تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

ما لا يسع المصلي جهله [1]

ما لا يسع المصلي جهله [1]
كتبه / محمد بن سعيد بن عوض باصالح

مسألة في الماء المتغير بشيء من الطاهرات
إذا وقع في الماء صابون فغيره فهل يصح استعماله في الطهارة ؟ فيه تفصيل ؛ إن غيَّره تغييرًا يسيرًا لم يضر وجاز استعماله في الطهارة في الوضوء والغسل وإزالة النجاسات ؛ لأن النبي - r - اغتسل هو وميمونة من إناء واحد من قصعة فيها أثر العجين . وإن غيَّره تغييرًا كثيرًا سلبه اسم الماء المطلق بحيث أصبح لا يسمى ماء بل صار يسمى صابونًا مثلًا فهو طاهر غير مطهر ؛ لأنه ليس ماء , وحكمه أنه طاهر غير مطهر , وحينئذ فيجوز استعماله في غير الطهارة كالاغتسال به للتنظف والتبرد وغسل الثياب والأواني به , ولا يجوز استعماله في الطهارة كالوضوء وغسل الجنابة والجمعة والعيد وإزالة النجاسات .
أما إذا تغير طعم الماء أو لونه أو رائحته بالصدأ الموجود في أنابيب المياه أو الخزانات أوتغير بسبب طول المدة أو بسبب الطحالب الناشئة فيه أو أوراق الأشجار المتناثرة عليه أو تغير بالطين كما في مياه الأمطار والسيول , فإنه طهور يرفع الحدث ويزيل النجس ؛ لأن أهل اللسان العربي لا يمتنعون من اطلاق اسم الماء على ما في الغدران والحياض والبرك ومياه السيول والأمطار مع تغيُّرِها بالطحالب والأوراق والتراب تغيرًا كثيرًا , ولأنه يشق صيانة الماء عن هذه الأشياء ؛ فإنها شديدة الملازمة للماء لا تنفك عنه غالبًا , فلو كانت هذه الأشياء تسلب الطهورية لدخل على الناس حرج شديد , والله - تعالى - يقول : ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ( [ الحج : 78 ] .
وقد نص الفقهاء على أن الماء المتغير بما في مقره إن كان مستقرًا كالبرك والغدران والحياض أو ممره إن كان مارًا كما في مياه السيول والماء المار في أنابيب أصابها الصدأ نصوا على أنه طهور وأن ما حصل له من التغيير لا يضر .
مسألة في العفو عما يشق الاحتراز عنه من قشر السمك ونحوه
كثيرًا ما يسأل الصيادون وبائعو السمك ونحوهم عن قشر السمك الذي يلصق بأيديهم وأبدانهم ويمنع وصول الماء إلى البشرة , وبما إن هذا القشر شفاف جدًا يصعب رؤيته بالعين المجردة , فإنه قد تخفى عليهم مواضعه وإن اجتهدوا في إزالته قبل الصلاة . فهل عليهم إعادة الصلاة إذا وجدوا منه شيئًا بعد الصلاة ؟
نص الفقهاء على أن من شروط صحة الوضوء : أن لا يكون على العضو ما يمنع وصول الماء إلى البشرة , فإن وجد على العضو ما يمنع وصول الماء إلى البشرة لم يصح الوضوء سواء كان طلاء أو قشر سمك أو عجينًا أو وسخًا تحت الأظفار أو غير ذلك . هذا مذهب أكثر أهل العلم .
لكن المسألة ليست محل إجماع ؛ فهناك من يرى العفو عن وسخ الأظفار ؛ لأنه مما يكثر وقوعه عادة فلو لم يصح الوضوء معه لبينه - r - ؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة . وهناك من يرى العفو عنه في حق من يشق عليه التحرز منه كأصحاب الأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها . وهناك من يرى العفو عن اليسير مطلقًا سواء كان وسخ تحت الأظفار أو عجين أو غيره ما دام يسيرًا .
ولا شك أن الصيادين ممن يشق عليهم الاحتراز عن قشر السمك لأن عملهم لا ينفك عن السمك ولأن هذا القشر شفاف ويصعب رؤيته بالعين المجردة أحيانًا , ومهما بذل الصياد من جهد فقد تخفى عليه قشرة أو قشرتان لم يطلع عليها بعد البحث والتفتيش , ولا شك أيضًا أن العاملين في الطلاء يشق عليهم الاحتراز من النكت اليسيرة من الطلاء ومهما حاولوا إزالتها فقد تخفى عليهم نقطة أو نقطتان لم يطلعوا عليها بعد البحث والتفتيش , ولو ألزمناهم بإعادة الصلاة كلما وجدوا شيئًا من القشر أو الطلاء لدخل عليهم حرج عظيم , والله - تعالى - يقول : ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ( [ الحج : 78 ] , والدين يسر , فنوصيهم بتعهد أيديهم وأبدانهم وإزالة ما علق بها من القشر أو الطلاء , فإن قُدِّر أنه رأى شيئًا يسيرًا من القشر أو الطلاء بعد الصلاة , فصلاته صحيحة ما دام يسيرًا ؛ لعموم البلوى ومشقة الاحتراز , والمشقة تجلب التيسير . والله أعلم .
وإليك أقوال من رخص في المانع الذي يشق الاحتراز عنه أو رخص في المانع اليسير مطلقًا :
* من مذهب المالكية :
«من لصق بذراعه أو ظفره قدر الخيط من العجين ونحوه وصلى فقال ابن دينار : لا شيء عليه . وقال ابن القاسم : عليه الإعادة » [ مواهب الجليل 1/287 ] للحطاب .
* من مذهب الشافعية :
نقل عبد الرحمن المشهور في « بغية المسترشدين » عن فتاوى العلامة محمد بن سليمان الكردي المدني قوله : « أما الوسخ الذي يجتمع تحت الأظفار ، فإن لم يمنع وصول الماء صح معه الوضوء ، وإن منع فلا في الأصح .
ولنا وجه وجيه بالعفو اختاره الغزالي والجويني والقفال ، بل هو أظهر من حيث القواعد من القول بعدمه عندي ؛ إذ المشقة تجلب التيسير ، فيجوز تقليده بشرطه ولو بعد الصلاة اهـ . وفي ب ( يعني فتاوى عبد الله بن الحسين بن عبد الله بافقيه ) نحوه في وسخ الأظفار , وزاد : وفصَّل بعضهم بين أن يكون من وسخ البدن الذي لا يخلو عنه غالب الناس فيصح معه الوضوء للمشقة ، وأن يطرأ من نحو عجين فلا ، وهذا الذي أميل إليه » [ بغية المسترشدين 1/45 ] .
وعندما قال ابن حجر في الكلام على شروط صحة الوضوء : «وأن لا يكون على العضو ما يغير الماء تغيرًا ضارًا أو جرم كثيف يمنع وصوله للبشرة .. » .
علق عليه الشرواني بقوله : « قوله : ( أو جرم كثيف ) كدهن جامد وكوسخ تحت الأظفار« نهاية » زاد « شرح بافضل » خلافًا للغزالي اهـ .
قال الكردي عليه : قال الزيادي في « شرح المحرر » وهذه المسألة مما تعم بها البلوى فقلَّ من يسلم من وسخ تحت أظفار يديه أو رجليه فليتفطن لذلك انتهى .
وقال الشارح في « حاشية التحفة » : وفي زيادات العبادي : وسخ الأظفار لا يمنع جواز الطهارة ؛ لأنه تشق إزالته بخلاف نحو العجين تجب إزالته قطعًا ؛ لأنه نادر ولا يشق الاحتراز عنه واختار في « الإحياء » و « الذخائر » هذا فقال يعفى عنه وإن منع وصول الماء ما تحته واستدل هو وغيره بأنه - r - كان يأمر بتقليم الأظفار ورمى ما تحتها ولم يأمرهم بإعادة الصلاة » [ حواشي الشرواني 1/187 ] .
* من مذهب الحنابلة :
« لو كان تحت أظفاره يسير وسخ يمنع وصول الماء إلى ما تحته لم تصح طهارته قاله ابن عقيل وقدمه في « القواعد الأصولية » و « التلخيص » وابن رزين في « شرحه » .
وقيل : تصح وهو الصحيح صححه في « الرعاية الكبرى » وصاحب « حواشي المقنع » وجزم به في « الإفادات » وقدمه في « الرعاية الصغرى » وإليه ميل المصنف واختاره الشيخ تقي الدين قال في « مجمع البحرين » اختاره شيخ الإسلام يعني به المصنف ونصره وأطلقهما في « الحاويين » .
وقيل : يصح ممن يشق تحرزه منه كأرباب الصنائع والأعمال الشاقة من الزراعة وغيرها واختاره في « التلخيص » وأطلقهن في « الفروع » وألحق الشيخ تقي الدين كل يسير منع حيث كان من البدن كدم وعجين ونحوهما واختاره » [ الإنصاف 1/121 ] للمرداوي .
« ( ولا يضر وسخ يسير تحت ظفر ونحوه ) كداخل أنفه ( ولو منع وصول الماء ) ؛ لأنه مما يكثر وقوعه عادة فلو لم يصح الوضوء معه لبيَّنه - r - ؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ( وألحق به ) ؛ أي بالوسخ اليسير ( الشيخ ) تقي الدين ( كل يسير منع ) وصول الماء ( كدم وعجين في أي عضو كان ) من البدن واختاره قياسًا على ما تحت الظفر ويدخل فيه الشقوق التي في بعض الأعضاء » [ مطالب أولي النهى 1/116 ] للرحيباني .
« وإن منع يسير وسخ الظفر ونحوه وصول الماء صحت الطهارة وهو وجه لأصحابنا ومثله كل يسير منع وصول الماء حيث كان كدم وعجين » [ الاختيارات الفقهية 1/389 ] لابن تيمية .
قاعدة اليقين لا يزول بالشك
من القواعد الفقهية الكبرى قاعدة : اليقين لا يزول بالشك , ويندرج فيها أيضًا قواعد أخرى , مثل قاعدة : الأصل بقاء ما كان على ما كان , وقاعدة : الأصل براءة الذمة .
فمن تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر , ولا يلتفت إلى الشك سواء كان شكًا ضعيفًا أو قويًا , ومن تيقن طهورية الماء وشك هل أصابته نجاسة أو لا فهو طهور , ويلغى الشك , سواء كان شكًا قويًا أو ضعيفًا . والأصل في هذا الباب قول النبي - r - : « إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا ، فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا » رواه مسلم من حديث أبي هريرة - t - . وأصله في « الصحيحين » عن عبد اللّه بن زيد - t - قال : « شكي إلى رسول اللّه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ؟ قال : لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا »
وطرقنا هذه القاعدة لأن بعض الناس يتلاعب بهم الشيطان ويشغلهم بالوسوسة فتجدهم يغسلون أعضاءهم في الوضوء أو الغسل مرات عديدة , ويعيدون الوضوء بمجرد الشك في الحدث , ويعيدون الصلاة بسبب الوسوسة أيضًا , فيصلون أكثر من مرة , استجابة لوسوسة الشيطان .
وهذه الوسوسة تحتاج إلى عزيمة وإرادة وتصميم وحاصل العلاج أن الذي يأتيك من الشيطان شيئان إما أمر أو خبر , فالأمر لا تنفذه , والخبر لا تصدقه , وستذهب الوسوسة بإذن الله .
بم يدرك المسبوق الركعة ؟
المسبوق هو الذي أدرك مع الإمام زمنًا لا يكفي لقراءة الفاتحة , فهذا إذا أدرك الإمام في القيام قرأ الفاتحة فإن ركع الإمام ركع معه وأدرك الركعة بذلك ويتحمل الإمام الباقي . وإذا أدرك الإمام في الركوع فركع واطمئن معه أدرك الركعة عند أكثر أهل العلم .
أما إذا لم يدرك الركوع بأن أدركه في الاعتدال أو السجود مثلًا فلا تحسب له الركعة , وكذا إذا ركع مع الإمام ولم يطمئن , أو شك هل اطمئن مع الإمام أو لا , لم تحسب له الركعة أيضًا ؛ لأن الركوع بدون الطمأنينة لا يعتد به .
أما صلاة الجمعة , فمن أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك الجمعة , ومن لم يدرك ركعة مع الإمام لزمه صلاتها أربع ركعات . هذا مذهب الجمهور .
أما صلاة الكسوف , فمن أدرك الركوع الأول أدرك الركعة , ومن لم يدرك الركوع الأول لم يدرك الركعة , فمن أدرك الإمام في القيام الثاني أو الركوع الثاني لم يدرك الركعة ؛ لأن الركوع الأول هو الركن , والثاني سنة , وليس ركنًا .
مسألة في صفة صلاة الجنازة
صلاة الجنازة فرض كفاية , وهي أربع تكبيرات يكبر تكبيرة الإحرام ويقرأ الفاتحة , ثم يكبر يصلي على النبي - r - , ثم يكبر ويدعو للميت , ثم يكبر ويسلم مثل تسليم الصلاة بأن يقول : السلام عليكم ورحمة الله يمينًا , السلام عليكم ورحمة الله يسارًا .
أما تخصيص صلاة الجنازة بزيادة ( وبركاته ) يمينًا وشمالًا , فهذا ذكره ابن حجر الهيتمي ووفقه بعض المتأخرين , وخالفه أكثر الشافعية مثل زكريا الأنصاري وشمس الدين الرملي والخطيب الشربيني وغيرهم , وهو مقتضى كلام الروضة والمنهاج وهو الراجح ؛ فإنه لا يوجد دليل يدل على تخصيص الجنازة بزيادة ( وبركاته ) , والعبادات توقيفية لا يشرع منها شيء إلا بدليل .
نعود إلى صلاة الجنازة , قلنا : يكبر التكبيرة الأولى ويقرأ الفاتحة , ويكبر التكبيرة الثانية ويصلي على النبي - r - , وأقل الصلاة : اللهم صل على محمد , والأفضل أن يأتي بالصلاة الإبراهيمية فيقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على  إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد , اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . ثم يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو للميت , وأقل الدعاء : اللهم اغفر له , والأفضل أن يأتي ببعض الأدعية الثابتة عن النبي - r - مثل : اللهم اغفر له وارحمه  وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقِّه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله دارًا خيرًا من داره ، وأهلا خيرًا من أهله ، وزوجًا خيرًا من زوجه  وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار .
أو يقول : اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده .
ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويسلم , وإن دعا للميت فهو حسن كأن يقول : اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله .
مسألة في بدع الجنائز
* ختم المجالس بالفاتحة
ختم المجالس بالفاتحة وترتيب الفاتحة عند التعزية وغيرها من البدع المحدثة قال الباجوري - رحمه الله تعالى - : « وما يفعله الناس من قراءة الفاتحة إذا عقدوا مجلسًا وفارقوه غير سنة , والسنة قراءة سورة العصر ؛ لما فيها من التوصية بالصبر وبالحق وغير ذلك » [ حاشية الباجوري 1/162 ] .
* الأذان عند إنزال الميتِ القبرَ
قال الباجوري - رحمه الله تعالى- : « ولا يسن الأذان عند إنزال الميت القبر خلافًا لمن قال بسنيته حينئذ قياسًا لخروجه من الدنيا على دخوله فيها . قال ابن حجر : وردَدْتُه في « شرح العباب » » [ حاشية الباجوري 1/175 ] .
وقال أبو بكر بن محمد شطا الدمياطي المشهور بالبكري - رحمه الله تعالى - : « واعلم أنه لا يسن الأذان عند دخول القبر خلافًا لمن قال بسنيته قياسًا لخروجه من الدنيا على دخوله فيها . قال ابن حجر : وردَدْتُه في « شرح العباب » » [ حاشية إعانة الطالبين 1/230 ]  .
وسئل ابن حجر الهيتمي - رحمه الله تعالى - : ما حكم الأذان والإقامة عند سد فتحِ اللحد ؟
فأجاب بقوله : « هو بدعةٌ . ومن زعم أنه سنة عند نزول القبر قياسًا على ندبهِما في المولود إلحاقـًا لخاتمة الأمر بابتدائه فلم يُصِب . وأيُّ جامع بين الأمرينِ ! ومجرد أنّ ذاك في الابتداء وهذا في الانتهاء لا يقتضي لحوقَه بِه » [ الفتاوى الفقهية الكبرى 2/24 ] .
*  قراءة يس على الميت بعد الموت
يستحب قراءة ( يس ) على المحتضر الذي نزلت به مقدمات الموت ولا يستحب قراءتها على الميت بعد الموت هذا هو المذهب وهو الراجح . ودليله حديث ( اقرءوا على موتاكم يس ) رواه أبو داود وغيره , وفيه ضعف , لكن يتقوى بما رواه أحمد عن صفوان حدثني المشيخة : أنهم حضروا غضيف بن الحرث الثمالي حين اشتد سوقه فقال : هل منكم أحد يقرأ يس ؟ قال : فقرأها صالح بن شريح السكوني فلما بلغ أربعين منها قبض , قال : فكان المشيخة يقولون : إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها , قال  صفوان : وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد . وسنده حسن إن شاء الله . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اقرءوا على موتاكم ) مثل قوله : ( لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله ) يعني من نزلت به مقدمات الموت , وهذا هو المنصوص في كتب الشافعية . قال النووي : ( يستحب أن يقرأ عند المحتضر سورة يس هكذا قاله أصحابنا ) ونحو هذا في الروضة والمنهاج للنووي والشرح الكبير للرافعي والمهذب للشيرازي والوسيط للغزالي وغيرها واختاره الرملي في النهاية والخطيب في المغني .
وما استنبطه المتأخرون كابن الرفعة والزركشي والهيتمي من استحباب قراءتها على الميت بعد الموت وقبل الدفن ؛ إعمالًا للفظ في حقيقته ومجازه لا يساعده نقل عن علماء المذهب المتقدمين . والمطلوب بعد الموت هو الاشتغال بتجهيز الميت والمبادرة بذلك لا القراءة عليه . والله أعلم .
* التلقين بعد الدفن
قال البُجَيرمي - رحمه الله تعالى - : « وفي كلام الحافظ السيوطي : لم يثبت في التلقين حديث صحيح ولا حسن , بل حديث ضعيف باتفاق المحدثين ؛ ولهذا ذهب جمهور الأمة إلى أن التلقين بدعة . وآخر من أفتى بذلك العزّ بن عبد السلام . وإنما استحسنه ابن الصلاح , وتبعه النووي ؛ نظرًا إلى أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال » [ تحفة الحبيب على شرح الخطيب  2/569 ] .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .

[1] - ألقيت هذه المحاضرة يوم السبت 10/8/1433هـالموافق 30/6/2012م , في « جامع الضياء » بمدينة الشحر .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More