تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

الفقه والأصول

المُقدِّمة
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل:  " مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ "([1]) وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذه إضاءة على شرح ابن قاسم الغَزِّي على متن أبي شجاع في فقه الإمام الشافعي -رحمهم الله تعالى- تشتمل على توضيح الألفاظ, والتنبيه على الأقوال والوجوه الضعيفة, وبيان الراجح المعتمد في المذهب. اقتبست هذه الإضاءة من الحاشية الشهيرة للشيخ العلامة إبراهيم الباجوري -رحمه الله تعالى- وضممتُ إليها تنبيهاتٍ وفوائدَ مهمةً. وأسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن يتقبلها مني, ويجعلها نافعة مباركة, هادية منيرة, إنه خير مسؤول, وأكرم مأمول, وحسبي الله ونعم الوكيل.
كتبه/ محمد بن سعيد بن عوض بن سالمين باصالح
الخميس 12/4/1432هـ
الموافق 17/3/2011م
 مُقدِّمة الكتاب
" الحمد لله رب العالَمين -بفتح اللام- هو كما قال ابن مالك: اسمُ جمعٍ خاصٌ بمن يعقل لا جمْعٌ ومفرده عالَم -بفتح اللام- "
التحقيق أن العالمين جمع عالمَ؛ لأنه كما يطلق على ما سوى الله, يطلق على كل جنس, وعلى كل نوع وصنف, فيقال: عالم الإنس, وعالم الجن, وعالم الملَك, وبهذا الإطلاق يصح جمْعُه على عالمين, لكنه جمْعٌ لم يستوف الشروط؛ لأنه يشترط في المفرد أن يكون عَلَمًا أو صفةً, وعالَم ليس بعلَم ولا صفة, فهو إذن ملحق بجمع المذكر السالم.
والفرْق بين الجمع واسم الجمع هو أن:
الجمع: ما دلّ على أكثر من اثنين وله مفرد من لفظه نحو: تائبون مفرده تائب.
واسم الجمع: ما دلّ على أكثر من اثنين ولا مفرد له من لفظه نحو: قوم مفرده رجل, ورهط مفرده واحد.
  كتاب أحكام الطهارة
" والقسم الثالث: طاهر في نفسه غير مطهر لغيره, وهو: الماء المستعمل في رفع حدث أو إزالة نجس إن لم يتغير, ولم يزد وزنه بعد انفصاله عمّا كان, بعد اعتبار ما يتشرّبه المغسول من الماء, والمتغير أي: ومن هذا القسم: الماء المتغير أحد أوصافه بما أي بشيء خالطه من الطاهرات تغيرًا يمنع إطلاق اسم الماء عليه فإنه طاهر غير طهور حسيًا كان التغير أو تقديريًا كأن اختلط بالماء ما يوافقه في صفاته "
أي: ما يوافق الماء في صفاته كلها التي هي الطعم واللون والريح فيقدَّر مخالفًا وسطًا بين أعلى الصفات وأدناها؛ الطعم طعم الرمان, واللون لون العصير, والريح ريح اللاذَن -بفتح الذال المعجمة- وهو اللُّبان الذكر كما هو المشهور, وهو نوع من العِلْك معروف باسم اللبان الشحري. وقيل اللاذَن: رطوبة تعلو شعر المعز ولحاها. وقال الكردي: هو نَور -أي زهر- معروف بمكة طيب الرائحة.
والمعنى أنه لو وقع في الماء الطهورِ موافقٌ له في صفاته من طعم ولون وريح كالماء المستعمل وماء الورد الذي فقد صفاته مع الزمن, فالمقياس في معرفة سلب الطهورية تقديري في هذه الحال, فنقدر في الذهن ما لو وقع في الماء -بدلًا من المشابه له في صفاته- مخالفٌ له بأوسط الصفات, فإذا رأينا أنه يغيّر إحدى صفاته تغييرًا فاحشًا حكمنا على الماء بأنه سُلبت طهوريته, وإلا فلا. فالتغير التقديري إذن كالتغير الحسي.
وهذا التقدير مندوب كما نقل عن ابن قاسم العبّادي والبُجَيرمي، فلو هجم واستعمله جاز؛ إذ غايته أنه شاكّ في التغير والأصل عدمه.
" واحترز بقوله: خالطه عن الطاهر المجاور له فإنه باقٍ على طهوريته "
المجاور: هو ما يمكن فصله, أو ما يتميز في رأي العين كدهن وعود.
فصل في ذكر شيء من الأعيان المتنجسة
" وكيفية الدبغ: أن ينزع فضول الجلد مما يعفِّنه من دم ونحوه بشيء حِرِّيف "
بكسر الحاء وتشديد الراء المكسورة أي: فيه حَرافة أي: لذْع في اللسان عند ذوقه, بخلاف ما ليس حرّيفًا كتراب وملح فلا يكفي, وكذلك التشميس وتجفيفه بالهواء؛ لبقاء عفونته كامنةً فيه, بدليل أنه لو نقِّع في الماء عادت عفونته.
فصل في بيان ما يحرم استعماله من الأواني وما يجوز
" ولا يجوز في غير ضرورة لرجل أو امرأة استعمال شيء من أواني الذهب والفضة "
فإن دعت ضرورة إلى استعمال ذلك كمِرْوَد -بكسر الميم وسكون الراء وفتح الواو- من ذهب أو فضة يكتحل به لجلاء عينه, كأنْ أخبره طبيبٌ عدلٌ روايةً بأن عينه لا تنجلي إلا بذلك جاز استعماله, ويقدَّم المرود من الفضة على المرود من الذهب عند وجودهما معًا.
فصل في استعمال آلة السواك
" واختار النووي عدم الكراهة مطلقًا "
أي: من جهة الدليل لا من جهة المذهب. قال النووي -رحمه الله تعالى-: " وحكى أبو عيسى -يعني الترمذي- في « جامعه » في كتاب الصيام عن الشافعي -رحمه الله- أنه لم يرَ بالسواك للصائم بأسًا أولَ النهار وآخرَه. وهذا النقل غريب, وإن كان قويًا من حيث الدليل, وبه قال المزني وأكثر العلماء, وهو المختار "([2]).
فصل في فروض الوضوء
" ولو غسل أربعةٌ أعضاءَه دَفعة واحدة بإذنه ارتفع حدث وجهه فقط "
قوله: " بإذنه " ليس بقيد على المعتمد, بل المدار على نيّته؛ فمتى نوى صح له غسل الوجه؛ لوقوعه مرتبًا, ولم يصح الباقي؛ لعدم الترتيب.
فصل في الاستنجاء وآداب قاضي الحاجة
" ويجوز أن يقتصر المستنجي على الماء, أو على ثلاثة أحجار يُنْقِي بهنَّ المحل إن حصل الإنقاء بها, وإلا زاد عليها حتى يُنْقِي, ويسن بعد ذلك التثليث "
قوله: " التثليث " صوابه الإيتـار -كما في بعض النسخ- لأن الذي يسن بعد الإنقاء إن لم يحصل بوترٍ الإيتـارُ لا التثليثُ.
" ولا يستقبل الشمس والقمر ولا يستدبرهما, أي: يكره له ذلك حال قضاء حاجته, لكن النووي في « الروضة » و « شرح المهذب » قال: إن استدبارهما ليس بمكروه "
المعتمد ما في « الروضة » و « شرح المهذب » من كراهة الاستقبال دون الاستدبار, لكن المختار من حيث الدليل عدم الكراهة مطلقًا؛ لأن الحكم بالكراهة يحتاج إلى دليل, ولا دليل في المسألة.
فصل في نواقض الوضوء
" أحدها: ما خرج من أحد السبيلين.. إلا المني الخارج باحتلام من متوضئ ممكن مقعده من الأرض فلا ينقض "
المعتمد في المذهب أن خروج المني لا ينقض الوضوء؛ ووُجِّه بأن ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه فلا يوجب أدْوَنهما بعمومه كزنا المحصن لما أوجب أعظم الحدَّينِ وهو الرجم لكونه زنا محصن لا يوجب أدْوَنهما وهو الجلد والتغريب لكونه زنا.
وقيل: إن خروج المني ينقض الوضوء أيضًا ويوجب الغسل, وبه قال القاضي أبو الطيب وأبو محمد الجويني وإمام الحرمين أبو المعالي الجويني والغزالي وابن الرفعة, وإطلاق الشافعي يقتضيه, وما استدل به الرافعي من أن الشيء إذا أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أدْوَنهما بعمومه نقضه الماوردي بالحيض وقال: إنه ينقض الوضوء بالاتفاق([3]).
" والثاني: النوم على غير هيئة المتمكن وفي بعض نسخ المتن زيادة: من الأرض بمقعده "
إسقاط هذه الزيادة أولى؛ لأن الأرض ليست بقيد كما ذكره الشارح, فلو نام ومكّن مقعده من ظهر دابة أو فرش فلا نقض.
فصل في مُوجِب الغسل
" وأما الخنثى المشكل فلا غسل عليه بإيلاج حشفته ولا بإيلاج في قُبُلِه "
ولو اجتمع إيلاج حشفته في غيره وإيلاج غيره في قُبُلِه وجب عليه الغسل؛ لأنه أجنب ولا بدّ, فإن كان رجلًا فقد أجنب بإيلاج حشفته في غيره, وإن كان امرأة فقد أجنب بإيلاج غيره في قُبُلِه.
" ومن المشترك إنزال أي: خروج المني من شخص بغير إيلاج, وإن قلّ المني كقطرة, ولو كانت على لون الدم, ولو كان الخارج بجماع أو غيره, في يقظة أو نوم, بشهوة أو غيرها, من طريقه المعتاد أو غيره, كأن انكسر صُلبه فخرج منيُّه "
قوله: " أو غيره " أي غير طريقه المعتاد بشرط أن يكون مُستحْكِمًا فإن كان غير مُستحكِم لم يجب الغسل فقول الشارح: " كأن انكسر صُلبه فخرج منيّه " ليس في محله؛ لأنه حينئذ لا يجب الغسل.
فصل في فرائض الغسل وسننه
" وإيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة "
فلو لم يصل الماء إلى بعض البشرة لحائل كشمع أو وسخ تحت الأظفار لم يصح الغسل حتى يزيله ويغسل محله, ومثل البشرة الأظفار.
فصل في جملة من الاغتسالات المسنونة
" وللمبيت بمزدلفة "
أي: والغسل للمبيت بمزدلفة على رأي مرجوح. والراجح أنه لا يسن الغسل للمبيت بمزدلفة؛ لأنه قريب من غسل عرفة.
" أما رمي جمرة العقبة في يوم النحر فلا يغتسل له لقرب زمنه من غسل الوقوف "
قوله: " لقرب زمنه من زمن الوقوف " كان الأولى أن يقول: من غسل المزدلفة؛ لأنه أقرب من غسل الوقوف بعرفة.
" والغسل للطواف "
أي على قول مرجوح. والراجح أنه لا يسن الغسل له؛ لأن وقته موسع فلا يلزم اجتماع الناس لفعله في وقت واحد المقتضي ذلك لطلب الغسل.
فصل في المسح على الخفين
" ولو لبس خفًا فوق خف لشدة البرد مثلًا, فإن كان الأعلى صالحًا للمسح دون الأسفل صح المسح على الأعلى, وإن كان الأسفل صالحًا للمسح دون الأعلى فمسح الأسفل صح أو الأعلى فوصل البلل للأسفل صح إن قصد الأسفل أو قصدهما معًا لا إن قصد الأعلى فقط, وإن لم يقصد واحدًا منهما بل قصد المسح في الجملة أجزأ في الأصح "
هذه المسألة تسمى بمسألة الجُرْمُوق, وهو خف فوق خف, فهو اسم للخف الأعلى, وحاصل مسألته: أنهما تارة يكونان قويين, وتارة يكونان ضعيفين, وتارة يكون الأعلى قويًا والأسفل ضعيفًا, وتارة العكس, وقد ذكر الشارح حكم الأخيرين, ولم يذكر حكم الأولين, فمتى كانا ضعيفين لا يصح المسح عليهما مطلقًا, وأما القويان فحكمهما كحكم ما إذا كان الأعلى ضعيفًا والأسفل قويًا, فيجري فيهما التفصيل الذي ذكره الشارح.
" والعاصي بالسفر والهائم يمسحان مسح مقيم "
الهائم هو الذي لا يدري أين يتوجه, فإن انضم إلى ذلك عدم التزام طريق سمّي راكب التعاسيف فهو داخل في الهائم فعطفه عليه في بعض العبارات من عطف الخاص على العام.
