تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم

الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم
١٣|٣|١٤٣٩هـالموافق ١|١٢|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ".
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
محبة الله تعالى والأنسُ بذكره وحمدُه وشكرُه على النعم الظاهرة والباطنة: قال تعالى: " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ " وقد هدانا الله عز وجل، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وهدانا لما اختلف فيه أهل الكتاب، وهدانا لهذا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهو النعمة العظمى، والفخرُ الأسمى وقد جمع الله هذه النعم فقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا* هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا* تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا* يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا* وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا* وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ".
فعليك بالخلوات " وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ "  قال الإمام أحمد رحمه الله: " رأيت الخلوة أروحَ لقلبي " وقال ابن القيم رحمه الله: " حدثني بعض أقارب شيخ الإسلام ابن تيمية  رحمه الله قال: كان في بداية أمره يخرج أحيانًا إلى الصحراء يخلو عن الناس؛ لقوة ما يَرِدُ عليه، فتبعتُه يومًا، فلما أصحرَ تنفس الصُعَداء، ثم جعل يتمثل بقول الشاعر:
وأخرجُ من بين البيوت لعلني*
أحدِّث عنكَ النفسَ بالسرِّ خاليًا".
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
تقديم محبته صلى الله عليه وسلم وأقواله وأوامره على من سواه، وتعظيم ذلك بدءًا من المحبة القلبية وتمني رؤيتِه وصحبتِه، وانتهاءً بالعمل بشريعته ظاهرًا وباطنًا: كما قال صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " ويتجلى هذا الحب إذا تعارض مع أحد هذه المحبوبات ما أحبه الله ورسوله ورضيه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ويبلغ الحبُّ مبلغَه في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من أشد أمتي لي حبًا ناس يكونون من بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله ".
ومما يجلب حنانَ القلب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمَه: تذكُّرُ أحوالِه في حرصه على أمتِه ورأفتِه ورحمتِه بهم وما لاقاه من الأذى والكيد من المشركين في مكة والطائف ومن اليهود والمنافقين في المدينة، وتذكُّرُ الأجر الوارد في محبة النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، وتذكُّرُ سماحة الإسلام به وبشريعته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا رحمة مهداة "، ومحبةُ ما أحبَّه وبغضُ ما أبغضه في المعاملات والآداب، بل لا يستقيم حبٌّ صحيح إلا بتتبعِ ما أحبه المحبوب والبعدِ عما أبغضه كما قال القائل:
أُريدُ وِصالَه ويُريد هَجْري*
فأترُكُ ما أُريدُ لما يُريدُ
وقال الآخَر:
فلو قالَ: مُتْ, مُتُّ سمعًا وطاعة*
وقُلتُ لداعي الموت: أهلًا ومرحبًا!
إنَّ هَواكَ الذي بقلبي*
صيَّرني سامعًا مُطيعًا
أخذتَ قلبي وغمضَ عيني*
سلبْتَني النومَ والهُجوعا
فذَرْ فؤادي وخُذْ رُقادي*
فقال: لا، بل هُما جميعًا
فهذا هو الحبُّ الكامل، والوَجْدُ الصادق، ولهذا يروى عن ذي النون المصري أنهم تكلموا في مسألة المحبة عنده فقال: اسكتوا؛ لئلا تسمعَها النفوس فتدَّعِيها.
رَضُوا بالأماني وابتُلُوا بحُظوظِهم*
وخاضوا بحارَ الحبِّ دعوى وما ابتلُّوا
فهم في السُّرى لم يَبرحوا من مكانهم*
وما ظَعَنُوا في السير عنه وقد كَلُّوا
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
تولي الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وذكرُ محاسنهم وفضائلِهم، والكفُّ عما شجر بينهم: فمن أحب الحبيب  أحبَّ ما يُحبُّ ومَن يُحِبُّ وأحبَّ بلَده وأهلَه وأصحابَه وكلَّ شيء له علاقة به.
تَمُرُّ الصَّبا صفحًا بسكُّان ذي الغَضا*
ويصدَعُ قلبي أن يَهُبَّ هُبوبُها
قريبةُ عهدٍ بالحبيبِ وإنما*
هوى كلِّ نفسٍ حيث حلَّ حبيبُها
فيا ساكني أكنافَ طيبةَ، كلُّكم*
إلى القلبِ من أجل الحبيبِ حبيبُ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبُّوا أحدًا من أصحابي؛ فإن أحدَكم لو أنفق مثلَ أحُدٍ ذهبًا ما أدرك مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه ".
وقال تعالى: " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
إجلالُ أهلِ بيتِ النبي صلى الله عليه وسلم وآلِه إجلالًا يليق بهم، وإكرامُ الصالحين منهم، وموالاتُهم، ومعرفةُ أقدارهم: قال أبوبكر رضي الله عنه: " ارقبوا محمدًا في أهل بيته ".
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
تعظيمُ السنة والآثار والأدلةِ من الوحيين قولًا وعملًا وعلمًا: قال ابن مسعود رضي الله عنه: " الاقتصادُ في السنة خيرٌ من الاجتهاد في البدعة " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كلَّ محدَثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة ".
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
إجلال العاملين بالسنة وتقديرهم وتوقيرهم: وخاصةً العلماء منهم فهم الشامة في جبين الأمة، والنور الذي يمشي بين الناس، كما هم الأمَنَةُ والأمناء على ميراث النبوة.
قال الشافعي رحمه الله: " إذا رأيت رجلًا من أصحاب الحديث فكأني رأيت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ".
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
الإكثارُ من قراءة السيرة النبوية والمطالعةِ فيها وتذكّرِ أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوالِه وأعمالِه.
قال شَقِيق البَلْخِي: قيل لابن المبارك: إذا أنتَ صليتَ، لِمَ لا تجلسُ معنا؟ قال: أجلسُ مع الصحابة والتابعين، أنظرُ في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم! أنتم تغتابون الناس.
لنا جلساءُ ما نَمَلُّ حديثَهم*
ألبّاءُ مأمونون غَيبًا ومَشهدًا
يُفِيدُوننا من علمِهم علمَ ما مضى*
وحلمًا وتأديبًا ورأيًا مسددًا.
ومن الأسباب الجالبة لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم:
الذبُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم والتصدي للمغرضين والمنافقين والمستشرقين والمستغربين الذين يبثون سمومهم في وسائل الإعلام المختلفة ووسائل الاتصال المتنوعة؛ محاربة للدين وإيذاء للمسلمين.
اللهم إنا نسألك إيمانًا لا يرتد ونعيمًا لا ينفد ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More