تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 4 مايو 2018

فضائل عمر بن الخطاب - التصالح والتسامح

فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه – التصالح والتسامح
١١|٨|١٤٣٩هـالموافق ٢٧|٤|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، يَروي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا منامية - ورؤيا الأنبياء حق - قال: " رأيتُني دخلتُ الجنة - يعني رأيتُ نفسي في المنام دخلتُ الجنة - فإذا أنا بالرُّمَيصَاء، امرأةِ أبي طلحة، وسمعتُ خَشَفةً - يعني صوتَ حركةٍ خفيفة – فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال. ورأيت قصرًا بفِنائه جاريةٌ فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: لعمر. فأردتُ أن أدخلَه، فأنظرَ إليه، فذكرتُ غَيرتَك " فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله, أَعليكَ أغار!
وفي رواية: " بينا أنا نائم، رأيتُني في الجنة، فإذا امرأةٌ تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر. فذكرت غيرتَه فولَّيتُ مُدْبِرًا " فبكى عمر! وقال: أَعليكَ أغار يا رسول الله!
وكان عمر رضي الله عنه وعاءً من أوعية العلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أنا نائم، شربتُ - يعني - اللبن، حتى أنظرَ إلى الرِّيِّ يجري في ظفري أو في أظفاري، ثم ناولتُ عمر " فقالوا: يا رسول الله فما أوَّلتَه؟ قال: " العلم ".
وفي عهده رضي الله عنه كثرت الفتوحات واتسعت رقعة الدولة الإسلامية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُرِيتُ في المنام أني أنزِعُ بدَلْوِ بَكَرةٍ - وهي الخشبة المستديرة التي يُعَلَّق فيها الدلو - على قَلِيبٍ - وهي البئر المحفورة قبل بناء جدرانها - فجاء أبو بكر فنزعَ ذَنوبًا أو ذَنوبين - والذَّنُوب الدلو الممتلئ ماء - نزعًا ضعيفًا، والله يغفر له، ثم جاء عمرُ بنُ الخطاب، فاستحالت غَرْبًا - هو الدلو الكبير وهو أكبر من الذَّنُوب - فلم أرَ عبقريًّا - والعبقري الحاذق في عمله - يَفْرِي فَرِيَّهُ - يعني يعمل عملًا مُصلَحًا وجيدًا مثلهَ ويَقْوَى قوَّتَه - حتى رَوِيَ الناس، وضربوا بعَطَن " أي استقر أمرهم، وأصله من إقامة الإبل بمكانها بعد الشرب.
قال الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - : قَوْلُهُ: " وفي نَزْعِهِ ضَعْفٌ " يعني قِصَرَ مُدَّتِهِ وَعَجَلَةَ مَوْتِهِ وَشَغْلَهُ بِالْحَرْبِ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ عن الِافْتِتَاحِ وَالتَّزَيُّدِ الذي بَلَغَهُ عُمَرُ في طُولِ مُدَّتِهِ.
ومن مناقب عمر رضي الله عنه أن الشيطان يَفْرَق من ظلِّه، فإذا رآه في طريق واسع ترك له الطريق مع اتساعه وسلك طريقًا آخر ليس فيه عمر!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إيهًا يا ابنَ الخطاب! والذي نفسي بيده, ما لقِيَكَ الشيطانُ سالكًا فَجًّا قط إلا سلك فَجًّا غيرَ فَجِّك ".
ومن يوم دخل عمر في الإسلام والمسلمون في عزة ومنعة قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر ".
ولما توفي رضي الله عنه دخل الناس يودِّعونه فكان في الداخلين عليه عليُّ بنُ أبي طالب رضي الله عنه فأثنى عليه خيرًا ودعا له.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وُضِع عمر على سريره فتكنَّفه الناس - أي أحاطوا به من جميع النواحي - يَدعُون ويصلُّون قبل أن يُرفع، وأنا فيهم، فلم يَرُعْنِي إلا رجلٌ آخذٌ منكبي، فإذا عليُّ بنُ أبي طالب، فترحَّم على عمر وقال: ما خلَّفتُ أحدًا أحبَّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عملِه منك! وأَيمُ الله، إن كنتُ لأظن أن يجعلك الله مع صاحبَيك، وحسِبتُ، إني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمر وخرجتُ أنا وأبو بكر وعمر ".
يعني كنت أرجو وأتوقع أن يجعلك الله مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بعد الموت كما كنتَ معهما في الحياة؛ لكثرة ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر.
وعن أسلم مولى عمر رضي الله عنه قال: سألني ابنُ عمر عن بعض شأنه - يعني عمر - فأخبرتُه فقال: ما رأيتُ أحدًا قط بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حين قُبِضَ كان أجدَّ وأجودَ حتى انتهى من عمرَ بنِ الخطاب.
يعني ما رأيت أحدًا كان اشتد اجتهادًا في الأمور وجُودًا في الأموال إلى آخر لحظة في حياته من عمر رضي الله عنه وأرضاه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم ناسٌ محدَّثون، فإن يكُ في أمتي أحد فإنه عمر ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بينا أنا نائمٌ رأيتُ الناس عُرِضُوا عليَّ وعليهم قُمُص، فمنها ما يبلغ الثُّدِيَّ، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعُرِضَ عليَّ عمر وعليه قميص اجترَّه " - يعني سحبه على الأرض من طوله - قالوا: فما أوَّلتَه يا رسول الله؟ قال: " الدِّين ".
فالقميص السابغ دليل على تمام الدين وكمال الإيمان.
رضي الله عنك يا أمير المؤمنين ورضي عن أصحاب رسول الله أجمعين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، هذه دعوة مفتوحة للتسامح والتصالح قبل نصف شعبان وقبل دخول رمضان، فليصالح كلُّ مسلم قريبَه، وصاحبَه، وجارَه، وأهلَه، وولَده، ووالدَه.. وليعفُ عما سلف..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ إصلاحُ ذات البين؛ فإن فسادَ ذات البين هي الحالقة ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسدُ والبغضاء، هي الحالقة، حالقةُ الدين لا حالقةُ الشعر، والذي نفس محمد بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ".
فأفشوا السلام بينكم معاشر المسلمين، وتسامحوا وتراحموا وتحابوا، يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم..
اللهم عفَونا عمن ظلمنا وحرمنا وقطعنا فاعف وتجاوز عنا يا خير الغافرين.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..   

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More