فصل في التيمم
" والخامس: التراب الطاهر أي: الطهور غير المُنَدَّى, ويصدق الطاهر بالمغصوب, وتراب مقبرة لم تنبش, ويوجد في بعض النسخ زيادة في هذا الشرط وهي:" له غبار فإن خالطه جِص أو رمل لم يُجْزِ " وهذا موافق لما قاله النووي في « شرح المهذب » و « التصحيح » لكنه في « الروضة » و « الفتاوى » جوّز ذلك ".
أي جوّز التيمم بالتراب الذي خالطه رمل لا جِص, فالخلاف في مسألة الرمل لا في الجِص, وإن كان ظاهر صنيع الشارح أن الخلاف فيها أيضًا.
ويُحمل القول بعدم الإجزاء على ما إذا كان الرمل ناعمًا يلصق بالعضو؛ لأنه يمنع وصول التراب إلى العضو. ويحمل القول بالإجزاء على ما إذا كان الرمل غير ناعم لا يلصق بالعضو؛ لأنه لا يمنع وصول التراب إلى العضو. فلا تنافي بين القولين للجمع بينهما بذلك.
" ويجب قرن نية التيمم بنقل التراب للوجه واليدين واستدامة هذه النية إلى مسح شيء من الوجه "
هذا ضعيف, والمعتمد الاكتفاء باستحضار النية عند مسح شيء من الوجه, ولو عزُبَتْ بينه وبين النقل.
" ولو أحدث بعد نقل التراب لم يمسح بذلك التراب بل ينقل غيره "
هذا ضعيف, والمعتمد أن له أن يمسح به, بشرط أن يجدِّد النية قبل المسح, ويكون هذا نقلًا جديدًا.
" ويصلي ولا إعادة عليه إن كان وضعها أي: الجبائر على طهر, وكانت في غير أعضاء التيمم, وإلا أعاد. وهذا ما قاله النووي في « الروضة » لكنه قال في « المجموع »: إن إطلاق الجمهور يقتضي عدم الفرق "
هذا الإطلاق ضعيف, المعتمد ما في « الروضة » لنقص البدل والمبدل جميعًا.
" وللمرأة إذا تيممت لتمكين الحليل أن تفعله مرارًا, وتجمع بينه وبين الصلاة بذلك التيمم "
ظاهره أنها إذا تيممت لتمكين الحليل يجوز لها أن تجمع بين التمكين وبين الصلاة بذلك التيمم, وليس كذلك؛ لأنه يمتنع عليها إذا تيممت لتمكين الحليل أن تصلي النافلة فضلًا عن الفريضة وفضلًا عن الجمع بينهما. ولعل مراد الشارح أنها تيممت بقصد الصلاة فلها أن تجمع بين الصلاة وبين تمكين الحليل بذلك التيمم.
فصل في بيان النجاسات وإزالتها
" النجاسة لغة: الشيء المستقذر, وشرعًا: كل عين حرم تناولها على الإطلاق حالة الاختيار مع سهولة التمييز لا لحرمتها ولا لاستقذارها ولا لضررها في بدن أو عقل "
قوله: " حرم تناولها " أي: تعاطيها أكلًا أو شربًا أو غيرهما.
قوله: " على الإطلاق " معنى الإطلاق: عدم التقييد بقلة أو كثرة, وخرج بذلك ما يباح قليله ويحرم كثيره كبعض النباتات السمية فهو طاهر.
قوله: " حالة الاختيار " أي في حالة الاختيار وإن أبيح في حالة الاضطرار كالميتة, فالاضطرار إنما أباح تناولها ولم يخرجها من النجاسة.
قوله: " مع سهولة التمييز " أي حرم تناولها مع سهولة التمييز, فيدخل في النجاسة دود الفاكهة والجبن ونحوهما, وإن أبيح تناوله مع ذلك؛ لعسر تمييزه بحسب الشأن, وإن سهل بالفعل.
قوله: " لا لحرمتها " أي: ليس تحريم تناولها لاحترامها وتعظيمها, فالمراد من الحرمة: الاحترام والتعظيم لا الحرمة الشرعية, وخرج بهذا القيد ميتة الآدمي فإنها وإن حرم تناولها لكن لا لحرمتها. قوله: " ولا لاستقذارها " أي: ليس تحريم تناولها لاستقذارها, وخرج بهذا ما حرم تناوله لاستقذاره فليس بنجس.
قوله: " ولا لضررها في بدن أو عقل " أي: ليس تحريمها لأجل ضررها في بدن أو عقل, وخرج بهذا الحجر والنبات المضرين ببدن أو عقل, فالحجر والطين والنباتات السمية المضرة بالبدن طاهرة وكذا المضرة بالعقل كالأفيون والبنج والحشيش.
" ولا يعفى عن شيء من النجاسات إلا اليسير من الدم والقيح "
خرج باليسير الكثير, فإن كان من الشخص نفسه, ولم يكن بفعله, ولم يختلط بأجنبي, ولم يجاوز محله عفي عنه, وإلا فلا.
" وما لا نفس له سائلة "
أي: لا دم له سائل بحيث لو شق عضو منها لم يسل لها دم, وسمي الدم نفسًا؛ لأن به قوام النفس.
فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة
" ولونه أسود مُحْتَدِم "
أي شديد الحرارة؛ مأخوذ من احتدام النهار وهو اشتداد حرّه. وهذا أولى من قول الشارح نقلًا عن « الصحاح »: احتدم الدم اشتدت حمرته حتى أسود؛ لأنه يقتضي تفسير المحتدم بالأسود فيلزم تكرره مع ما قبله, وتفسير مُحْتَدِم بشديد الحرارة لا تكرار فيه مع قوله " لَذَّاع " لأن معنى لذّاع مُحْرِق أي: مُوجِع مُؤلِم.
" والنفاس هو الدم الخارج عقب الولادة "
ومثل الولادة إلقاء علقة أو مضغة قالت القوابِل إنها أصل آدمي -ولو قابِلة واحدة منهن- على المعتمد؛ فمتى وضعت مضغة أو علقة قالت القوابِل -ولو واحدة- إنها أصل آدمي فالدم الخارج بعده نفاس.
 كتاب أحكام الصلاة
" وللعصر خمسة أوقات .. "
وقت فضيلة: أول الوقت, ووقت اختيار: إلى ظل المثلين, ووقت جواز بلا كراهة: إلى الاصفرار, ووقت كراهة: من الاصفرار إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة, ووقت تحريم: وهو آخر الوقت بحيث يبقى من الوقت ما لا يسع الصلاة, تدخل الثلاثة الأوقات الأولى بدخول الوقت وتخرج متعاقبة.
" والقديم ورجحه النووي أن وقتها يمتد إلى مغيب الشفق الأحمر "
قال النووي -رحمه الله تعالى-: " الأحاديث الصحيحة مصرحة بما قاله في القديم, وتأويل بعضها متعذر فهو الصواب. وممن اختاره من أصحابنا ابن خزيمة والخطابي والبيهقي والغزالي في « الإحياء » والبغوي في « التهذيب » وغيرهم "([4]).
فهذه من المسائل التي يفتى بها من المذهب القديم بل هذا قول جديد؛ لأن الشافعي -رحمه الله تعالى- علّق  القول به في « الإملاء » -وهو من كتبه الجديدة- على ثبوت الحديث, وقد ثبت الحديث به ففي مسلم " ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق "([5]).
" والصبح.. ولها كالعصر خمسة أوقات "
وقت فضيلة: أول الوقت, ووقت اختيار: إلى الإسفار, ووقت جواز بلا كراهة: إلى طلوع الحمرة, ووقت كراهة: من طلوع الحمرة إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة, ووقت تحريم: وهو آخر الوقت بحيث يبقى من الوقت ما لا يسع الصلاة.
فصل في بيان صفات من تجب عليه الصلاة وبيان النوافل
" والثاني: صلاة الضحى, وأقلها ركعتان, وأكثرها اثنتا عشرة ركعة "
هذا ضعيف, والمعتمد أن أكثرها ثمان ركعات. وحديث " إن صليتها -يعني الضحى- ثنتي عشرة ركعة بنى الله لك بيتًا في الجنة " ضعيف([6]).
فصل في شروط صحة الصلاة
" ويكون ستر العورة بلباس طاهر, ويجب سترها أيضًا في غير الصلاة عن أعين الناس, وفي الخلوة إلا لحاجة من اغتسال ونحوه, أما سترها عن نفسه فلا يجب "
أي: بل يجوز له أن ينظر إليها من طوقه مثلًا مع كونه ساترها, فلا ينافي ما تقدم من وجوب سترها في الخلوة.
" لكنه يكره نظره إليها "
استدراك على قوله:" فلا يجب " ومحل الكراهة إذا كان لغير حاجة أما لها فلا كراهة.
" فلا تصح صلاة شخص يلاقي بعض بدنه أو لباسه نجاسة في قيام أو قعود أو ركوع أو سجود "
قوله: " يلاقي " أي: مع المماسّة, فإن حاذاه بدون مماسّة كأن حاذى صدره في حال سجوده نجاسة مع عدم المماسّة لم يضر.
" ويجوز ترك استقبال القبلة في الصلاة في حالتين في شدة الخوف في قتال مباح.. "
ومثل القتال المباح الفرار المباح كالفرار من ظالم أو سبع أو نار أو كفار زادوا على ضِعفنا.
فصل في أركان الصلاة
" وأركان الصلاة ثمانية عشر ركنًا "
عدُّ الأركان ثمانية عشر طريقة من جعل الطمأنينات في محالّها الأربع, ونية الخروج أركانًا كصاحب « التنبيه » وعدَّها في « الروضة » سبعة عشر بإسقاط نية الخروج؛ لأنها سنة على الصحيح, وعدَّها بعضهم أربعة عشر بجعل الطمأنينات في محالّها الأربع ركنًا واحدًا؛ لاتحاد جنسها, وبعضهم خمسة عشر بزيادة قرن النية بالتكبير, ومنهم من جعلها تسعة عشر بجعل الخشوع ركنًا, ومنهم من جعلها عشرين بزيادة المصلي, والمعتمد ما في « المنهاج » وغيره كـ « المحرَّر » من جعلها ثلاثة عشر بجعل الطمأنينة هيئة تابعة للركن, وعلى كل من القولين فلا بد منها, فالخلاف في الطمأنينة لفظي؛ لأنه خلاف في التسمية, فقيل تسمى ركنًا, وقيل لا تسمى.
" ويجب قرن النية بالتكبير "
أي قرنًا حقيقيًا بعد الاستحضار الحقيقي؛ بأن يستحضر الصلاة تفصيلًا مع تعيينها في غير النفل المطلق ونية الفرضية في الفرض وقصد الفعل في كل صلاة, ويقرن ذلك المستحضَر بكل التكبيرة من أولها إلى آخرها. هذا ما قاله المتقدمون وهو أصل مذهب الشافعي, واختار المتأخرون الاكتفاء بالمقارنة العرفية بعد الاستحضار العرفي؛ بأن يستحضر الصلاة إجمالًا بحيث يعد أنه مستحضر للصلاة مع أوصافها السابقة, ويقرن ذلك المستحضر بأي جزء من التكبيرة ولو الحرف الأخير, ويكفي تفرقة الأوصاف على الأجزاء, وهذا أسهل من الأول؛ لأن الأول فيه حرج, وقد قال تعالى: ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (([7]) فالمصير إلى الثاني. وفي « المجموع شرح المهذب » و « التنقيح شرح الوسيط » للنووي: المختار ما اختاره الإمام والغزالي أنه يكفي المقارنة العرفية عند العوام. وصوّب السبكي وغيره هذا الاختيار. قال بعضهم: لو كان الشافعي حيًا لأفتى به, وقال ابن الرِّفعة: إنه الحق, وقال غيره: إنه قول الجمهور, وقال الزركشي: إنه حسن بالغ لا يتجه غيره, وقال الأذرعي: إنه صحيح, وصوبه السبكي. قال الخطيب: ولي بهما أسوة.
" وأما النووي فاختار الاكتفاء بالمقارنة العرفية بحيث يعد عرفًا أنه مستحضر للصلاة "
ظاهره أنه تصوير للمقارنة العرفية, وليس كذلك, بل هو تصوير للاستحضار العرفي, فيكون في كلام الشارح حذف تقديره: كما اختار الاكتفاء بالاستحضار العرفي, والحاصل أن الشارح ذكر المقارنة العرفية ولم يصوِّرها, وصوَّر الاستحضار العرفي ولم يذكره.
" ومن جهل الفاتحة وتعذرت عليه لعدم معلم مثلًا, وأحسن غيرها من القرآن وجب عليه سبع آيات متوالية عوضًا عن الفاتحة أو متفرقة, فإن عجز عن القرآن أتى بذكر بدلًا عنها بحيث لا ينقص عن حروفها "
وحروف الفاتحة مائة وستة وخمسون بإثبات ألف مالك, ومائة وخمس وخمسون بحذفه.
" الخامس: الركوع وأقل فرضه لقائم قادر على الركوع معتدل الخِلقة سليم يديه وركبتيه أن ينحني بغير انخناس قدر بلوغ راحتيه ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما فإن لم يقدر على هذا الركوع انحنى مقدوره وأومأ بطرفه "
أسقط الشارح مرتبة بعد انحناء مقدوره وقبل الإيماء بطرفه وهي الإيماء برأسه. والطَّرْف -بسكون الراء- البصر. والمراد به هنا الأجفان ولو عبر بها لكان أولى؛ لأنها هي التي يومئ بها دون البصر. والإنخناس: هو أن يُطأطِئ عَجيزته ويرفع رأسه ويقدِّم صدره.
" وأكمل الركوع: تسوية ظهره وعنقه بحيث يصيران كصفيحة واحدة "
أي: كلوح واحد لا اعوجاج فيه.
" والأكمل في تسبيح الركوع والسجود مشهور "
أي: وهو إحدى عشرة تسبيحة.
فصل في أمور تخالف فيها المرأة الرجل
" وعورة الرجل ما بين سرته وركبته أما هما فليسا من العورة ولا ما فوقهما "
قوله: " أما هما " أي السرة والركبة.
وقوله: " ولا ما فوقهما " أي: فوق السرة ودون الركبة.
فصل في عدد مبطلات الصلاة
" واستدبار القبلة "
أي: جعلها جهة دبره, وهو ليس بقيد, بل المدار على التحول عنها بصدره, ولو يمنةً أو يسرةً.
" والأكل والشرب كثيرًا كان المأكول والمشروب أو قليلًا إلا أن يكون الشخص في هذه الصورة جاهلًا تحريم ذلك "
قوله: " في هذه الصورة " أي: صورة القليل بخلاف الكثير فلا استثناء فيه.
فصل في عدد ركعات الصلاة
" ومن عجز عن الجلوس صلى مضطجعًا, فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه للقبلة, فإن عجز عن ذلك كله أومأ بطَرْفه "
أسقط الشارح مرتبة قبل الإيماء بالطرف وهي الإيماء بالرأس مع جعل سجوده أخفض من ركوعه.
" فإن عجز عن الإيماء برأسه أومأ بأجفانه "
ولا يجب حينئذ أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه على المعتمد؛ لعدم ظهور التمييز بينهما حسًا في الإيماء بالأجفان بخلافه في الإيماء بالرأس فإنه يظهر التمييز بينهما فيه.
فصل في سجود السهو
" فالفرض لا ينوب عنه سجود السهو بل إن ذكره أي: الفرض وهو في الصلاة أتى به وتمت صلاته "
محل كونه يأتي به إن لم يستمر على سهوه حتى فعل مثله, وإلا قام المفعولُ مقامَه ولغا ما بينهما, وتدارك الباقي من صلاته.
" وإذا شك المصلي في عدد ما أتى به من الركعات كمن شك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا؟ بنى على اليقين وهو الأقل كالثلاثة في هذا المثال, وأتى بركعة وسجد للسهو, ولا ينفعه غلبة الظن أنه صلى أربعًا, ولا يعمل بقول غيره له أنه صلى أربعًا, ولو بلغ ذلك القائل عدد التواتر "
هذا ضعيف, والمعتمد أنه إذا بلغ ذلك القائل عدد التواتر يعمل بقوله؛ لأنه يفيد اليقين. وفعلهم كقولهم عند ابن حجر والخطيب -رحمهما الله تعالى-.
فصل في الأوقات التي تكره الصلاة فيها
" وخمسة أوقات لا يصلى فيها إلا صلاة لها سبب "
أي: غير متأخر فيصدق بالمتقدم والمقارن, والمراد بالسبب المتقدم والمقارن والمتأخر بالنسبة إلى الصلاة على الراجح لا بالنسبة إلى الأوقات. والمراد المقارنة ولو دوامًا, فصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء سببهما وهو تغير الشمس أو القمر أو الحاجة إلى السقي وإن كان متقدمًا على الصلاة هو مقارن لها دوامًا.
فصل في بيان أحكام الجماعة في الصلاة
" وصلاة الجماعة للرجال في الفرائض غير الجمعة سنة مؤكدة عند المصنف والرافعي والأصح عند النووي أنها فرض كفاية "
المعتمد في المذهب أنها فرض كفاية, وقيل هي فرض عين, وصححه ابن المنذر وابن خزيمة وهو الراجح دليلًا.
فصل في قصر الصلاة وجمعها
" ويجوز للحاضر أي: المقيم في وقت المطر أن يجمع بينهما أي الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا في وقت الثانية بل في وقت الأولى منهما إنْ بلَّ المطرُ أعلى الثوب وأسفل النعل "
الواو بمعنى أو فالشرط أحدهما, وعلم من ذلك أنه لا يشترط أن يكون المطر قويًا بل يكفي ولو ضعيفًا بحيث يبل أعلى الثوب أو أسفل النعل.
فصل في بيان شرائط وجوب الجمعة وشرائط صحة فعلها وفرائضها وهيئاتها
" وشروط وجوب الجمعة سبعة أشياء: الإسلام والبلوغ والعقل -وهذه شروط أيضًا لغير الجمعة من الصلوات- والحرية والذكورية والصحة والاستيطان "
كان الأولى أن يعبر بالإقامة بدل الاستيطان؛ لأنه ليس شرطًا للوجوب, وإنما هو شرط للانعقاد.
" دار الإقامة التي يستوطنها العدد المجمعون سواء في ذلك المدن والقرى.. "
أي: والبلدان أيضًا, فالمدن جمع مدينة وهي: ما اجتمع فيها حاكم شرعي وحاكم شرطي وسوق للبيع والشراء وتسمى مصرًا, والقرى جمع قرية وهي: ما خلت عن جميع ذلك, والبلدان جمع بلد وهي: ما وجد فيه بعض ذلك وخلت عن البعض الآخر.
" وتنظيف الجسد بإزالة الريح الكريه منه كصُنَان فيتعاطى ما يزيله من مرتك ونحوه "
الصُّنان: ريح كريه يكون تحت الإبط, والمِـَرْتك -بفتح الميم وكسرها- مُعرَّب: أصله من الرصاص يقطع رائحة الإبط لأنه يحبس العرق.
فصل في بيان أحكام صلاة العيدين
" ويخطب ندبًا بعدهما أي: الركعتين خطبتين, يكبر في ابتداء الأولى تسعًا ولاءً, ويكبر في ابتداء الثانية سبعًا ولاءً, ولو فصل بينها بتحميد وتهليل وثناء كان حسنًا "
كان عليه أن يقدم هذه العبارة قبل قوله: " ويخطب " لأن هذا إنما هو في تكبير الصلاة لا في تكبير الخطبة.
" ويكبر ندبًا كل من ذكر وأنثى وحاضر ومسافر في المنازل والطرق والمساجد والأسواق من غروب الشمس من ليلة العيد أي عيد الفطر "
أي: وعيد الأضحى. فالألف واللام في كلمة " العيد " في كلام المصنف للجنس الصادق بعيد الفطر والأضحى؛ لأن التكبير المرسل مشترك بينهما فاقتصار الشارح على عيد الفطر ليس في محله.
فصل في صلاة الكسوف
" ويخطب الإمام بعدهما أي: صلاة الكسوف والخسوف خطبتين كخطبتي الجمعة في الأركان والشروط "
لو قال: كخطبتي العيدين في الأركان والشروط لكان أولى وأنسب, نعم لا يسن التكبير هنا لعدم وروده, ووجْه ذلك أن قوله: " في الأركان والشروط " غير ظاهر بالنسبة للشروط؛ إذ لا يشترط هنا شروط خطبتي الجمعة, نعم يشترط الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية وكون الخطيب ذكرًا.
فصل في أحكام صلاة الاستسقاء
" وتكون الخطبتان بعدهما "
ويجوز تقديمهما على الصلاة وإن كان خلاف الأفضل.
فصل في كيفية صلاة الخوف
" والثالث: في شدة الخوف والتحام الحرب.. "
التحام الحرب ليس بقيد؛ لأن المدار على كونهم لا يأمنون هجوم العدو عليهم لو ولّوا عنه أو انقسموا, والظاهر وإن لم يحصل حرب أصلًا فضلًا عن التحامه.

فصل في اللباس
" وإذا كان بعض الثوب إبريسمًا أي: حريرًا, وبعضه الآخر قطنًا أو كتانًا مثلًا جاز للرجل لبسه ما لم يكن الإبريسم غالبًا على غيره, فإن كان غير الإبريسم غالبًا حل "
الإبريسم: -لفظ فارسي مُعرَّب- بكسر الهمزة والراء أو بفتح الهمزة وكسرها مع فتح الراء.
والعبرة في الغلبة وعدمها بالوزن لا بالظهور والرؤية.
فصل في الجنائز
" وأقل الكفن ثوب واحد يستر عورة الميت على الأصح في « الروضة » و « شرح المهذب » ويختلف بذكورة الميت وأنوثته "
هذا ضعيف, والمعتمد أن أقله ثوب واحد يستر جميع بدن الميت إلا رأس المحرم ووجه المحرمة.
" والسلام هنا كالسلام في صلاة غير الجنازة في كيفيته وعدده, لكن يستحب زيادة ورحمة الله وبركاته "
ما أفاده من سن وبركاته هنا ضعيف, والمعتمد أنها لا تسن هنا كما لا تسن في سائر الصلوات.
" والشق أن يحفر في وسط القبر كالنهر ويبنى جانباه "
ظاهره أنه يجمع بين الحفر والبناء وليس متعينًا, بل يمكن الاقتصار على أحدهما.
" والتعزية سنة قبل الدفن وبعده إلى ثلاثة أيام من بعد دفنه "
هذا ضعيف, والمعتمد أن ابتداءها من الموت, وإن لم يدفن, فما مضى بعد الموت وقبل الدفن محسوب من الثلاث.
فوائد:
الأولى: ختم المجالس بالفاتحة بدعة
قال الباجوري -رحمه الله تعالى-:" وما يفعله الناس من قراءة الفاتحة إذا عقدوا مجلسًا وفارقوه غير سنة, والسنة قراءة سورة العصر؛ لما فيها من التوصية بالصبر وبالحق وغير ذلك "([8]).
الثانية: الأذان عند إنزال الميتِ القبرَ بدعة.
 قال الباجوري -رحمه الله تعالى-: " ولا يسن الأذان عند إنزال الميت القبر خلافًا لمن قال بسنيته حينئذ؛ قياسًا لخروجه من الدنيا على دخوله فيها. قال ابن حجر: وردَدْتُه في « شرح العباب » "([9]).
وقال أبو بكر بن محمد شطا الدمياطي المشهور بالبكري -رحمه الله تعالى-:" واعلم أنه لا يسن الأذان عند دخول القبر خلافًا لمن قال بسنيته؛ قياسًا لخروجه من الدنيا على دخوله فيها. قال ابن حجر: وردَدْتُه في « شرح العباب » "([10]).
وسئل ابن حجر الهيتمي -رحمه الله تعالى-: ما حكم الأذان والإقامة عند سد فتحِ اللحد؟
فأجاب بقوله:" هو بدعةٌ. ومن زعم أنه سنة عند نزول القبر؛ قياسًا على ندبهِما في المولود إلحاقـًا لخاتمة الأمر بابتدائه فلم يُصِب. وأيُّ جامع بين الأمرينِ؟! ومجرد أنّ ذاك في الابتداء وهذا في الانتهاء لا يقتضي لحوقَه بِه "([11]).
الثالثة: التلقين بعد الدفن بدعة.
قال البُجَيرمي -رحمه الله تعالى-:" وفي كلام الحافظ السيوطي: لم يثبت في التلقين حديث صحيح ولا حسن, بل حديث ضعيف باتفاق المحدثين؛ ولهذا ذهب جمهور الأمة إلى أن التلقين بدعة. وآخر من أفتى بذلك العزّ بن عبد السلام. وإنما استحسنه ابن الصلاح, وتبعه النووي؛ نظرًا إلى أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال "([12]).
 كتاب أحكام الزكاة
" فإن عُلِفت الماشية معظم الحول غلا زكاة فيها, وإن علفت نصفه فأقل قدرًا تعيش بدونه بلا ضرر بيِّن وجبت زكاتها, وإلا فلا "
وقع للشارح اختلالٌ في هذه العبارة. والصواب أن يقول: أو علفت نصفه فأقل قدرًا لا تعيش بدونه, أو تعيش بدونه لكن بضرر بيّن, أو بلا ضرر بيّن لكن قصد به قطع السوم فلا تجب زكاتها. أما لو علفها مالكها قدرًا تعيش بدونه بلا ضرر بيّن ولم يقصد به قطع السوم فإن زكاتها واجبة.
" أن يكون مما يزرعه أي: يستنبته الآدميون "
أي: مما يتولى الآدميون أسباب زراعته. وهذا هو المراد من قول الشارح: " أي: يستنبته " فالمعنى يتولى الآدميون أسباب نباته. والمراد: ما شأنه ذلك, وإن نبت بنفسه, أو بحمل ماء أو هواء, فتجب فيه الزكاة.
وأما قول الشارح: " فإن نبت بنفسه أو بحمل ماء أو هواء فلا زكاة فيه " فهو محمول على ما من شأنه أن ينبت كذلك من الأشياء التي تطلع بنفسها في البوادي, وكذا ثمار البستان وغلة القرية الموقوفين على المساجد والفقراء والمساكين فلا زكاة فيها على الصحيح؛ إذ ليس لها مالك معين, فلو كان لها مالك معين بأن نبت ذلك الحب في أرضٍ لشخصٍ معينٍ فإنه يملكه وتجب عليه زكاته.
فصل في مقدار نصاب الإبل وما يجب إخراجه عنه
" ثم في كل أي: ثم بعد زيادة التسع على مائة وإحدى وعشرين وزيادة عشر بعد زيادة التسع, وجملة ذلك مائة وأربعون يستقيم الحساب على أن في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة "
أي: يتغير الواجب بزيادة تسع ثم عشرٍ, عشرٍ. ففي مائة وثلاثين: حقة وبنتا لبون, وفي مائة وأربعين: حقتان وبنت لبون, وفي مائة وخمسين: ثلاث حقاق, وهكذا.
فصل في بيان مقدار نصاب البقر وما يجب إخراجه عنه
" ولو أخرج تبيعةً أجزأت بطريق الأولى "
أي: لأنها أنفع من الذكر لما فيها من الدَّر والنَّسل.
فصل في بيان مقدار نصاب الغنم وما يجب إخراجه عنه
" وأول نصاب الغنم أربعون "
لو ملك ثمانين في بلدين في كل بلد أربعون لا يلزمه إلا زكاة واحدة, وإن بعدت المسافة بينهما.
فصل في زكاة الخلطة
" والمسرح واحدًا والمراد بالمسرح الموضع الذي تسرح إليه الماشية "
الأولى تفسير المسرح بالموضع الذي تجتمع فيه ثم تساق إلى المرعى؛لأنه يلزم على عبارة الشارح اتحاده مع المرعى الآتي؛ لأنه يصدق عليه أنه الموضع الذي تسرح إليه الماشية.
فصل في بيان مقدار نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه عنه
" ونصاب الذهب عشرون مثقالًا "
وهو يساوي بالجرامات:  4.25 × 20 = (85) خمسة وثمانين جرام من الذهب الخالص.
 " ونصاب الورق مائتا درهم "
وهو يساوي بالجرامات:  2.975 × 200 = (595) خمسمائة وخمسة وتسعين جرام من الفضة الخالصة.
" وفيه ربع العشر "
أي: (2.5 % ) اثنان ونصف في المائة.
فصل في بيان مقدار نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه منه
" ونصاب الزروع والثمار خمسة أَوسُق "
الوَسْق: ستون صاعًا, فيكون النصاب ثلاثمائة صاع, والصاع أربعة أمداد, والمد رطل وثلث بالعراقي, فيكون المجموع: ألف وستمائة رطل كما ذكره الشارح, وهو يساوي بالكيلو جرامات: 300×2.156 = (646.96) ستمائة وستة وأربعين وستة وتسعين في المائة كيلو جرام, وبالتقريب: (647) ستمائة وسبعة وأربعين كيلو جرام.
" وفيها إن سقيت بماء السماء أو السَّيح العشر "
أي: (10 %) عشرة في المائة.
" وإن سقيت بدولاب أو نضح نصف العشر "
أي: (5 %) خمسة في المائة.
والسَّيح: هو كل ما يسيح على وجه الأرض كالسَّيل وما انصب من جبل أو نهر أو عين فقول الشارح: " بسبب سد نهر .. " ليس بقيد فكان الأولى حذفه.
" وفيما سقي بماء السماء والدولاب مثلًا سواء ثلاثة أرباع العشر "
أي: (7.5 %) سبعة ونصف في المائة.
فصل في بيان زكاة عروض التجارة والمعدن والرِّكاز
" وما يوجد من الرِّكاز  ففيه الخمس "
أي: ما يوجد من الرِّكاز -إن بلغ نصابًا- ففيه الخمس أي: (20 %) عشرون في المائة.
فصل في زكاة الفطر
" وقدره أي: الصاع: خمسة أرطال وثلث بالعراقي "
وهو يساوي بالكيلو جرامات: (2.156) اثنين كيلو جرام ومائة وستة وخمسين جرام.
فصل في قسم الزكاة على مستحقيها
" وتدفع الزكاة للأصناف الثمانية .."
اختُلِف في استيعاب المستحقين للزكاة فعند الشافعية يجب, وعند غيرهم لا يجب, فجوّز بعضهم دفعها إلى ثلاثة فقراء أو مساكين, وممن اختاره السبكي وغيره.
 كتاب أحكام الصيام
" وأكمل نية صومه أن يقول الشخص: نويت صوم غد عن أداء فرض رمضان.. "
إن قصد أن الأكمل أن يقول ذلك بقلبه فمقبول, وإن قصد أنه يقوله بلسانه فغير مقبول؛ لمخالفته لخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم ينقل عنه أنه تلفظ بالنية, ولا أمر بالتلفظ أحدًا من أمته, ولو كان مشروعًا لم يهمله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه, ولبيّنه بيانًا شافيًا تقوم به الحجة على الناس, خصوصًا أن هذا الأمر مما تعم به البلوى, ويحتاج الناس إليه في كل يوم وليلة, فظهر أنه بدعة منكرة, ليس لها دليل في كتاب الله, ولا في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن القيم: " النية: هي القصد والعزم على فعل الشيء, ومحلها القلب, لا تعلق لها باللسان أصلًا, ولذلك لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه في النية لفظٌ بحال, ولا سمعنا عنهم ذكر ذلك. وهذه العبارات التي أُحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة قد جعلها الشيطان معتركًا لأهل الوسواس, يحسبهم عندها, ويعذبهم فيها, ويوقعهم في طلب تصحيحها, فترى أحدهم يكررها ويجهد نفسه في التلفظ بها, وليست من الصلاة في شيء "([13]).
فصل في الاعتكاف
" ولا يخرج المعتكف من الاعتكاف المنذور "
أي: المقيد بالمدة المتتابعة؛ لأنه هو الذي لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا لما ذكره المصنف من الأعذار, بخلاف المطلق والمقيد بمدة من غير تتابع فإنه يجوز له الخروج منه فيهما, ولو لغير عذر.
كتاب أحكام الحج
" ووجود الراحلة التي تصلح له "
ظاهره أنه يشترط فيها أن تليق به وهو قول ضعيف, والمعتمد عدم الاشتراط.
" وأركان الحج أربعة "
المعتمد أن أركان الحج ستة, فيزاد على الأربعة التي ذكرها المصنف: الحلق أو التقصير, وترتيب معظم الأركان.
" وأركان العمرة ثلاثة "
المعتمد أن أركان العمرة خمسة, الثلاثة التي ذكرها المصنف: والحلق أو التقصير, وترتيب كل الأركان.
" وواجبات الحج غير الأركان ثلاثة "
المعتمد أن واجبات الحج أربعة: الإحرام من الميقات, والرمي, والمبيت بمزدلفة لحظة من نصف الليل الثاني, والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق الثلاثة معظم الليل. وأما طواف الوداع فهو واجب مستقل ليس من المناسك على المعتمد, فيجب على كل من فارق مكة, ولو مكيًا, أو غير حاج ومعتمر غير حائض ونفساء.
فصل في بيان أحكام محرمات الإحرام
" ويحرم على المحرم عشرة أشياء أحدها لبس المـَخِيط كقميص وقباء .. "
القميص: هو ما لا يكون مفتوحًا من قدام, والقباء -بفتح القاف-: ما يكون مفتوحًا من قدام.
" وإنما يجب القضاء في فوات لم ينشأ عن حصر, فإن أحصر شخص وكان له طريق غير التي وقع فيها لزمه سلوكها "
فإن سلكها وفاته الحج المتطوع به وتحلل بعمل عمرة فلا قضاء عليه؛ لأنه بذل ما في وسعه, وكان الأولى بالشارح أن يأتي بذلك؛ لأنه هو مقتضى المقابلة.
" فإن مات لم يُقضَ عنه في الأصح "
أي فإن مات من أحصر وفاته الحج المتطوع به لم يُقضَ عنه في الأصح.
قال الرملي -رحمه الله تعالى-: " ولا قضاء على المحصَر المتطوِّع إذا تحلل؛ لعدم وروده, ولأنه لو وجب لبُيِّن في القرآن أو الخبر؛ لأن الفوات نشأ عن الإحصار الذي لا صنع له فيه, ولقول ابن عمر وابن عباس: لا قضاء على المحصر, وقد أحصر مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية ألف وأربعمائة ولم يعتمر معه في العام القابل إلا نفر يسير أكثر ما قيل إنهم سبعمائة, ولم ينقل أنه أمر من تخلف بالقضاء "([14]).
وقال البخاري -رحمه الله تعالى-: " باب من قال ليس على المحصر بدل.
وقال روح عن شِبْل عن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ, فأما من حبسه عذرٌ أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع, وإن كان معه هدي وهو محصَر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به, وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله.
 وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان ولا قضاء عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلُّوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت ثم لم يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أحدًا أن يقضوا شيئًا ولا يعودوا له "([15]).
" ومن أي: والحاج الذي فاته الوقوف بعرفة بعذر أو غيره تحلل حتمًا بعمل عمرة فيأتي بطواف وسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم وعليه أي: الذي فاته الوقوف القضاء فورًا فرضًا كان نسكه أو نفلًا "
لما رواه مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبَّار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه, فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة, كنا نرى أن هذا اليوم يوم عرفة, فقال عمر: اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا هديًا إن كان معكم, ثم احلقوا أو قصروا وارجعوا, فإذا كان عام قابل فحجوا وأهدوا, فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع "([16]), ولأنه لا يخلو عن تقصير.  
" وعليه مع القضاء الهَدْيُ "
أي على من فاته الوقوف بعرفة وتحلل بعمل عمرة مع القضاء الهَدْيُ وهو: شاة, فإن لم يجدها صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
فصل في بيان أنواع الدماء الواجبة وأحكامها
" وما ذكره المصنف من كون الدم المذكور دم ترتيب موافق لما في « الروضة » وأصلها و « شرح المهذب » لكن الذي في « المنهاج » تبعًا لـ« المحرر » أنه دم ترتيب وتعديل.. "
المعتمد ما في « الروضة » وأصلها و « شرح المهذب » من أنه دم ترتيب, وما في « المنهاج » و « المحرَّر » من كونه دم ترتيب وتعديل ضعيف.
 كتاب أحكام البيوع
"وأما شرعًا: فأحسن ما قيل في تعريفه أنه: تمليك عين مالية بمعاوضة بإذن شرعي, أو تمليك منفعة مباحة على التأبيد بثمن مالي "
لو قال: تمليك عين مالية أو منفعة كذلك على التأبيد بثمن مالي لكان أولى وأحسن.
فصل في الربا
" ولا يجوز بيع اللحم بالحيوان سواء كان من جنسه كبيع لحم شاة بشاة, أو من غير جنسه لكن من مأكول كبيع لحم بقرة بشاة "
قوله: " لكن من مأكول " ليس بقيد, فغير المأكول كذلك كبيع لحم شاة بحمار؛ لعموم النهي عن بيع اللحم بالحيوان.
" فلو تفرّق المتبايعان قبل قبضِ كلِّه بطل, أو بعد قبضِ بعضهِ ففيه قولا تفريقِ الصفْقة "
أي العقد, والمعتمد من القولين الصحة فيما قُبِض دون غيره, وقيل: يبطل في الجميع, وهو ضعيف.
فصل في أحكام الخيار
" فلو اختار أحدهما لزوم العقد ولم يختر الآخر فورًا سقط حقه من الخيار, وبقي الحق للآخر "
قوله:" فورًا " ليس بقيد فكان الأولى حذفه.
" ومن باع ثمرًا أو زرعًا لم يبدُ صلاحه لزمه سقيُه قدْرَ ما تنمو به الثمرة, وتسلم من التلف, سواء خلَّى البائع بين المشتري والمبيع أو لم يُخَلِّ "
هذا مشكل؛ لأنه لا يصح بيع ما ذكر إلا بشرط القطع أو القلع, ومع ذلك لا يلزم البائع السقي, فالصواب أن يقول: ومن باع ثمرًا أو زرعًا بدا صلاحه لزمه سقيُه قدْرَ ما تنمو به الثمرة, وتسلم من التلف, سواء خلَّى البائع بين المشتري والمبيع أو لم يُخَلِّ.
ويمكن أن يُصوَّر كلام الشارح بما إذا باع ما لم يبد صلاحه بشرط القطع أو القلع, وكان لا يتأتى قطعه أو قلعه إلا في مدة طويلة يحتاج فيها للسقي, فإنه يلزم البائع حينئذ سقيه.
فصل في أحكام السلم
" وإنما يصح السلم فيما أي: في شيء تكاملت فيه خمس شرائط "
هذه الشروط معتبرة في المسلم فيه في الواقع.
" ثم لصحة المسلم فيه ثمانية شرائط وفي بعض النسخ: ويصح السلم بثمانية شرائط "
هذه الشروط معتبر وجودها في العقد, والنسخة الثانية التي فيها " ويصح السلم بثمانية شرائط " أظهر, وإن كانت الأولى أشهر.

فصل في أحكام الرهن
" وكل ما جاز بيعه جاز رهنه في الديون إذا استقر ثبوتها في الذمة "
ليس هذا قيدًا فكان الأولى حذفه؛ لأنه لا فرق بين المستقر كثمن المبيع بعد قبضه, وغير المستقر كالأجرة قبل استيفاء المنفعة في إجارة العين.
هذا إن أُريد بالمستقر: المأمون من سقوطه؛ لاستيفاء مقابله وهو أحد إطلاقين للمستقر, وعليه بنى الشارح كلامه.
فإن أُريد به: اللازم أو الآيل إلى اللزوم, وهو الإطلاق الآخر للمستقر كان كلام المصنف ظاهرًا محتاجًا إليه؛ لأنه يشترط في الديون أن تكون لازمة أو آيلة إلى اللزوم.
" واحترز باستقر عن الديون قبل استقرارها كدين السلم وعن الثمن مدة الخيار "  
بنى الشارح كلامه على أن المراد بالمستقر: المأمون من سقوطه بحيث لا يعرض له السقوط, فلذلك جعل دين السلم وثمن المبيع في زمن الخيار غير مستقرين؛ لأنهما لا يؤمن من سقوطهما, بل يعرض لهما السقوط كما إذا لم يوجد المسلم فيه عند المحِلّ فله فسخ السلم حينئذ فيسقط دينه, وكأن يفسخ البيع في مدة الخيار فيسقط الثمن فلا يصح الرهن عليهما, وهذا ضعيف, والمعتمد صحة الرهن على دين السلم, وصحة الرهن على ثمن المبيع في زمن الخيار للمشتري.
فصل في حجر السفيه والمفلس
" والسفيه وفسره المصنف بقوله: المبذِّر لماله, أي: يصرفه في غير مصارفه "
وهو كل ما لا يعود نفعه إليه لا عاجلًا ولا آجلًا, فيشمل صرفه في الوجوه المحرمة والمكروهة أو إضاعته باحتمال غَبْن فاحش.
فصل في أحكام الصلح
" ولو صالحه على بعض العين المدَّعاة فهبة منه لبعضها المتروك منها فيثبت في هذه الهبة أحكامها التي تذكر في بابها ويسمى هذا صلح الحطيطة "
عبارة الشيخ الخطيب " الصلح ضربان: صلح عن دين, وصلح عن عين, وكل منهما نوعان: فالأول من نوعي الدين -وعليه اقتصر المصنف-: إبراء ..
والثاني من نوعي الدين -وتركه المصنف اختصارًا-: معاوضة: وهو الجاري على غير العين المدَّعاة.. والنوع الأول من نوعي العين -وتركه المصنف اختصارًا-: صلح الحطيطة وهو الجاري على بعض العين المدَّعاة..
والثاني من نوعي العين -وعليه اقتصر المصنف-: معاوضة "([17]).  
وخلاصته أن الصلح ضربان:
1- صلح عن دين, وهو نوعان: إبراء, ومعاوضة.
2- صلح عن عين, وهو نوعان: حطيطة, ومعاوضة.
فصل في الحوالة
" والثالث: كون الحق مستقرًا في الذمة "
المشهور أن المستقر في الذمة: ما لا يتطرق السقوط إليه؛ بأن أمن من سقوطه كالصداق بعد الدخول والأجرة بعد استيفاء المنفعة. وما ذكره الشارح من قوله:" والتقييد بالاستقرار موافق لما قاله الرافعي .." مبني على أن المراد بالمستقر هذا المعنى, وأجيب عن المصنف بأن المراد بالمستقر هنا: اللازم أو الذي يؤول إلى اللزوم وإن لم يؤمَن من سقوطه كالصداق قبل الدخول, والأجرة قبل استيفاء المنفعة, والثمن قبل قبض المبيع, وعلى هذا فلا اعتراض على المصنف, والحاصل أنه إن فسِّر المستقر بالمعنى الأول فهو ليس بشرط على المعتمد, وإن فسِّر بالمعنى الثاني فهو شرط معتبر.
فصل في أحكام الضمان
" ويصح ضمان الديون المستقرة في الذمة إذا علم قدرها والتقييد بالمستقرة يشكل عليه صحة ضمان الصداق قبل الدخول فإنه حينئذ غير مستقر في الذمة ولهذا لم يعتبر الرافعي والنووي إلا كون الدين ثابتًا لازمًا "
قد تقدم أن المشهور أن الديون المستقرة هي: ما لا يتطرق السقوط إليها كالصداق بعد الدخول والأجرة بعد استيفاء المنفعة, وما ذكره الشارح من الاعتراض بقوله:" والتقييد بالمستقرة .." مبني على هذا المعنى, ويجاب بأن المراد بالديون المستقرة: اللازمة ولو مآلًا وعلى هذا فلا اعتراض.
" وإذا غرم الضامن رجع على المضمون عنه بالشرط المذكور في قوله إذا كان الضمان والقضاء أي كل منهما بإذنه أي المضمون عنه "
وكذا لو كان الضمان بإذنه فقط في الأصح؛ لأنه أذن في سبب الأداء وهو الضمان.
فصل في الكفالة
" والكفالة بالبدن جائزة إذا كان على المكفول به حق لآدمي "
مالًا كان أو عقوبةً, لكن لا يطالب كفيل بمال ولا عقوبة, وإن فات التسليم للمكفول ببدنه بموت أو غيره؛ لأنه لم يلتزمها, فلو شرطا أن يغرم المال لم تصح الكفالة؛ لأن ذلك خلاف مقتضاها.
فصل في بيان أحكام الشركة
" ولا تصح في تِبْر "
التِّبْر: هو قطع الذهب والفضة قبل تخليصهما من تراب المعدن. وعدم صحة الشركة فيه مبني على أنه مُتَقَوِّم, والشركة لا تصح في المُتَقَوِّم, والمعتمد أنه مثلي؛ فتصح الشركة فيه على المعتمد.
فصل في أحكام الوكالة
" والأصح أن التوكيل في الإقرار لا يصح "
فقول المصنف:" إلا بإذنه " ضعيف, فإذا قال لغيره: وكلتك لتقرّ لفلان بكذا, فقال الوكيل: أقررت عنه لفلان بكذا لم يصح؛ لأنه إخبار عن حق فلا يقبل التوكيل كالشهادة.
فصل في أحكام الإقرار
" فإن فصل بينهما بسكوت أو كلام كثير أجنبي ضرَّا "
كان الأولى إسقاط لفظ كثير؛ لأن الكلام الأجنبي اليسير يضر أيضًا, فهو ليس بقيد, فالكلام الأجنبي يضر؛ سواء كان قليلًا أو كثيرًا, نعم لو قال: له عليّ ألف استغفر الله إلا مائة صح.  كما في « العُدَّة » و « البيان » بخلاف الحمد لله ونحوه؛ لأن الاستغفار يؤتى به عند التذكر عادة, فكأنه ليس بأجنبي.
فصل في أحكام العارية
" مخرج للمنافع التي هي أعيان "
هذا ضعيف, والمعتمد عدم الإخراج كما سيأتي.
"  كإعارة شاة للبنها وشجرة لثمرتها ونحو ذلك فإنه لا يصح "
المعتمد الصحة؛ كما لو قال: خذ هذه الشارة فقد أبحتك دَرَّها ونسلها؛ لأن لفظ العارية قائم مقام لفظ الإباحة وإن لم يصرّح بالإباحة فالمعنى عليها.
" وهي مضمونة على المستعير بقيمتها يوم تلفها "
سواء كانت متقوِّمة أو مثلية على المعتمد كما جزم به في « الأنوار » واقتضاه كلام الجمهور خلافًا لابن أبي عَصْرُون في قوله: يضمن المثلي بالمثل, وجرى عليه السبكي, وإن اعتمده الخطيب, حيث قال: وهذا هو الجاري على القواعد فهو المعتمد.
ورُدَّ بأن في تضمين المثل تضمين ما نقص منه بالاستعمال المأذون فيه إلا أن يعتبر المثل وقت التلف.
فصل في أحكام الغصب
" ولزمه أيضًا أجرة مثله "
أي: لمدة إقامته تحت يده, ولو لم يستوفِ المنفعة بأن لم يوجد منه استعمال.
" .. لا غالية ومعجون "
كل منهما طيب مُركَّب من نحو مسك وكافور وعنبر ودهن.
فصل في أحكام الشفعة
" والشفعة ثابتة أيضًا في كل ما لا ينقل من الأرض غير الموقوفة والمحتكرة "
أما الموقوفة فلا شفعة فيها لعدم ملك الرقبة, وأما المـُحْتَكَرة فهي الأرض المجعول عليها حِكْر, وهو: الأجرة المؤبدة. وصورتها: أن تكون موقوفة ويؤجرها الناظر للبناء عليها بأجرة معلومة كأن يجعل عليها كل سنة كذا, أو تكون ملكًا ويؤجرها مالكها للبناء عليها كذلك, فعلى الصورة الأولى تكون المحتكرة من الموقوفة, وإنما ذكرها بعد الموقوفة لئلا يتوهم ثبوت الشفعة في البناء الذي عليها.
فصل في أحكام القراض
" فلا يجوز القراض على تبر ولا على حلي ولا مغشوش "
التِّبر: هو كسارة الذهب والفضة إذا أخذا من معدنهما قبل تنقيتهما من ترابهما. والمغشوش إن كان غشه مستهلكًا أي: غير متميز صح القراض عليه في الأظهر.
فصل في أحكام المساقاة
" فلا تجوز المساقاة على غيرهما كتين ومشمش "
المراد أنها لا تجوز على غيرهما استقلالًا, أما تبعًا فتصح, وإنما لم تجز على غيرهما اقتصارًا على مورد النص, ولأنه ينمو من غير تعهد غالبًا, هذا هو المذهب الجديد, والقديم جواز المساقاة في سائر الأشجار المثمرة للحاجة واختاره النووي في « تصحيح التنبيه » وبه قال الإمامان مالك وأحمد -رحمهما الله تعالى-([18]).
فصل في أحكام الإجارة
" فتقوم المنفعة حال العقد "
أي: المنفعة الملاحظة حال العقد, فهو صفة للمنفعة وليس ظرفًا للتقويم؛ لأن التقويم بعد التلف لا حال العقد, فكأنه قال: المنفعة المعقود عليها, ولو أسقطه لكان أولى؛ لإيهامه أن التقويم حال العقد.
فصل في أحكام الجعالة
" والجعالة جائزة من الطرفين طرف الجاعل والمجعول له وهي أن يشترط في رد ضالته عوضًا معلومًا "
قوله: " أن يشترط.. " ليس قيدًا كما أن كلًا من الرد والضالة ليس قيدًا فمثل ضالته ضالة غيره, ومثل رد الضالة غيره كالخياطة والبناء وتخليص المال من ظالم أو المحبوس ظلمًا, ومثل الضالة غيرها من مال وأمتعة وغيرها كالاختصاص.
والحاصل أن كلام المصنف يوهم أن الرد قيد والضالة قيد أيضًا وأن الإضافة في ضالته كذلك, وليس كذلك في الجميع, ويجاب عنه بأنه أراد مثَلًا في الجميع.
فصل في أحكام المخابرة
" لكن النووي تبعًا لابن المنذر اختار جواز المخابرة وكذا المزارعة "
أي: اختار النووي -رحمه الله تعالى- من جهة  الدليل صحة كل من المخابرة والمزارعة مطلقًا تبعًا لابن المنذر -رحمه الله تعالى-.
