تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 4 مايو 2018

فضائل عثمان بن عفان

فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه
١٨|٨|١٤٣٩هـالموافق ٤|٥|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة وجد أن الماء العذب قليل، وليس بالمدينة ما يستعذب غير بئر رُومَة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يشتري بئرَ رُومَة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخيرٍ له في الجنة " وقال صلى الله عليه وسلم: ' من حفر بئر رُومَة فله الجنة ".
وكانت رُومَة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم لا يشرب منها أحد إلا بثمن، فلما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء، وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رُومَة، وكان يبيع منها القِربة بِمُدّ، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم: " تبيعها بعين في الجنة؟ " فقال: يا رسول الله, ليس لي ولا لعيالي غيرُها، فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتجعل لي فيها ما جعلتَ له؟ قال: " نعم " قال: قد جعلتُها للمسلمين.
ولما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده في المدينة، صار المسلمون يجتمعون فيه ليصلوا الصلوات الخمس، ويحضروا خطب النبي صلى الله عليه وسلم، ويتعلموا في المسجد أمورَ دينهم، فضاق المسجد بالناس، فرغِب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الصحابة أن يشتري بقعة بجانب المسجد لكي تزاد في المسجد حتى يتسع لأهله، فقال صلى الله عليه وسلم: " من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ " فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه من صلب ماله بخمسة وعشرين ألف درهم، ثم أضيفت للمسجد، ووسع على المسلمين رضي الله عنه وأرضاه.
وعندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحيل إلى غزوة تبوك حثَّ الصحابة الأغنياء على البذل لتجهيز جيش العسرة الذي أعده رسول الله صلى الله عليه وسلم لغزو الروم، فأنفق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال، كلٌّ على حسب طاقته وجهده، أما عثمان فقد أنفق نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.
قال ابن شهاب الزهري: قدَّم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيرًا، وستين فرسًا أتمَّ بها الألف، وجاء عثمان إلى رسول الله في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبَّها بين يديه، فجعل الرسول يقلِّبها بيده ويقول: " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " مرتين.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة - يعني بستان، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " افتح له، وبشره بالجنة " ففتحتُ له فإذا هو أبو بكر فبشّرتُه بما قال رسول الله، فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " افتح له وبشره بالجنة " ففتحتُ له فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم استفتح رجل فقال لي: " افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " فإذا هو عثمان، فأخبرتُه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم قال: الله المستعان.
وعن أنس رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف، فقال: " اسكن أحد، فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ".
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي كاشفًا عن ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوّى ثيابه، فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتشَّ له ولم تُبَالِه، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تبالِه، ثم دخل عثمان فجلستَ وسوَّيتَ ثيابَك، فقال: " ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكة ! ".
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرحم أمتي أبو بكر، وأشدُّها في دين الله عمر، وأصدقُها حياءً عثمان، وأعلمُها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرأها لكتاب الله أُبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، كان مقتلُ عثمان فتنة عظيمة..
عن عبد الله بن حَوالَة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من نجا من ثلاث فقد نجا - ثلاث مرات -: موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه ".
وعن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل فقال: " يُقتَل فيها هذا المقَنَّع يومئذٍ مظلومًا " قال: فنظرتُ فإذا هو عثمان بن عفان.
وعن عائشة قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت إحدانا على الأخرى, فكان آخر كلام كلَّمه أن ضرب منكبه وقال: " يا عثمان، إن الله عز وجل عسى أن يُلبِسَك قميصًا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني، يا عثمان، إن الله عسى أن يلبسك قميصًا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني "  - ثلاثًا -.
وعن نائلةَ بنتِ الفَرافِصة امرأةِ عثمانَ بنِ عفان قالت: نعس أمير المؤمنين عثمان فأغفى، فاستيقظ، فقال: لَيَقْتُلَنَّنِي القوم. قلت: كلاّ إن شاء الله، لم يبلغ ذاك، إن رعيتّك استعتبوك، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وأبوبكر، وعمر فقالوا: تفطر عندنا الليلة!
وكان عثمان من أهل القرآن وكان يقول: لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله عز وجل. وقال: إني لأكره أن يأتي عليَّ يوم لا أنظر فيه إلى عهد الله - يعني المصحف -. وقال: حُبب إليَّ من الدنيا ثلاث: إشباع الجيعان، وكسوة العريان، وتلاوة القرآن.
وكان ربما قرأ القرآن كله في ركعة..
عن السائب بن يزيد أن رجلًا سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد الله فقال: إن شئتَ أخبرتُك عن صلاة عثمان رضى الله عنه فقال: نعم قال: قلتُ لأَغْلِبَنَّ الليلة على الحجَر - يعني مقام إبراهيم - فقمتُ فلما قمتُ إذا أنا برجل مقنَّع يزاحمني فنظرت فإذا عثمان بن عفان رضى الله عنه فتأخرت عنه فصلى فإذا هو يسجد سجود القرآن حتى إذا قلت: هذه هوادي الفجر أوتر بركعة لم يصل غيرها.
وعن ابن سيرين قال: قالت نائلة بنتُ الفَرافِصة الكلبية امرأة عثمان حين دخلوا على عثمان ليقتلوه: إن تقتلوه أو تدَعوه فقد كان يحيى الليل كلَّه بركعة يجمع فيها القرآن!
رضي الله عنك يا ذا النورين..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More