مسيح الضلالة ومسيح الهدى
٦|٥|١٤٣٨ هالموافق ٣|٢|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، إنها لم تكن فتنةٌ على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذريةَ آدم أعظمَ من فتنة الدجال، وهو خارج في هذه الأمة لا محالة، وإنما يخرج لغَضْبةٍ يغضبُها، وإنه يخرج من أرضٍ قِبَلَ المشرق يقال لها ( خراسان ) في يهودية أصبهان فعاث يمينًا وعاث شمالًا، وإنه يبدأ فيقول: أنا نبي. ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يُثنّي فيقول: أنا ربكم. ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور ممسوحُ العين اليسرى، عليها جلدة غليظة تغشى العين، خضراء كأنها كوكب دري، وعينه اليمنى كأنها عنبة طافية، لا بازرة ولا غائرة، كثير الشعر. ألا ما خَفِيَ عليكم من شأنه فلا يخفيَنَّ عليكم أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا، والمسيح الدجال شاب عظيم الخلقة ضخم الجثة، قصيرٌ، بعيد ما بين الساقين أو الفخذين، أبيض اللون، شعره متكسر ملتوي شديد الجعودة، مكتوب بين عينيه ( كافر ) يقرؤه كلُّ مؤمن؛ كاتب أو غير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنةً ونارًا ونهرًا وماءً وجبلَ خبزٍ، وإنه يجيء معه مثلُ الجنة والنار، فنارُه جنة وجنتُه نار - وفي رواية - معه نهران يجريان أحدهما - رأيَ العين - ماءٌ أبيض والآخر - رأيَ العين - نار تَأجّج، فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار، وليُغمِض عينيه ثم لِيُطأطِئ رأسه فإنه يجده ماءً باردًا عذبًا طيبًا، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ عليه فواتح سورة ( الكهف ) فإنها جِواركم من فتنته. وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيتَ إن بعثتُ لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه؛ فإنه ربك! وإن من فتنته أن يُسلّطَ على نفس واحدة فيقتلَها وينشرَها بالمنشار حتى تُلقَى شِقَّين، وإن من فتنته أن يمرَّ بالحي فيدعوهم فيكذّبونه فينصرف عنهم فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيدعوهم فيصدِّقونه ويستجيبون له فيأمر السماءَ أن تمطرَ فتمطر والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبت حتى تروحَ مواشيهم من يومهم ذلك أسمنَ ما كانت وأعظمَه وأمدَّه خواصرَ وأدرَّه ضروعًا، ويمرَّ بالخِرْبة فيقول لها أخرجي كنوزَكِ فتتبعه كنوزُها كيعاسيب النحل. يخرج في زمان اختلافٍ من الناس وفُرْقةٍ وبُغْضٍ من الناس وخِفّةٍ من الدين وسوءِ ذاتِ بينٍ فيَرِدُ كلَّ منهَل فتطوى له الأرض، ولا يخرج حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابِق ( وهما موضعان قُربَ حلب ) يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافُّوا قالت الروم: خلُّوا بيننا وبين الذين سَبَوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا. والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، وتكون عند ذلكم القتال رَدّةٌ شديدة ( أي عَطفة وشدة قوية ) فيَشترط المسلمون شُرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة ( والشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة ) فيقتتلون حتى يحجُزَ بينهم الليل فيفيءُ هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غيرُ غالب، وتفنى الشُّرطة ثم يشترط المسلمون شُرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنى الشُّرطة ثم يشترط المسلمون شُرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان اليوم الرابع نَهَد إليهم بقيةُ أهل الإسلام ( يعني نهض وتقدم إليهم بقية أهل الإسلام ) فينهزم ثلثٌ لا يتوب الله عليهم أبدًا ويُقتَل ثلثُهم هم أفضل الشهداء عند الله ويَفتتح الثلثُ لا يُفتَنون أبدًا، فيجعل الله الدَّبَرة عليهم ( يعني يجعل الله الهزيمة على الروم ) فيقتتلون مقتلة لا يُرى مثلُها أو لم يُرَ مثلُها حتى إن الطائر ليمرُّ بجَنَباتهم فما يخلّفهم حتى يَخِرَّ ميتًا فيتعادُّ بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يُفرح أو أيُ ميراث يُقاسم؟ فيبلغون قُسْطَنطِينية فيفتحونها، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علّقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح الدجال قد خلفكم في أهلِيكم. فيرفضون ما بأيديهم فيخرجون وذلك باطل فيبعثون عشرة فوارس طليعة. فإذا جاؤوا الشام خرج، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطِئه وظهر عليه إلا أربعة مساجد: مسجد مكة ومسجد المدينة والطور ومسجد الأقصى، وإن أيامه أربعون يومًا، يومٌ كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم. ولا يأتي الدجالُ مكةَ والمدينةَ من نقَبٍ من نِقابِها إلا لقيَتْهُ الملائكة بالسيوف صلتةً، وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رُعبُ المسيح الدجال إلا المدينة لها يومئذ سبعة أبواب على كل نقَبٍ من نِقابِها ملكان يَذبُّان عنها رعبَ المسيح، حتى ينزل عند السبَخَةِ سبخةِ الجُرُف فيضربُ رِواقَه، فترجُفُ المدينةُ بأهلِها ثلاثَ رجَفاتٍ فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبَثَ منها كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد ويدعى ذلك اليوم يومُ الخلاص، وأكثرُ من يخرج إليه النساء، فيتوجه قِبَلَه رجل من المؤمنين ممتليءٌ شبابًا هو يومئذ خير الناس أو من خيرهم فتلقَّاه مَسالِحُ الدجال ( وهم الخفراء والطلائع الذين يحرسون الطريق ) فيقولون له: أين تعمِد؟ فيقول: أعمِد إلى هذا الذي خرج. فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربِّنا خَفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربُّكم أن تقتلوا أحدًا دونه؟ فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، أشهد أن هذا الدجّال الذي حدَّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حديثَه. فيأمر الدجال به فيُشْبَح، فيُوسَع ظهرُه وبطنُه ضربًا فيقول: أوَ ما تؤمن بي؟ فيقول: أنت المسيح الكذاب. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلتُ هذا ثم أحييتُه أتَشكُّون في الأمر؟ فيقولون: لا. فيضربُه بالسيف فيقطعُه جَزلتينِ رميةَ الغرض. ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم. فيستوي قائمًا، ثم يدعوه فيُقبل ويتهلل وجهُه ويضحك ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: والله ما ازددت فيك إلا بصيرة. ثم يقول: يا أيها الناس، إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس.فيأخذه الدجال لِيذبَحه فيُجعَل ما بين رقبته إلى تَرقُوَتِه نُحاسًا فلا يستطيع إليه سبيلًا، فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين..
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المَحْيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، وإمامُ المسلمين يومئذ رجل صالح، وهو المهدي من آل البيت، من أولاد فاطمة، يُصلحه الله في ليلة، يوافق اسمُه اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم واسمُ أبيه اسمَ أبيه، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جَورًا وظلمًا، يملك سبع سنين، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم من السماء عيسى ابنُ مريم الصبحَ عند المنارة البيضاء شرقي دِمَشق بين مهرودتين ( يعني ينزل لابسا ثوبين فيهما صفرة خفيفة مصبوغين بالهُرْد ) واضعًا كفَّيهِ على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسَه قَطَرَ وإذا رفعه تحدَّرَ منه جُمان كاللؤلؤ ( يعني يتحدّرُ منه الماءُ على هيئة اللؤلؤ في صفاته ) فلا يحل لكافر يجدُ رِيحَ نَفَسِهِ إلا مات ونفَسُهُ ينتهي حيث ينتهي طَرْفه، وعيسى ابن مريم رجلٌ مربوعٌ ( يعني بين الطويل والقصير ) يميل لونه إلى الحُمرة والبياضِ، فيقاتلُ الناس على الإسلام فيدُقُّ الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويُهلِكُ اللهُ في زمانه المللَ كلَّها إلا الإسلام، ثم يأتي الدجال جبل إيلياء ( وهي بيت المقدس ) فيحاصر عصابة من المسلمين فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية إلا أن تقاتلوه حتى تَلحقوا بالله أو يُفتَحَ لكم فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فبينما هم يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاةُ صلاةُ الصبح فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم فيقول عيسى عليه السلام: افتحوا الباب. فيُفتَح وراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سَيفٍ مُحَلًّى وساجٍ ( وهو الطيلسان الأخضر ) فيطلبه عيسى عليه السلام، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوبُ المِلحُ في الماء فلو تركه لانذاب حتى يَهلك ولكن يَقتُله اللهُ بيده فيريهم دمَه في حربته، فيهزم الله اليهود ويُسَلَّط عليهم المسلمون ويقتلونهم فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعًا ليس بين اثنين عداوة، وترفع الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعوَنَّ إلى المال فلا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين. ثم يأتي عيسى ابنَ مريم قومٌ قد عصمهم الله منه فيَمسحُ عن وجوههم ويحدِّثُهم بدرجاتهم في الجنة..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
٦|٥|١٤٣٨ هالموافق ٣|٢|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، إنها لم تكن فتنةٌ على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذريةَ آدم أعظمَ من فتنة الدجال، وهو خارج في هذه الأمة لا محالة، وإنما يخرج لغَضْبةٍ يغضبُها، وإنه يخرج من أرضٍ قِبَلَ المشرق يقال لها ( خراسان ) في يهودية أصبهان فعاث يمينًا وعاث شمالًا، وإنه يبدأ فيقول: أنا نبي. ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يُثنّي فيقول: أنا ربكم. ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور ممسوحُ العين اليسرى، عليها جلدة غليظة تغشى العين، خضراء كأنها كوكب دري، وعينه اليمنى كأنها عنبة طافية، لا بازرة ولا غائرة، كثير الشعر. ألا ما خَفِيَ عليكم من شأنه فلا يخفيَنَّ عليكم أن ربكم ليس بأعور، وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا، والمسيح الدجال شاب عظيم الخلقة ضخم الجثة، قصيرٌ، بعيد ما بين الساقين أو الفخذين، أبيض اللون، شعره متكسر ملتوي شديد الجعودة، مكتوب بين عينيه ( كافر ) يقرؤه كلُّ مؤمن؛ كاتب أو غير كاتب، وإن من فتنته أن معه جنةً ونارًا ونهرًا وماءً وجبلَ خبزٍ، وإنه يجيء معه مثلُ الجنة والنار، فنارُه جنة وجنتُه نار - وفي رواية - معه نهران يجريان أحدهما - رأيَ العين - ماءٌ أبيض والآخر - رأيَ العين - نار تَأجّج، فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار، وليُغمِض عينيه ثم لِيُطأطِئ رأسه فإنه يجده ماءً باردًا عذبًا طيبًا، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ عليه فواتح سورة ( الكهف ) فإنها جِواركم من فتنته. وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيتَ إن بعثتُ لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم. فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه؛ فإنه ربك! وإن من فتنته أن يُسلّطَ على نفس واحدة فيقتلَها وينشرَها بالمنشار حتى تُلقَى شِقَّين، وإن من فتنته أن يمرَّ بالحي فيدعوهم فيكذّبونه فينصرف عنهم فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيدعوهم فيصدِّقونه ويستجيبون له فيأمر السماءَ أن تمطرَ فتمطر والأرضَ أن تُنبِتَ فتُنبت حتى تروحَ مواشيهم من يومهم ذلك أسمنَ ما كانت وأعظمَه وأمدَّه خواصرَ وأدرَّه ضروعًا، ويمرَّ بالخِرْبة فيقول لها أخرجي كنوزَكِ فتتبعه كنوزُها كيعاسيب النحل. يخرج في زمان اختلافٍ من الناس وفُرْقةٍ وبُغْضٍ من الناس وخِفّةٍ من الدين وسوءِ ذاتِ بينٍ فيَرِدُ كلَّ منهَل فتطوى له الأرض، ولا يخرج حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابِق ( وهما موضعان قُربَ حلب ) يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافُّوا قالت الروم: خلُّوا بيننا وبين الذين سَبَوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا. والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، وتكون عند ذلكم القتال رَدّةٌ شديدة ( أي عَطفة وشدة قوية ) فيَشترط المسلمون شُرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة ( والشرطة أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة ) فيقتتلون حتى يحجُزَ بينهم الليل فيفيءُ هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غيرُ غالب، وتفنى الشُّرطة ثم يشترط المسلمون شُرطةً للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنى الشُّرطة ثم يشترط المسلمون شُرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كلٌّ غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان اليوم الرابع نَهَد إليهم بقيةُ أهل الإسلام ( يعني نهض وتقدم إليهم بقية أهل الإسلام ) فينهزم ثلثٌ لا يتوب الله عليهم أبدًا ويُقتَل ثلثُهم هم أفضل الشهداء عند الله ويَفتتح الثلثُ لا يُفتَنون أبدًا، فيجعل الله الدَّبَرة عليهم ( يعني يجعل الله الهزيمة على الروم ) فيقتتلون مقتلة لا يُرى مثلُها أو لم يُرَ مثلُها حتى إن الطائر ليمرُّ بجَنَباتهم فما يخلّفهم حتى يَخِرَّ ميتًا فيتعادُّ بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يُفرح أو أيُ ميراث يُقاسم؟ فيبلغون قُسْطَنطِينية فيفتحونها، فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علّقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح الدجال قد خلفكم في أهلِيكم. فيرفضون ما بأيديهم فيخرجون وذلك باطل فيبعثون عشرة فوارس طليعة. فإذا جاؤوا الشام خرج، وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطِئه وظهر عليه إلا أربعة مساجد: مسجد مكة ومسجد المدينة والطور ومسجد الأقصى، وإن أيامه أربعون يومًا، يومٌ كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم. ولا يأتي الدجالُ مكةَ والمدينةَ من نقَبٍ من نِقابِها إلا لقيَتْهُ الملائكة بالسيوف صلتةً، وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رُعبُ المسيح الدجال إلا المدينة لها يومئذ سبعة أبواب على كل نقَبٍ من نِقابِها ملكان يَذبُّان عنها رعبَ المسيح، حتى ينزل عند السبَخَةِ سبخةِ الجُرُف فيضربُ رِواقَه، فترجُفُ المدينةُ بأهلِها ثلاثَ رجَفاتٍ فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبَثَ منها كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد ويدعى ذلك اليوم يومُ الخلاص، وأكثرُ من يخرج إليه النساء، فيتوجه قِبَلَه رجل من المؤمنين ممتليءٌ شبابًا هو يومئذ خير الناس أو من خيرهم فتلقَّاه مَسالِحُ الدجال ( وهم الخفراء والطلائع الذين يحرسون الطريق ) فيقولون له: أين تعمِد؟ فيقول: أعمِد إلى هذا الذي خرج. فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربِّنا خَفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربُّكم أن تقتلوا أحدًا دونه؟ فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، أشهد أن هذا الدجّال الذي حدَّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حديثَه. فيأمر الدجال به فيُشْبَح، فيُوسَع ظهرُه وبطنُه ضربًا فيقول: أوَ ما تؤمن بي؟ فيقول: أنت المسيح الكذاب. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلتُ هذا ثم أحييتُه أتَشكُّون في الأمر؟ فيقولون: لا. فيضربُه بالسيف فيقطعُه جَزلتينِ رميةَ الغرض. ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم. فيستوي قائمًا، ثم يدعوه فيُقبل ويتهلل وجهُه ويضحك ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: والله ما ازددت فيك إلا بصيرة. ثم يقول: يا أيها الناس، إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس.فيأخذه الدجال لِيذبَحه فيُجعَل ما بين رقبته إلى تَرقُوَتِه نُحاسًا فلا يستطيع إليه سبيلًا، فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين..
اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المَحْيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، وإمامُ المسلمين يومئذ رجل صالح، وهو المهدي من آل البيت، من أولاد فاطمة، يُصلحه الله في ليلة، يوافق اسمُه اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم واسمُ أبيه اسمَ أبيه، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جَورًا وظلمًا، يملك سبع سنين، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم من السماء عيسى ابنُ مريم الصبحَ عند المنارة البيضاء شرقي دِمَشق بين مهرودتين ( يعني ينزل لابسا ثوبين فيهما صفرة خفيفة مصبوغين بالهُرْد ) واضعًا كفَّيهِ على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسَه قَطَرَ وإذا رفعه تحدَّرَ منه جُمان كاللؤلؤ ( يعني يتحدّرُ منه الماءُ على هيئة اللؤلؤ في صفاته ) فلا يحل لكافر يجدُ رِيحَ نَفَسِهِ إلا مات ونفَسُهُ ينتهي حيث ينتهي طَرْفه، وعيسى ابن مريم رجلٌ مربوعٌ ( يعني بين الطويل والقصير ) يميل لونه إلى الحُمرة والبياضِ، فيقاتلُ الناس على الإسلام فيدُقُّ الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويُهلِكُ اللهُ في زمانه المللَ كلَّها إلا الإسلام، ثم يأتي الدجال جبل إيلياء ( وهي بيت المقدس ) فيحاصر عصابة من المسلمين فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية إلا أن تقاتلوه حتى تَلحقوا بالله أو يُفتَحَ لكم فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فبينما هم يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاةُ صلاةُ الصبح فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم فيقول عيسى عليه السلام: افتحوا الباب. فيُفتَح وراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سَيفٍ مُحَلًّى وساجٍ ( وهو الطيلسان الأخضر ) فيطلبه عيسى عليه السلام، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوبُ المِلحُ في الماء فلو تركه لانذاب حتى يَهلك ولكن يَقتُله اللهُ بيده فيريهم دمَه في حربته، فيهزم الله اليهود ويُسَلَّط عليهم المسلمون ويقتلونهم فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعًا ليس بين اثنين عداوة، وترفع الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعوَنَّ إلى المال فلا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين. ثم يأتي عيسى ابنَ مريم قومٌ قد عصمهم الله منه فيَمسحُ عن وجوههم ويحدِّثُهم بدرجاتهم في الجنة..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق