فضائل علي بن أبي طالب – مرحبا رمضان
٢٥|٨|١٤٣٩هـالموافق ١١|٥|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه " قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال:" أين علي بن أبي طالب؟ " فقالوا: يشتكي من عينيه يا رسول الله قال: " فأرسلوا إليه فأتوني به " فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فو الله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ".
وعن سعد بن عُبَيدة قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: نعم قال: فأرغم الله بأنفك – أي ألصقه بالرغام وهو التراب وهو كناية عن الذل والإهانة – ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال: هو ذاك في بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم – أي أحسنها يشير بذلك إلى منزلته عند النبي صلى الله عليه وسلم - ثم قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: أجل قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد علي جَهدك – أي ابلغ غايتك واعمل في حقي ما تستطيعه وتقدر عليه فإني لا أبالي بعد قولي بالحق –.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: والذي فلقَ الحبةَ وبرأ النسَمةَ إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يُحِبَّني إلا مؤمن ولا يُبغِضَني إلا منافق.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك مع أنه مغفور لك: لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ".
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَجَعَلَ عَمِّى عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ: تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا* وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا* وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا* فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا* وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: أَنَا عَامِرٌ. قَالَ: " غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ ". قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلاَّ اسْتُشْهِدَ. قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ! قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ، قَالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى مَرْحَبُ* شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ* إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ. قَالَ: وَبَرَزَ لَهُ عَمِّى عَامِرٌ فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى عَامِرُ* شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ. قَالَ: فَاختَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ ذَلِكَ! " قَالَ: قُلْتُ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. قَالَ: " كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ " ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِىٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ: " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ " قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَسَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ* شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ* إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ. فَقَالَ عَلِىٌّ: أَنَا الَّذِى سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ* كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ* أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ. قَالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ.
وعن بسر بنِ سعيد أن عبيدَ الله بنَ أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي فقالوا: لا حكم إلا لله! فقال علي رضي الله عنه: كلمةُ حقٍّ أريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أناسًا إني لأعرف وصفهم في هؤلاء: " يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار الى حلقه - من أبغضِ خلق الله إليه فيهم أسود إحدى يديه حَلَمةُ ثَدْيٍ " فلما قتلهم علي رضي الله عنه قال: انظروا. فنظروا فلم يجدوا فقال: ارجعوا فو الله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ - مرتين أو ثلاثًا - ثم وجدوه في خَرِبةٍ فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم.
رضي الله عنك يا أمير المؤمنين..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، قال الله عز وجل: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ".
فرض الله الصوم على المؤمنين لِيُعِدَّهم لتقوى الله بترك الشهوات المباحة الميسورة امتثالًا لأمره واحتسابًا للأجر عنده فتربَّى بذلك العزيمة والإرادة على ضبط النفس.
ورمضان مَكرُمةُ من الله لهذه الأمة، وهو شهر الخيرِ والفضلِ والطاعةِ والأجورِ المضاعفةِ والعتقِ من النار وتكفيرِ الذنوب والسيئات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان أولُ ليلةٍ من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين ومردةُ الجن – أي شُدّت وأوثقت بالأغلال – وغُلِّقت أبوابُ النار، فلم يُفتَح منها باب، وفتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل – أي يا طالب الخير أقبل على فعل الخير – ويا باغي الشر أقصِر – أي يا طالب الشر أمسك وتب فإنه أوان قبول التوبة – ولله عتقاءُ من النار، وذلك كلّ ليلة ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه ".
ولما كان رمضان شهر الجود كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل َّليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرِضُ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجودَ بالخير من الريح المرسلة.
والصوم امتناع عن الطعام والشراب والجهل والسفه والأخلاق السيئة وهو مدرسة لتعلم الأخلاق الكاملة والصبر والحلم وكظم الغيظ والعفو عن الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من لم يدع قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجة في أن يدعَ طعامَه وشرابَه ".
وهو علامة على الإخلاص لله ولا يعلم ثواب الصوم إلا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: كلُّ عملِ ابنِ آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جُنة، وإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يَرفُث ولا يصخَب فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه ".
فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر..
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبانِ
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضًا شهر عصيانِ
واتلُ القُران وسبح فيه مجتهدًا
فإنه شهر تسبيح وقرآنِ
فاحمل على جسد ترجو النجاة له
فسوف تضرم أجساد بنيرانِ
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران وإخوانِ
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم
حيًا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجبٍ بثياب العيد يقطعها
فأصبحت في غدٍ أثوابَ أكفانِ
حتى متى يعمر الإنسان مسكنه
مصير مسكنه قبرٌ لإنسانِ.
اللهم بلغنا رمضان وأعنا فيه على الصيام والقيام وتلاوة القرآن..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
٢٥|٨|١٤٣٩هـالموافق ١١|٥|٢٠١٨م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لأعطين الراية غدًا رجلًا يفتح الله على يديه " قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال:" أين علي بن أبي طالب؟ " فقالوا: يشتكي من عينيه يا رسول الله قال: " فأرسلوا إليه فأتوني به " فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فو الله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ".
وعن سعد بن عُبَيدة قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان فذكر عن محاسن عمله قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: نعم قال: فأرغم الله بأنفك – أي ألصقه بالرغام وهو التراب وهو كناية عن الذل والإهانة – ثم سأله عن علي فذكر محاسن عمله قال: هو ذاك في بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم – أي أحسنها يشير بذلك إلى منزلته عند النبي صلى الله عليه وسلم - ثم قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: أجل قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد علي جَهدك – أي ابلغ غايتك واعمل في حقي ما تستطيعه وتقدر عليه فإني لا أبالي بعد قولي بالحق –.
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: والذي فلقَ الحبةَ وبرأ النسَمةَ إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ أن لا يُحِبَّني إلا مؤمن ولا يُبغِضَني إلا منافق.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك مع أنه مغفور لك: لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ".
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَجَعَلَ عَمِّى عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ: تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا* وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا* وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا* فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا* وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَذَا؟ " قَالَ: أَنَا عَامِرٌ. قَالَ: " غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ ". قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلاَّ اسْتُشْهِدَ. قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ! قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ، قَالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى مَرْحَبُ* شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ* إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ. قَالَ: وَبَرَزَ لَهُ عَمِّى عَامِرٌ فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى عَامِرُ* شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ. قَالَ: فَاختَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ ذَلِكَ! " قَالَ: قُلْتُ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. قَالَ: " كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ " ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِىٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ: " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ " قَالَ: فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَسَقَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ* شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ* إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ. فَقَالَ عَلِىٌّ: أَنَا الَّذِى سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ* كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ* أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ. قَالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ.
وعن بسر بنِ سعيد أن عبيدَ الله بنَ أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي فقالوا: لا حكم إلا لله! فقال علي رضي الله عنه: كلمةُ حقٍّ أريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أناسًا إني لأعرف وصفهم في هؤلاء: " يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار الى حلقه - من أبغضِ خلق الله إليه فيهم أسود إحدى يديه حَلَمةُ ثَدْيٍ " فلما قتلهم علي رضي الله عنه قال: انظروا. فنظروا فلم يجدوا فقال: ارجعوا فو الله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ - مرتين أو ثلاثًا - ثم وجدوه في خَرِبةٍ فأتوا به حتى وضعوه بين يديه قال عبيد الله: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم.
رضي الله عنك يا أمير المؤمنين..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، قال الله عز وجل: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ".
فرض الله الصوم على المؤمنين لِيُعِدَّهم لتقوى الله بترك الشهوات المباحة الميسورة امتثالًا لأمره واحتسابًا للأجر عنده فتربَّى بذلك العزيمة والإرادة على ضبط النفس.
ورمضان مَكرُمةُ من الله لهذه الأمة، وهو شهر الخيرِ والفضلِ والطاعةِ والأجورِ المضاعفةِ والعتقِ من النار وتكفيرِ الذنوب والسيئات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان أولُ ليلةٍ من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين ومردةُ الجن – أي شُدّت وأوثقت بالأغلال – وغُلِّقت أبوابُ النار، فلم يُفتَح منها باب، وفتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلَق منها باب وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل – أي يا طالب الخير أقبل على فعل الخير – ويا باغي الشر أقصِر – أي يا طالب الشر أمسك وتب فإنه أوان قبول التوبة – ولله عتقاءُ من النار، وذلك كلّ ليلة ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه ".
ولما كان رمضان شهر الجود كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل َّليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرِضُ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجودَ بالخير من الريح المرسلة.
والصوم امتناع عن الطعام والشراب والجهل والسفه والأخلاق السيئة وهو مدرسة لتعلم الأخلاق الكاملة والصبر والحلم وكظم الغيظ والعفو عن الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من لم يدع قولَ الزور والعملَ به فليس لله حاجة في أن يدعَ طعامَه وشرابَه ".
وهو علامة على الإخلاص لله ولا يعلم ثواب الصوم إلا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: كلُّ عملِ ابنِ آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جُنة، وإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يَرفُث ولا يصخَب فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه ".
فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر..
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبانِ
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضًا شهر عصيانِ
واتلُ القُران وسبح فيه مجتهدًا
فإنه شهر تسبيح وقرآنِ
فاحمل على جسد ترجو النجاة له
فسوف تضرم أجساد بنيرانِ
كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران وإخوانِ
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم
حيًا فما أقرب القاصي من الداني
ومعجبٍ بثياب العيد يقطعها
فأصبحت في غدٍ أثوابَ أكفانِ
حتى متى يعمر الإنسان مسكنه
مصير مسكنه قبرٌ لإنسانِ.
اللهم بلغنا رمضان وأعنا فيه على الصيام والقيام وتلاوة القرآن..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق