تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

السبت، 2 أغسطس 2014

ماذا بعد رمضان؟، غزة نبض العزة، معارضة الجرعة الجديدة

ماذا بعد رمضان؟، غزة نبض العزة، معارضة الجرعة الجديدة
 [ 5/10/1435هـالموافق 1/8/2014م ]
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، إن من سنة الله في هذه الحياة تعاقب الليل والنهار، وهكذا الحياة؛ شهر يعقبه شهر، وعام يخلفه عام، ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾، ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾، وهذه الأيام تتوالى علينا، وكل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها..
تمرُّ بنا الأيام تترى وإنما * نساق إلى الآجال والعين تنظرُ!
فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى * ولا زائل هذا المشيب المكدِّرُ!
وإن من نعم الله تعالى علينا أن جعل مواسم للخيرات يكثر فيها الثواب لمن خلصت نيته، وزكى عمله، وإن من هذه المواسم الفاضلة شهر الصيام الذي طوي بساطه قبل أيام؛ اللهَ أسأل أن يتقبله مني ومنكم.
أيها المسلمون، من المعلوم أن أكثر المسلمين في شهر رمضان يجتهدون في عمل الخيرات والمسارعة إليها، وترك المعاصي والمنكرات والابتعاد عنها، وهذا بلا شك ولا ريب علامة خير وبركة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما حالنا بعد رمضان؟ ولزامًا على كل واحد منا أن يصدق في جوابه مع نفسه، وأن يترك التماس الأعذار الواهية التي يسلي بها نفسه. والناس بعد رمضان أجناس؛ فمن الناس من كان متلبسًا ببعض الآثام قبل رمضان فتأثر بروحانية رمضان وسكينة الصيام فعزم على ترك ما سلف من الماضي المظلم، وهذا الصنف إن صدق في عزمه فسيرى من الله ما يسره ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾، فهنيئًا لك توبة الله عليك، وبشراك بقول أرحم الراحمين: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾, ﴿ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾, وبشراك بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها ".
وأما الصنف الثاني من الناس فهو الذي كان أمره فرطًا في رمضان، فلا هو أحسن استقبال الشهر الكريم ولا أحسن وداعه، بل قضى وقته في اللهو واللعب، فيا حسرته على ما فات، ويا ندمه على ما فرط، لكن نقول له: إن كان رمضان قد فات فإن الفرصة لم تفت بعد، فبادر إلى التوبة وأقبل على ربك واطرق الباب واطلب رضا رب الأرباب فما زال في الحياة متسع وما زالت الفرصة أمامك.
والصنف الثالث من الناس من زادهم رمضان إيمانًا وهدى وعملًا صالحًا وهؤلاء أفضل الناس، فاثبتوا على الطريق وإياكم والغفلة والبعد عن رحاب رحمة الله.
أيها المسلمون، لئن كان رمضان انقضى فإن زمن العمل لا ينقضي إلا بالموت ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾، وأمامكم أبواب الخير مفتوحة، فقد فتح الله لكم في باب الصوم من النوافل صيام ستة أيام من شوال فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي - r - قال : « من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر ».
وفي حديث ثوبان بلفظ « من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها », رمضان بعشرة أشهر وستة أيام بستين يومًا فهذان شهران تتمة السنة.
وفتح الله لكم في باب الصوم صيام ثلاثة أيام من كل شهر كما قال - r - : « ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر - أي غشه وضيقه وحسده - صوم ثلاثة أيام من كل شهر » وقال: « صيام حسن صيام ثلاثة أيام من الشهر ».
وفتح الله لكم في باب الصوم صوم يوم الاثنين والخميس؛ فإن الأعمال تعرض فيهما, وقد كان النبي - r - كثيرًا ما يصوم الاثنين والخميس, وجعل الله لكم في صيام النافلة بابًا تستمر معه الطاعة وفوائد الصوم كما جعله لكم في باب الصلاة النافلة وقيام الليل بابًا مستمرًا, فيا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل فلنستمر في قيام الليل و « مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ ( أي الطائعين المخلصين ) وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطَرِينَ » والقنطار مال كثير.
