمعت على المرء تهلكه..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق