تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 12 يوليو 2013

رمضان فرصة للتغيير


رمضان فرصة للتغيير
المكان : جامع الرحمة بالشحر . الزمان : 3/9/1434هـ الموافق 12/7/2013م

الخطبة الأولى
أيها المسلمون، رمضان فرصة العمر السانحة، ومَوسِم البضاعة الرابحة؛ لما حَبَاهُ الله من المميزات، فهو بحق مدرسة لإعداد الرجال، وهو بصدق جامعة لتخريج الأبطال.
هنا مصنعُ الأبطالِ يصنعُ أمةً  ** وينفخُ فيها قوةَ الروحِ والفِكرِ
ويخلعُ عنها كلَّ قيدٍ يعوقُها ** ويُعلِي منارَ الحقِّ والصدقِ والصَّبرِ
فالأسباب مهيأة، والأبواب مشرعة، وما بقي إلا العزيمة الصادقة، والصحبة الصالحة، والاستعانة بالله في أن يوفقك للخير والهداية.
رمضانُ أقبلَ قُم بنا يا صاحِ ** هذا أوانُ تبتّلٍ وصلاحِ
واغنم ثوابَ صيامهِ وقيامهِ ** تَسْعدْ بخيرٍ دائمٍ وفلاحِ
رمضان فرصة الجميع للتغيير؛ فرصة ليصبح العبد من المتقين الأخيار، ومن الصالحين الأبرار، قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
ورمضان فرصة لإقامة الصلاة، في جماعة، والمحافظة على تكبيرة الإحرام في الصف الأول، فرصة للتعرف إلى الله في الرخاء، فرصة للذكر والشكر، فرصة لقيام طويل، في ليل طويل، طلبًا لمرضاة العظيم الجليل، فرصة للتشرف بالقيام والركوع والسجود بين يدي فاطر الأرض والسموات.
ورمضان فرصة للتخلص من الإدمان، فيا من ابتلي بالدخان والقات والمخدرات كن صاحب عزيمة ماضية، وإرادة حرة، ولا تترد في الإقلاع عن هذه الموبقات.
ورمضان فرصة للعبادة والتقرب إلى الله، فرصة للسجود والاقتراب من الله، فرصة لمن كان مقصرًا في نوافل العبادات، أن يغيّر من حاله، ويبدّل من شأنه، ففي رمضان تتهيأ النفوس، وتقبل القلوب، وتخشع الأفئدة، فانتهز هذه الفرصة، وحافظ على النوافل، فهي مكملة للفرائض، متممة لها.
ورمضان فرصة للتغيير، لمن هجر القرآن قراءة وتدبرًا، وحفظًا وعملًا حتى أصبح القرآن عنده نسيًا منسيًا، فاجعل هذا الشهر بداية للتغيير، ورتب لنفسك جزءًا من القرآن، لا تنفك عنه بحال من الأحوال يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألف لام ميم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف ".
ورمضان فرصة للتغيير، لمن تعود على حياة المترفين، ونشأ على حب الدعة واللين، أن يأخذ من رمضان درسًا في تربية النفس على المجاهدة والخشونة في أمر الحياة، فربما تُسلَب النعمة، وتحل النقمة.
ورمضان فرصة للتغيير من أخلاقنا، فمن جُبِل على الأنانية والشح وفقدان روح الشعور بالجسد الواحد، فشهر الصوم مدرسة عملية له، وهو أوقع في نفس الإنسان من نصح الناصح، وخطبة الخطيب، الصوم يمنحنا مشاعر رحمة وتعاون وتعفّف وسماح.
ورمضان فرصة للتغيير، لمن كان قليل الصبر، سريع الغضب، أن يتعلم منه الصبر والأناة، فأنت الآن تصبر على الجوع والعطش والتعب والنصب ساعات طويلة.
ورمضان فرصة للتغيير، لمن ابتلاه الله بقلب قاسٍ، لا تدمع له عين، أن ينتهز فرصة هذا الشهر الذي تكون للنفوس فيه صولة، وللقلوب فيه جولة، فيحرص على ترقيق قلبه، بصرفه عن الذنوب التي هي جالبة الخطوب، وحاجبة القلوب عن علام الغيوب، قال ابن المبارك:
رأيت الذنوبَ تميت القلوب ** وقد يورث الذلَّ إدمانُها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوب ** وخيرٌ لنفسك عصيانُها
فبادر يا رعاك الله في مثل هذا الشهر المبارك، فأبواب الجنة مشرعة، وأبواب النار مغلقة، ولله في كل ليلة عتقاء من النار، فاجتهد أن تكون واحدًا منهم، جعلني الله وإياكم ووالدينا ممن فاز بالرضوان، والفوز بالجنان، والنجاة من النيران. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
أيها المسلمون، يقول الله - جل وعلا -: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾.
هذه الآية في بيان مصارف الزكاة وبيان مستحقيها.
فالفقير من لا مال له ولا كسب يقع موقعًا من حاجته، كمن يحتاج ثلاثين ولا يجد إلا عشرة، والمراد بحاجته ما يكفيه مطعمًا وملبسًا ومسكنًا ودواءً وغيرها، مما لا بد له منه، على ما يليق بحاله، وحال من في نفقته من غير إسراف ولا تقتير.
والمسكين من قدر على مال أو كسب يقع موقعًا من كفايته ولا يكفيه، كمن يحتاج ثلاثين ولا يجد إلا عشرين.
والغارم من استدان في غير معصية لطعام أو لباس أو علاج أو زواج ونحو ذلك، ولم يقدر على وفاء ما استدانه. ومن الغارمين من استدان لإصلاح ذات البين، فيعطى ولو كان غنيًا تشجيعًا له على هذه المكرمة. 
وفي سبيل الله هم الغزاة المجاهدون، يعطون من الزكاة ما يحتاجونه للجهاد.
وابن السبيل هو المسافر الذي لا يجد ما يوصله إلى بلاده، فيعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلاده.
فاتقوا الله عباد الله، وتحروا بزكاتكم من ذكر الله في كتابه.
أيها المسلمون، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
فتصدقوا من أموالكم، يباركِ اللهُ لكم فيها، وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين، وتفقدوا المساكين، واعلموا أن الصدقة برهان، ودواء، ونماء، وما نقص مال من صدقة أبدًا.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين فقد أمركم بذلك رب العالمين بقوله: : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More