تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 23 فبراير 2018

الدين الحق

الدين الحق
٧|٦|١٤٣٩هـالموافق ٢٣|٢|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، تموج الأرض بعشرات الأديان، وآلاف المعبودات، وملايين العابدين، يَدْعُون الباطل ويتبعون الهوى ويفترون على الله الكذب، ويقولون على الله ما لا يعلمون، تصدهم الشياطين عن سبيل الله بما تُملِيه عليهم من الباطل، وتُوحيه إليهم من الإفك، فتخرجهم من النور إلى الظلمات، وتزين لهم أعمالهم  الباطلة، فلا يسمعون دعوة الحق، ولا يعقِلون كلام المرسلين قال تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وقال تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ. وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ).
ومن بين هذه الضلالات المتراكمة والظلام الأسود انبثق نور الإسلام من قلب الجزيرة العربية، فأضاء المشرق والمغرب، وأخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
ولا يزال أعداءُ الحق يحاولون إطفاءَ ذلك النور الباهر، وطمسَ ملامح الحنيفية السمحة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، وأن تبلغ دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ما بلغ الليل والنهار..
قال تعالى: ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
أي يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب (أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ) وهو ما بعث به رسوله من الهدى ودين الحق، بمجرد جدالهم وافترائهم، فمثَلُهم في ذلك كمثَل من يريد أن يطفئ شعاعَ الشمس، أو نورَ القمر بنفخِه، وهذا لا سبيل إليه، فكذلك ما أرسل الله به رسوله لا بد أن يتِمَّ ويظهر؛ ولهذا قال تعالى مقابلًا لهم فيما راموه وأرادوه: (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
ثم قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) فالهدى: هو ما جاء به من الأخبار الصادقة عن الله ورسل الله وعن الكون والحياة والدنيا والآخرة، وما جاء به من الإيمان الصحيح، والعلم النافع، ودين الحق وهو الأعمال الصالحة الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة.
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أي: على سائر الأديان، كما ثبت في الصحيح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله زَوَى لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ مُلكُ أمتي ما زُوي لي منها).
وعن تميم الداري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(ليبلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بلغ الليلُ والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مدَرٍ ولا وَبَرٍ الا أدخله الله هذا الدين، بعِزِّ عزيزٍ أو بذُلِّ ذليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر).
وكان تميم الداري رضي الله عنه يقول: قد عرفتُ ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعِز، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذلُّ والصَّغارُ والجزية.
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: لما بلغني خروجُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كرهت خروجه كراهة شديدة خرجتُ حتى قدمتُ على قيصر، فكرهت مكاني ذلك أشدَّ من كراهيتي لخروجه، فقلت: والله لولا أتيتُ هذا الرجل فإن كان كاذبًا لم يضرني، وإن كان صادقًا علمتُ، فقدمتُ فأتيته، فلما قدمتُ قال الناس: عديُّ بن حاتم، عديُّ بن حاتم. قال: فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا عديُّ بنَ حاتم أسلم تسلم ثلاثًا. قلت: إني على دين. قال: أنا أعلم بدينك منك. فقلت: أنت أعلم بديني مني! قال: نعم ألستَ من الرُّكوسِيّة - قوم بين النصارى والصابئة - وأنت تأكل مرباع قومك؟ - والمرباع هو الربع كان يأخذه الرئيس مع المغنم في الجاهلية - قلت: بلى. قال: فإن هذا لا يحل لك في دينك. قال: فلم يعدُ أن قالها فتواضعتُ لها. فقال: أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام, تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب. أتعرف الحيرة؟ قلت: لم أرها وقد سمعت بها. قال: فو الذي نفسي بيده ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمرَ حتى تخرج الظعينة من الِحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد وليُفتَحَنّ كنوزُ كسرى بنِ هرمز قلت: كسرى بن هرمز! قال: نعم كسرى بن هرمز. وليُبذَلَنَّ المالُ حتى لا يقبلَه أحد.
قال عدي بن حاتم رضي الله عنه: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بنِ هرمز والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها.
ولما حكم الإسلام المشرق والمغرب لم ينشر الخراب ولم يسفك دماء الأبرياء ولم يهلك الحرث والنسل وإنما أقام العدل وحارب الظلم بكل صوره وأشكاله فدخل الناس في دين الله أفواجًا.
واعتنق كثير من النصارى والوثنيين هذا الدين الحق وصاروا من أهله وعملوا على نشره ونصرته وحمايته وتعليمه لمن لا يعلمه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، لا يخفى عليكم ما يحصل للمسلمين في الغوطة الشرقية بسوريا من سفك الدماء وهدم المساكن، والمجتمع الدولي الذي يتغنى بالعدل والحرية والإنسانية والحقوق يتفرج.
وهو مؤشر واضح عما عند هذا النظام العالمي من عدل ورحمة.
وأمام هذا الظلم والإثم يجب علينا أن ندعو للمسلمين في سوريا أن يفرج الله كربتهم ويؤمنهم في أوطانهم ويأخذ بثأرهم ممن ظلمهم، وهذا الدعاء هو أقل واجب علينا نحوهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More