وخير أعمالكم أدومُها وإن قل، وأفضل صلاة الليل جوف الليل الآخر؛ فإنها مشهودة، وفيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه حيث « ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة إذا بقي من الليل ثلثه فيقول: هل من سائل فأعطيَه؟ هل من داع فأجيبَه؟»، فاحرصوا على قيام الليل، ومن خشي أن لا يقوم آخر الليل فليصنع كما يصنع في رمضان إذا صلى العشاء فليقم من الليل ما تيسر له ثم يوتر ثم ينام.
وفي الصحيحين من حديث أبي  هريرة - t - قال: « أوصاني خليلي - r -  بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر, وركعتي الضحى, وأن أوتر قبل أن أنام ».
ومما فتح الله عليكم من أبواب التطوع والخير تلاوة القرآن, ولَأن كان رمضان له القدَح المُعلَّى في تلاوة القرآن حيث نزل فيه إلا أن تلاوة القرآن مستمرة، وقد كان جمهور الصحابة يختمون المصحف كل أسبوع؛ ليكون عهدهم قريبًا بكلام الله وليكونوا ذاكرين للقرآن غير هاجرين له.
أيها المسلمون, إن مما يؤسف له أن بعضنا لا يعرف تلاوة القرآن إلا في شهر رمضان فإذا انسلخ شهر رمضان هجر القرآن ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ﴾ فلا تكن ممن يهجر تلاوة القرآن وتدبر القرآن والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى في سبيله وحفظ ما تيسر منه فإنه دأب السلف الصالح فسيروا على منهجهم واعبدوا ربكم حتى تلقوه فحينئذ يستريح المسلم من عناء هذه الحياة ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ كل إنسان كادح إلى ربه كدحًا وتعبًا ونصبًا وعملًا وسيلقى الله بنتائج كدحه لكن منهم من يكدح في الشر ويضيع أوقاته وعمره فيما لا طائل فيه ومنهم من يكدح في الخير ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا* وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا* وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ* فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا* وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴾.. أجارني الله وإياكم من السعير..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، غزة.. بين مجازر الصهاينة وخيانات المتصهينين.. قصف متواصل، بيوت تهدم، أرواح تحصد، أطفال تقتل، نساء ترمل، لا إنسانية عند يهود، ولا غرابة فهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا، وإنما الغريب موقف بعض العرب
المتصهينين، الذين وقفوا بحدّهم وحديدهم ضد إخوانهم المسلمين، يا له من موقف مخزٍ في الدنيا والآخرة، موقف لا يشرف أي شريف، موقف ينم عن حقد على الإسلام وأهله، موقف في منتهى الفسالة والعمالة، موقف غير شريف ولا نبيل، لكن غزة لا تبالي بهم؛ لا باليهود الجبناء ولا بالعملاء الخونة، غزة عرفت الطريق إلى ربها، وعرفت أن النصر من عند الله العزيز الحكيم، غزة توكلت على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، غزة عنوان الشهامة والعزة، غزة نعمت الأرض ونعم الرجال! لا يهابون المنايا ولا تفت فيهم الرزايا، غزة هي الصخرة التي تكسر عليها كل غزو، لكِ الله يا أرض الأبطال، يا رمز البسالة، يا درب الصبر والجهاد..
اصمدي يا ثغر الإسلام، اصمدي يا معدن الرجال، اصمدي أيتها الأرض الطيبة المباركة، اصمدي فالله معكم ولن يتركم أعمالكم، اصمدي غزة الأبية، اصمدي فالله أعلى وأجل، والله مولانا ولا مولى لهم..
أيها المسلمون، علينا واجب نصرة إخواننا بالدعاء والوقوف معهم وفضح اليهود وعملائهم.  
أيها المسلمون، نسجل معارضتنا للجرعة الجديدة ونقول للحكومة: اتقوا الله في هؤلاء المساكين، اتقوا الله في هذا الشعب، اتقوا لله في رعيتكم؛ فإن الله سائلكم عما استرعاكم، أين ثروات البلاد؟ أين خيرات البلاد؟ أين تذهب الأموال الضخمة والثروات الهائلة؟ لماذا لا نبدأ برفع الدعم عن المتنفذين والفاسدين؟ كيف سيكون حال الناس وقد ارتفعت الأسعار نحو مائة في المائة! ألا فاتقوا الله من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله، ألغوا هذه الجرعة الجائرة وضعوا حلولًا صحيحة، حمى الله البلاد من الفتن والأزمات، ونشر العدل والأمان والرحمة في ربوعها، وأقام ميزان الحق فيها.. ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More