قال النووي -رحمه الله تعالى-: " وقال ابن سريج: تجوز المزارعة. قلت: قد قال بجواز المزارعة والمخابرة من كبار أصحابنا أيضًا ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي وصنّف فيها ابن خزيمة جزءًا وبيَّن فيه علل الأحاديث الواردة بالنهي عنها, وجمع بين أحاديث الباب, ثم تابعه الخطابي وقال: ضعَّف أحمد ابن حنبل حديث النهي وقال: هو مضطرب كثير الألوان. قال الخطابي: وأبطلها مالك وأبو حنيفة والشافعي -رضي الله عنهم- لأنهم لم يقفوا على علته. قال: فالمزارعة جائزة وهي عمل المسلمين في جميع الأمصار لا يبطل العمل بها أحد. هذا كلام الخطابي.
والمختار جواز المزارعة والمخابرة وتأويل الأحاديث على ما إذا شرط أحدهما زرع قطعة معينة والآخر أخرى والمعروف في المذهب إبطالهما "([19]).
وقال في « شرح مسلم »: " وهذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر, ولا يقبل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جازت تبعًا للمساقاة بل جازت مستقلة, ولأن المعنى المجوِّز للمساقاة موجود في المزارعة قياسًا على القراض فإنه جائز بالإجماع وهو كالمزارعة في كل شيء, ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون على العمل بالمزارعة "([20]).
فصل في أحكام إحياء الموات
" وأن  تكون الأرض حرة لم يجرِ عليها ملك لمسلم "
قوله: " لمسلم " ليس بقيد بل وكذا لغيره.
" فيكفي تحويط دون تحويط السكنى ولا يشترط السقف "  
ولا يكفي التحويط بنصب سعف, وهو جريد النخل, ولا نصب أحجار من غير بناء, بل لا بد من البناء ونصب الباب, وكان الأولى له أن ينصَّ عليه.
وقوله: " ولا يشترط السقف " أي: إن لم تجرِ العادة بتظليل محل منها للدواب مثلًا, وإلا فلا بد منه.
فصل في أحكام الوقف
" وقوله: " لا ينقطع " احتراز عن الوقف المنقطع الآخر كقوله: وقفت هذا على زيد ثم نسله, ولم يزد على ذلك. وفيه طريقان: أحدهما: أنه باطل كمنقطع الأول - وهو الذي مشى عليه المصنف - لكن الراجح الصحة "
وعلى الصحة يُصرَف بعد انقراض زيد ثم نسله إلى أقرب الناس إلى الواقف رحمًا لا إرثًا في الأصح, فيقدم ابن بنت على ابن عم, فإن لم يوجد بصفة الاستحقاق فإلى الأهم من مصالح المسلمين والفقراء والمساكين.
فصل في أحكام الهبة
" ولا تملك ولا تلزم الهبة إلا بالقبض "
لما كان ظاهر كلام المصنف أن الهبة تملك بالعقد, ولا تلزم إلا بالقبض, وليس كذلك بل لا تملك ولا تلزم إلا بالقبض أصلحه الشارح كما ترى.
فصل في أحكام اللقطة
" وإذا أخذها أي اللقطة وجب عليه أن يعرف في اللقطة عقب أخذها "
أي: على ما قاله ابن الرفعة كصاحب « الكافي ». وقضية كلام الجمهور أن معرفة هذه الأوصاف عقب الأخذ سنّة, وهو المعتمد فيكون كلام المصنف ضعيفًا, هذا إن حمل على معرفتها عقب الأخذ كما صنع الشارح حيث قال " عقب أخذها " فإن حمل على معرفتها عند التملك بعد التعريف لم يكن ضعيفًا بل مسلَّمًا ليعرف ما يدخل في ضمانه.
" وعفاصها هو بمعنى الوعاء "
العِفاص: -بكسر العين المهملة وبالفاء والصاد المهملة- وأصله كما في « تحرير التنبيه » عن الخطابي: الجلد الذي يُلبَس رأس القارورة, وهو مراد المصنف كصاحب « التنبيه » لأنهما جمعا بين الوعاء والعفاص وهو يقتضي المغايرة بينهما, وإن كان المحكي في « تحرير التنبيه » عن الجمهور أن العفاص هو الوعاء وجرى عليه في « الروضة » حيث قال: فيعرف عفاصها وهو وعاؤها وجرى عليه الشارح حيث قال: وهو بمعنى الوعاء فهو مرادف له على هذا, لكنه لا يناسب كلام المصنف؛ فهو حمل له على غير مراده, فالأولى تفسيره بما يُلبس رأس القارورة وعلى هذا فلا ترادف.
" والرابع: ما يحتاج إلى نفقة كالحيوان وهو ضربان: أحدهما: حيوان لا يمتنع بنفسه من صغار السباع كغنم وعجل فهو أي ملتقطه مخير فيه بين ثلاثة أشياء أكله وغرم ثمنه, أو تركه بلا أكل والتطوع بالإنفاق عليه, أو بيعه وحفظ ثمنه إلى ظهور مالكه "
محله فيما إذا التقطه في المفازة فإنه يمتنع الأكل إن لقطه في العمران؛ لسهولة بيعه فيه بخلافه في المفازة فقد لا يجد فيها من يشتريه ويشق النقل إلى العمران.
" والثاني: حيوان يمتنع بنفسه من صغار السباع كبعير وفرس فإن وجده الملتقط في الصحراء تركه وحرم التقاطه للتملك "
أي الصحراء الآمنة فإن لم تكن آمنة جاز لقطه للتملك كما يجوز لقطه للحفظ؛ لأنه حينئذ يضيع بامتداد اليد الخائنة إليه. والحاصل أنه يجوز لقطه للحفظ مطلقًا, وللتملك إلا في مفازة آمنة فيمتنع لقط ما يمتنع بنفسه من صغار السباع للتملك.
" وإن وجده الملتقط في الحضر فهو مخير بين الأشياء الثلاثة فيه والمراد الثلاثة السابقة فيما لا يمتنع "
قوله: " بين الأشياء الثلاثة " ضعيف؛ لأن الخصلة الأولى لا تتأتى هنا لامتناع أكله في الحضر؛ فيكون مخيّرًا بين خصلتين فقط هما: حفظه والتطوع بالإنفاق عليه, أو بيعه وحفظ ثمنه.
فصل في أحكام اللقيط
" ويجب في الأصح الإشهاد على التقاطه "
أي: خوفًا من أن يسترقه اللاقط ولو كان ظاهر العدالة, وفارق الإشهاد على التقاط اللقطة بأن الغرض منها المال غالبًا, والإشهاد في التصرف المالي مستحب, والغرض منه حفظ حريته ونسبه فوجب الإشهاد عليه كما في النكاح فإنه يجب الإشهاد عليه؛ لحفظ نسب الولد لأبيه وحريته, وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط.
فصل في أحكام الوديعة
" قال في « الروضة  » كأصلها: وهذا محمول على أصل القبول دون إتلاف منفعته وحرزه مجانًا "
أي: بلا أجرة فله المطالبة بأجرة منفعة نفسه ومنفعة حرزه.
 كتاب أحكام الفرائض والوصايا
" وأقرب العصبات "
المراد بأقرب العصبات الأحق بالتقديم من جهة العصوبة سواء كانت أحقيته بقرب الجهة أم بالقرب مع اتحاد الجهة أم بالقوة عند اتحاد الجهة وتساويهما في القرب فالمراد بالأقرب ما يشمل الأقوى والحاصل أنه إذا اختلفت الجهة قدم بالجهة كابن وأب أو أخ وهكذا. وترتيب الجهة: البنوة, ثم الأبوة, ثم الجدودة والأخوة, ثم بنو الإخوة, ثم العمومة, ثم بنو العمومة([21]) ثم الولاء, ثم بيت المال. وإذا اتحدت الجهة قدم بالقرب من الدرجة كالابن وابن الابن وكابن الأخ ولو لأب وابن ابن الأخ ولو شقيقًا, فيقدم الأول على الثاني لقربه في الدرجة مع اتحادهما في الجهة وإذا استويا قربًا قدم بالقوة كأخ شقيق وأخ لأب وكعم شقيق وعم لأب فيقدم الأول منهما على الثاني لقوته عنه؛ فإن الأول أدلى بأصلين والثاني أدلى بأصل واحد وقد أشار إلى ذلك الجعبريُّ بقوله:
فبِالجهةِ التقديمُ ثم بقُربهِ * وبعدهما التقديمُ بالقوةِ اجعلا
" وفي بعض النسخ العصبة "
مراد المصنف العصبة بنفسه؛ لأنهم المذكورون في قوله: " الابن ثم ابن .. "  الخ. وأما العصبة بغيره فالبنت مع أخيها, والأخت مع أخيها فإنه يعصب كلًا منهما. والعصبة مع الغير: الأخوات مع البنات أو بنات الابن كما قال في « الرحبية » :
والأخواتُ إن تكن بناتُ * فهنّ معهنّ معصَّباتُ
وإذا صارت الأخت عصبة مع البنت أو بنت الابن فإنها تكون في قوة أخيها فتحجب من يحجبه. فتحجب الأختُ الشقيقةُ: الأخَ لأب, وابن الأخ الشقيق, ولأب, والعم الشقيق, ولأب, وابن العم الشقيق, ولأب.
وتحجب الأختُ لأب: ابنَ الأخ الشقيق, ولأب, والعم الشقيق, ولأب, وابن العم الشقيق, ولأب. كما قال ابن شهاب في « ذريعة الناهض » :
والأختُ إذْ بالبنتِ عصَّبوها * تحجبُ من يحجبُه أخوها
فصل في عدد الفروض وبيانها وبيان أصحابها وما يتعلق بذلك
" وقد يفرض للجد السدس أيضًا مع الإخوة كما لو كان معه ذو فرض وكان سدس المال خيرًا له من المقاسمة ومن ثلث الباقي, كبنتين وجد وثلاثة إخوة "
مسألتهم أصلها من ستة؛ للبنتين الثلثان: أربعة, وللجد السدس: واحد, يبقى واحد على ثلاثة إخوة لا ينقسم, ويباين فتضرب الثلاثة في ستة فتصح من ثمانية عشر؛ للبنتين أربعة في ثلاثة باثني عشر, وللجد واحد في ثلاثة بثلاثة, يبقى ثلاثة على ثلاثة إخوة لكل واحدٍ واحدٌ.

فصل في أحكام الوصية
" وإذا جمعت أم الطفل الشرائط المذكورة فهي أولى من غيرها "
أي: إذا اجتمعت في أم الطفل الشروط عند الوصية فالأولى أن يوصي لها؛ لوفور شفقتها, وخروجًا من خلاف الإِصْطَخْرِي فإنه يرى أنها تلي بعد الأب والجد.
 كتاب أحكام النكاح وما يتعلق به
" والنكاح يطلق لغة على الضم والوطء والعقد, ويطلق شرعًا على عقد مشتمل على الأركان والشروط "
كان الأولى أن يقول: عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو ترجمته.
" وترك المصنف شرطين آخرين: أحدهما أن لا يكون تحته حرة مسلمة أو كتابية تصلح للاستمتاع "
قوله: " حرة " أي: أو أمة بالملك أو النكاح تصلح للاستمتاع, وإنما اقتصر على الحرة ليتأتَّى التعميم فيها بقوله: مسلمة أو كتابية.
" ونظر الرجل إلى المرأة على سبعة أضرب.. "
المراد بالرجل: الذكر البالغ, ومثله المراهق, وكذلك غير المراهق إن كان يقدر على حكاية ما يراه بشهوة, وإن كان يقدر على حكاية ما يراه من غير شهوة فهو كالمـَحْرَم, وإن كان لا يقدر على حكاية ما يراه فهو كالعدم.
" والسادس: النظر للشهادة.. أو النظر للمعاملة.. فيجوز النظر أي نظره لها. وقوله: إلى الوجه منها خاصة يرجع للشهادة والمعاملة "
الصواب أنه يرجع للمعاملة فقط؛ لأنه ينظر في الشهادة ما يحتاج إليه من وجه وغيره حتى الفرج في الزنا والولادة -كما صرّح به الشارح قبل ذلك- إلا أن يحمل كلام الشارح على أداء الشهادة عند القاضي فإنه ينظر لوجهها ويؤديها عليها إن لم يعرفها في نقابها.
فصل فيما لا يصح النكاح إلا به من الأركان والشروط
" والسادس: العدالة "
هي لغة: الاستقامة والاعتدال, وعرفًا: ملكة راسخة في النفس تمنع من اقتراف كبيرة أو صغيرة دالة على الخسة أو مباح يخل بالمروءة.
فصل في بيان أحكام الأولياء
" أما المولاة المعتـِقة -بكسر التاء على صيغة الفاعل- إذا كانت حية فيزوج عتيقتَها من يزوج المعتـِقة بالترتيب السابق في أولياء النسب فإذا ماتت المعتـِقة زوج عتيقتَها من له الولاء على المعتـَقة -بفتح التاء على صيغة المفعول- ثم ابنه ثم ابن ابنه "
لو قال: " فإذا ماتت المعتِقة زوّج عتيقتَها من له الولاء على العتيقة فيزوّجها حينئذ ابنُ المعتِقة ثم ابنه ثم أبوها على ترتيب عصبة الولاء " لكان أوضح.  
فصل في محرمات النكاح ومثبتات الخيار فيه
" والمحرمات بالنص أربع عشرة.. سبع بالنسب.. "
ضابط المحرمات بالنسب أن يقال: تَحرُم نساء القرابة إلا من دخلتْ تحت ولد العمومة أو ولد الخؤولة, كبنت العم والعمة وبنت الخال والخالة. وهذا الضابط للشيخ أبي منصور البغدادي -رحمه الله تعالى-.
" الأم وإن علت "
ضابط الأم: كلُّ أنثى ولدَتْك أو ولدَتْ مَن ولَدَك ذكرًا كان أو أنثى كأم الأب, وأم الأم.
" والبنت وإن سفلت "
ضابط البنت: كلُّ مَن ولدتّها أو ولدتَّ مَن ولدَها ذكرًا كان أو أنثى كبنت الابن, وبنت البنت.
" والأخت "
ضابط الأخت: كلُّ أنثى ولدَها أبواك أو أحدهما.
فالأُولى: الأخت الشقيقة.
والثانية: الأخت لأب, أو الأخت لأم.
" والخالة "
ضابط الخالة: كلُّ أختِ أنثى ولدَتْك؛ بواسطة أو بغيرها, فالتي بغير واسطة هي الخالة حقيقة, والتي بواسطة كخالة الأب وخالة الأم هي الخالة مجازًا.
" والعمة "
ضابط العمة: كل أختِ ذكرٍ ولدَك؛ بواسطة أو بغيرها فالتي بغير واسطة هي العمة حقيقة, والتي بواسطة كعمة الأب وعمة الأم هي العمة مجازًا.
" وبنت الأخ "
أي الشقيق, أو لأب, أو لأم, وبنات أولاده من ذكر أو أنثى كبنت ابن الأخ وإن نزل, وبنت بنت الأخ وإن نزلت.
" وبنت الأخت "
أي الشقيقة, أو لأب, أو لأم, وبنات أولادها من ذكر أو أنثى كبنت ابن الأخت وإن نزل, وبنت بنت الأخت وإن نزلت.
" ثم شرع في عيوب النكاح المثبتة للخيار فيه.. ويشترط في العيوب المذكورة الرفع فيها إلى القاضي, ولا ينفرد الزوجان بالتراضي بالفسخ فيها –كما يقتضيه كلام الماوردي وغيره- لكن ظاهر النص خلافه "
قوله: "  كما يقتضيه كلام الماوردي وغيره " وهو المعتمد.
وقوله: " لكن ظاهر النص خلافه " أي: ظاهر نص الشافعي خلافه, وهو أنه ينفرد الزوجان بالتراضي بالفسخ وهو مرجوح.
فصل في أحكام الصداق
" ويستحب تسمية المهر في عقد النكاح ولو في نكاح عبدِ السيدِ أمتَه "
المعتمد أنه لا يستحب التسمية في هذه الصورة؛ إذ لا فائدة فيه, فإنه لا يثبت للسيد على عبده شيء, فلا حاجة إلى تسميته.
" ويعتبر هذا المهر بحال العقد في الأصح "
هذا ما نقل عن الأكثرين, لكن صحّح في أصل « الروضة » أن المعتبر أكثر مهر من العقد إلى الوطء؛ لأن البُضْع دخل بالعقد في ضمانه واقترن به الإتلاف فوجب الأكثر كالمقبوض بالشراء الفاسد.
" وإذا قتلت الحرةُ نفسَها قبل الدخول بها لا يسقط مهرها بخلاف ما لو قتلت الأمةُ نفسَها أو قتلها سيدُها قبل الدخول فإنه يسقط مهرها "
الفرق بين الحرة والأمة: أن الحرة كالمسلـَّمة إلى الزوج بالعقد؛ إذ له منعها من السفر، بخلاف الأمة، وفُرِّق أيضًا بأن الحرة إذا قتلت نفسَها غَنِم زوجُها من ميراثها فجاز أن يغرَم مهرَها بخلاف الأمة.
فصل في الوليمة
" والإجابة إليها أي: وليمة العرس واجبة.. إلا من عذر أي: مانع من الإجابة للوليمة كأن يكون في موضع الدعوة من يتأذى به المدعو أو لا تليق به مجالسته "
أي: كالأراذل الذين يحصل منهم سخرية أو فيهم خسة أو يوجد منهم كشف عورة أو نحو ذلك.
فصل في أحكام القسم والنشوز
 " ولا يدخل الزوج ليلا على غير المقسوم لها لغير حاجة "
قوله:" ليلًا " صوابه: نهارًا؛ لأن الدخول في الأصل لا يجوز للحاجة, وإنما يجوز للضرورة كمرض مَخُوف وشدة طلْق وخوف نهب أو حريق, ويجوز الدخول في التابع للحاجة ولا يتوقف على الضرورة. والحاصل أن الدخول في الأصل لا يجوز لغير الضرورة, وفي التابع لا يجوز لغير الحاجة ولا يقضي زمن الضرورة إن قصر عرفًا فإن طال في ذاته بأن كان العمل الذي تقتضيه الضرورة يأخذ زمنًا طويلًا عادة, أو أطاله بأن كان لا يقتضي ذلك لكن تأنّى الزوج وتمهّل قصدًا قضى كل الزمن وهذا في الأصل, وأما التابع فإن طال في ذاته فلا قضاء, وإن أطاله قضى الزائد فقط.
" ويقضي ما فرّقه للباقيات "
أي من نوبة الجديدة في أثناء الأدوار فإذا جاءت نوبتها في الدور الأول باتها عند واحدة من الباقيات بالقرعة, وإذا جاءت نوبتها في الدور الثاني باتها عند واحدة من الباقيتين بقرعة أيضًا, وفي الثالث يبيتها عند الباقية بلا قرعة, وهكذا حتى يتم قضاء ما فرّقه.
فصل في أحكام الخُلع
" وهو -بضم الخاء المعجمة- مشتق من الخَلع –بفتحها- وهو النزع, وشرعًا: فرقة بعوض مقصود فخرج الخلع على دم ونحوه "
أي كالحشرات, وهو تفريع على مفهوم قوله: " مقصود " فيقع الطلاق رجعيًا ولا مال. بخلاف الخلع على المقصود الفاسد كخمر وميتة فيقع الطلاق بائنًا بمهر المثل.
" والخلع جائز على عوض معلوم مقدور على تسليمه "
فلو خالعها على عوض مجهول كثوب مبهم, أو غير مقدور على تسليمه كالمغصوب وقع بائنًا بمهر المثل.
" سواءً  كان العوض صحيحًا أم لا "
أي: أو لم يكن صحيحًا لكن كان فاسدًا مقصودًا؛ لأنه إن كان فاسدًا غير مقصود كالدم والحشرات كان له الرجعة عليها.
فصل في أحكام الطلاق
" وهو لغة: حل القيد, وشرعًا: اسم لحل قيد النكاح "
كان على الشارح أن يزيد: بلفظ طلاق أو نحوه؛ لأن تعريفه من غير هذه الزيادة يشمل الفسخ بعيب من عيوب النكاح وهو لا يسمى طلاقًا.
" فالصريح ثلاثة ألفاظ الطلاق وما اشتق منه كطلّقتُك وأنتِ طالق ومطلّقة "
لفظُ الطلاقِ مَصْدرًا صريحٌ في ثلاثة مواضع:
1-إذا جعله مبتدأً؛ كأن قال: الطلاقُ لازمٌ لي, أو واجبٌ عليّ, أو عليّ الطلاقُ.
2-إذا جعله مفعولًا به؛  كأوقعتُ عليكِ الطلاقَ.
3-إذا جعله فاعلًا؛ كقوله يلزمني الطلاقُ.
 " وكناية الطلاق كأنتِ بَرِيَّة "
أي: من الزوج؛ لأني طلقتُك, أو من الدَّين, أو من العيوب فلا يقع الطلاق بذلك إلا إذا قصده.
" خَلِيّة "
أي: من الزوج؛ لأني طلقتك, أو من المال أو العيال فلا يقع الطلاق بذلك إلا إذا قصده.
" وضرب ليس في طلاقهن سنة ولا بدعة وهن أربع: الصغيرة والآيسة وهي التي انقطع حيضها والحامل والمختلعة التي لم يدخل بها الزوج "
لو سكت عن العدد لكان أولى؛ لأنهن أكثر من الأربع. ومحل كون المذكورات في كلامه أربعًا إن جُعِل قوله: " التي لم يدخل بها " صفة للمختلعة  كما هو ظاهره, مع أنه ليس قيدًا؛ لأن المختلعة ليس في طلاقها سنة ولا بدعة؛ سواء دخل بها أم لا, فلذلك جعلوه على تقدير الواو؛ فكأنه قال: والمختلعة والتي لم يدخل بها فتكون المذكورات خمسًا.
فصل في حكم طلاق الحر والعبد وغير ذلك
" ويصح تعليقه أي: الطلاق بالصفة "
أي من زمان أو مكان أو غيرهما فتطلق بوجودها كقوله: أنتِ طالقٌ في شهر كذا, أو في أوّلِهِ أو غُرَّتِهِ فتطلق بأول جزء من الليلة الأولى منه.
" والشرط "
أي ويصح تعليقه بالشرط كأن يُعلِّق الطلاق بأداة من أدوات الشرط كقوله: إنْ دخلتِ الدارَ فأنتِ طالقٌ فتَطْلُق إذا دخلت.
" وإذا ظهر من المكرَه -بفتح الراء- قرينة اختيار بأن أكرهه شخص على طلاقِ ثلاثٍ فطلّق واحدة وقع الطلاق "
لأن مخالفته تشعر باختياره لما أتى به فلا إكراه.
فصل في أحكام الرجعة
" وشرط المرتجع إن لم يكن محرمًا أهلية النكاح بنفسه "
إنما قال ذلك لأن المحرم تصح رجعته مع أنه ليس أهلًا للنكاح بنفسه لأن الإحرام عارض لا يمنع صحة الرجعة وإن منع أهلية النكاح, ولو قال: وشرط المرتجع أهلية النكاح بنفسه إلا المحرم لكان أوضح.
فصل في أحكام الإيلاء
" ويؤجل له إن سألت ذلك أربعة أشهر "
قوله: " إن سألت ذلك " ليس بقيد فالأولى إسقاطه لأن التأجيل لا يتوقف على سؤالها وقد صرح الأصحاب بضرب المدة بنفسها سواء علمت بثبوت حقها في الطلب وتركته قصدًا أم لم تعلم به.
فصل في أحكام الظهار
" فإن لم يستطع المظاهر صوم الشهرين أو لم يستطع تتابعهما فإطعام ستين مسكينًا أو فقيرًا كل مسكين أو فقير مد من جنس الحب المخرج في زكاة الفطر "
ظاهره أنه لا يجزئ غير الحب كاللبن ونحوه, والمعتمد إجزاء الأقط واللبن؛ لأن كلًا منهما يجزئ في الفطرة فكل ما يجزئ في الفطرة يجزئ هنا.
" ولا يحل له وطؤها حتى يكفر بالكفارة المذكورة "
خرج بالوطء غيره كاللمس والقبلة فإنه جائز ولو بشهوة في غير ما بين السرة والركبة, أما فيما بينهما فيحرم.
وقوله: " حتى يكفر بالكفارة المذكورة " ظاهره أنه لا يحل له الوطء حتى يكفر وإن عجز عن الخصال الثلاث, وجوّزه بعضهم له لعذره.
فصل في أحكام القذف واللعان
" وأن هذا الولد من الزنا وليس مني "
ظاهره أنه لا يكفي اقتصاره على قوله: " وأن هذا الولد من الزنا " وبه قيل؛ لأنه قد يظن أن مثل وطء النكاح الفاسد زنا, ولكن الراجح أنه يكفي حملًا للفظ الزنا على حقيقته, وظاهره أيضًا أنه لا يكفي الاقتصار على قوله: " ليس مني " من غير أن يقول: من الزنا, وهو كذلك على الصحيح؛ لأنه قد يتبادر من قوله: ليس مني أنه لا يشبهني خَلْقًا وخُلُقًا, وكثيرًا ما يريد الأب ذلك من هذا اللفظ كأن يقول لولده لست مني يريد بذلك لا تشبهني خَلْقًا وخُلُقًا.
فصل في أحكام العدة وأنواع المعتدة
العدة شرعًا: تربص المرأة مدة لمعرفة براءة رحمها من الحمل أو للتعبد أو لتفجُّعها على زوجها.
" فالمتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حاملًا فعدتها عن وفاة زوجها بوضع الحمل كله حتى ثاني توأمين مع إمكان نسبة الحمل للميت "
قوله " مع إمكان نسبة الحمل للميت " قيد لانقضاء العدة بوضعه؛ فلا تنقضي العدة بوضعه إلا مع إمكان نسبة الحمل له, فلو كانت حاملًا من وطء الشبهة فعدتها أربعة أشهر وعشر بعد وضع الحمل, حتى لو حملت بشبهة في العدة كمّلت الباقي بعد وضع الحمل؛ لأن عدة الحمل متقدمة تقدم أو تأخر, فإن كانت حاملًا من زنا أو حملت في العدة منه انقضت عدتها بمضي الأشهر مع وجوده, لأنه لا حرمة له, ولهذا لو نكح حاملًا من زنا صح نكاحه قطعًا وجاز له وطؤها قبل وضعه على الأصح.
" فلو مات صبي لا يولد لمثله عن حامل فعدتها بالأشهر لا بوضع الحمل "
وتحسب الأشهر مع وجود الحمل حتى لو تمت مع وجوده انقضت العدة.
فصل في أنواع المعتدة وأحكامها
" ويجب على المتوفى عنها زوجها والمبتوتة ملازمة البيت "
مقتضى كلام المصنف إخراج الرجعية فلا يجب عليها ملازمة المسكن الذي كانت فيه عند الفرقة, بل للزوج إسكانها حيث شاء من المواضع التي تليق بها وهو ما في « الحاوي » و « المهذب » وغيرهما من كتب العراقيين, وبه جزم النووي في « نكته » لأنها في حكم الزوجة, وهذا ضعيف, والمعتمد أنها كغيرها في وجوب ملازمة البيت, وهو ما نص عليه في « الأم  » كما قاله ابن الرفعة وغيره, وقال الأذرعي: إنه المذهب المشهور. وقال الزركشي: إنه الصواب, وأما قول الأولين لأنها في حكم الزوجة فيرد بأنها ليست في حكم الزوجة من كل وجه؛ إذ لا يجوز له الاستمتاع بها ولا الخلوة بها.
فصل في أحكام الاستبراء
" وإذا اشترى زوجته سن له استبراؤها "
أي: ليتميز الولد الحاصل بالملك عن الولد الحاصل بالنكاح؛ لأن الأول ينعقد حرًا فيكافئ الحرة الأصلية وتصير أمه أم ولد, والثاني ينعقد رقيقًا ثم يعتق فلا يكون كفؤًا لحرة أصلية ولا تصير به أمه أم ولد.
" ولو استبرأ السيد أمته الموطوءة ثم أعتقها فلا استبراء عليها "
أي: بخلاف ما لو استبرأ المستولدة ثم أعتقها, فيجب عليها الاستبراء, والفرق: أن المستولدة تشبه المنكوحة, فيجب عليها الاستبراء بزوال الفراش, ولا يعتد بالاستبراء الواقع قبل زوال الفراش, وغير المستولدة لا تشبه المنكوحة فيعتد بالاستبراء الواقع قبل العتق, ولا استبراء عليها بعده, كما ذكره الشارح.
فصل في أحكام الرضاع
" ويصير زوجها أبًا له "
وتنتشر الحرمة إلى أصوله وفصوله وحواشيه نسبًا أو رضاعًا.
" ويحرم على المرضَع بفتح الضاد التزويج إليها أي: المرضعة وإلى كل من ناسبها أي :انتسب إليها بنسب أو رضاع "
فتحرم عليه المرضعة وأصولها وفصولها وحواشيها نسبًا أو رضاعًا.
" ويحرم عليها أي: المرضعة التزويج إلى المرضَع وولده وإن سفل "
فيحرم عليها الرضيع وفروعه فقط نسبًا أو رضاعًا دون أصوله وحواشيه ولذلك قال بعضهم:
وينتشرُ التحريمُ من مُرضِعٍ إلى * أصولٍ فصولٍ والحواشي من الوسطْ
ومِمَّن لهُ دَرٌّ إلى هذهِ ومِنْ * رضيعٍ إلى ما كان من فـرعهِ فقطْ
" ويحرم عليها أي المرضعة التزويج إلى المرضَع وولده وإن سفل ومن انتسب إليه وإن علا "
قوله " ومن انتسب وإن علا " سهو أو سبق قلم؛ لأنه لا يحرم عليها أصول الرضيع كأبيه وجده.
" دون من كان في درجته "
أي: فلا يحرم عليها التزويج إليه.
" كإخوته الذين لم يرضعوا معه "
أي: بخلاف الذين رضعوا معه فحكمهم كحكمه, والحاصل أن الذي رضع تحرم عليه المرضعة وجميع بناتها, ولو غير من رضع عليها, سواء السابقة واللاحقة؛ لأن الجميع أخوات له, والذي لم يرضع لا تحرم عليه المرضعة ولا بناتها, حتى التي ارتضع عليها أخوه. والبنت التي ارتضعت يحرم عليها جميع أولاد المرضعة ولو غير الذي ارتضعت عليه, سواء السابق واللاحق؛ لأن الجميع إخوة لها, والتي لم ترضع لا يحرم عليها أولاد المرضعة, حتى الذي ارتضعت عليه أختها.
فصل في أحكام نفقة الأقارب والأرقاء والبهائم
" فأما الوالدون وإن علوا فتجب نفقتهم بشرطين "
أي: بأحد شرطين كما يدل عليه تعبير المصنف بأو, والمراد بالشرط مجموع الأمرين الفقر مع الزمانة أو الفقر مع الجنون على ما قاله المصنف وهو ضعيف والمعتمد أنه لا يشترط انضمام الزمانة أو الجنون إلى الفقر؛ لأن الأصول لا يكلفون الكسب وإن كانوا قادرين عليه بخلاف الفروع؛ لأن الله تعالى يقول: ) وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (([22]) وليس من المصاحبة بالمعروف تكليفهما الكسب مع كبر السن.
" الفقر والزمانة أو الفقر والجنون "
المعتمد أنه لا يشترط انضمام الزمانة إلى الفقر كما لا يشترط انضمام الجنون إلى الفقر والذي يشترط إنما هو الفقر بمعنى عدم المال وعدم الكسب بالفعل.
" وإن كانت ممن يخدم مثلها.. "
أي: بأن كانت لا يليق بها أن تخدم نفسها, بل المروءة تقضي بأن يخدمها غيرها في بيت أبيها, وإن تخلف الإخدام لعارض كعدم وجود ما تحصل به الخادم, أو عدم وجود من يخدِم, أو قصد تواضعها, أو رياضتها. ولو كانت ممن لا يخدم مثلها عادة في بيت أبيها ولكن اعتادت الإخدام في بيت زوج سابق لم يجب إخدامها على المعتمد.
" وإذا فسخت حصلت المفارقة وهي فرقة فسخ لا فرقة طلاق "
أي: فلا تنقص عدد الطلاق.
" وكذلك للزوجة فسخ النكاح إن أعسر زوجها بالصداق قبل الدخول بها سواء علمت يساره قبل العقد أم لا "
أي: فلها الفسخ مطلقًا وهو ضعيف, والمعتمد أنه لا فسخ لها فيما إذا نكحته عالمة بإعساره بالصداق؛ لأن الضرر لا يتجدد بخلاف النفقة فإن ضررها يتجدد.
فصل في أحكام الحضانة
" فإن نكحت شخصًا من محارمه "
صوابه أن يقول بدل قوله من محارمه: " له حق في الحضانة " لأن المدار على كونه له حق في الحضانة وإن لم يكن من محارمه بدليل تمثيله فإنه مثل بابن العم مع أنه ليس من محارمه لكن له حق في الحضانة؛ لأنها تثبت للذكر القريب الوارث ولو غير محرم لوفور شفقته وقوة قرابته بالإرث. ويتعين أن الشارح أراد بكونه من محارمه أن له حقًا في الحضانة وإن لم يكن من محارمه ليستقيم تمثيله.
" أو ابن أخيه "
يتصور ذلك في مطلق الحاضنة لا خصوص الأم, وذلك بأن تتزوج أخت الطفل لأمه بابن أخيه لأبيه فيصح؛ لأنه أجنبي منها.
 كتاب أحكام الجنايات
" فيقتص منه زمن إفاقته "
أي: إذا جنى زمن إفاقته بخلاف ما إذا جنى زمن جنونه فقوله " زمن إفاقته " ظرف لمحذوف والتقدير إذا جنى زمن إفاقته.
فصل في بيان الدية
" وسواء فيما ذكر الدية المغلظة والمخففة "
أي: وسواء فيما ذكر من الانتقال إلى ألف دينار في حق أهل الذهب وإلى اثني عشر ألف درهم في حق أهل الفضة الدية المغلظة والمخففة فلا فرق بينهما في ذلك على الأصح في القديم.
" وإن غلظت على القديم زيد عليها الثلث "
كان الأولى أن يقول: وقيل إن غلظت على القديم زيد عليها الثلث؛ لأن ذلك وجه مرجوح في القديم, والأصح في القديم أنه لا يزاد شيء؛ لأن التغليظ إنما ورد في الإبل بالسن والصفة لا بزيادة العدد, وذلك لا يوجد في الدنانير والدراهم.
" واللسان لناطق سليم الذوق "
إنما قيد بذلك للاتفاق على وجوب الدية حينئذ لأنه إذا كان عديم الذوق جرى فيه الخلاف فجزم الماوردي وصاحب « المهذب » بأن في لسانه حكومة كلسان الأخرس وهذا بناء على أن الذوق حال في اللسان والمعتمد أنه ليس حالًا في اللسان فلذلك قال البغوي: إذا قطع لسانه فذهب ذوقه لزمه ديتان.
" ودية الجنين الحر المسلم تبعًا لأحد أبويه إن كانت أمه معصومة حال الجناية غرة "
كان صوابه أن يقول: " إن كان معصومًا " لأن العبرة بعصمته لا بعصمة أمه فالمدار على كونه معصومًا وإن لم تكن أمه معصومة كجنين غير حربي من حربية بأن وطئ مسلم أو ذمي حربية بشبهة فحملت منه فالجنين معصوم وأمه غير معصومة لكن الشارح نظر للغالب.
فصل في أحكام القسامة
" فإن عجز المكفر عن صوم الشهرين لهرم أو لحقه بالصوم مشقة شديدة أو خاف زيادة المرض كفر بإطعام ستين مسكينًا أو فقيرًا .. "
جرى الشارح على خلاف الأظهر فهو مرجوح, والراجح أن كفارة القتل لا إطعام فيها عند العجز عن الصوم اقتصارًا على الوارد فيها كما يقتضيه اقتصار المصنف على العتق والصوم؛ إذ المتبع في الكفارات النص لا القياس.
 كتاب أحكام الحدود
" ومن وطئ أجنبية فيما دون الفرج عُزِّر "
الأولى أن يقول: " ومن باشر أجنبية فيما دون الفرج عزِّر " لأن حقيقة الوطء إيلاج الحشفة أو قدرها من فاقدها في الفرج, وهذا ليس مرادًا بدليل قوله: " فيما دون الفرج ".
فصل في أحكام القذف
" كقوله: زنيت "
-بفتح التاء أو كسرها- أو يا زاني أو يا زانية أو يا قحبة -كما أفتى به ابن عبد السلام- وهو المعتمد, خلافًا لمن جعله كناية. ومن الألفاظ الصريحة في القذف: لطتَ, أو يا لائط, وأفتى ابن عبد السلام أن قوله: يا لوطي, أو يا مخنث صريح؛ للعرف, والمعتمد في المذهب أنهما كناية.
فصل في أحكام الأشربة وفي الحد المتعلق بشربها
" ومن شرب خمرًا وهي المتخذة من عصير العنب "
اختلف العلماء في إطلاق الخمر على المتخذ من غير عصير العنب هل هو حقيقة أو لا؟ قال المزني وجماعة نعم؛ لأن الاشتراك في الصفة وهي الإسكار يقتضي الاشتراك في الاسم بطريق القياس في اللغة وهو جائز عند الأكثرين, وهو ظاهر الأحاديث كحديث " كل مسكر خمر وكل خمر حرام "([23]) وقيل: لا يطلق عليه إلا مجازًا, ونسبه الرافعي إلى الأكثر من العلماء وعليه مشى المصنف حيث عطف الشراب المسكر على الخمر فاقتضى أنه لا يسمى خمرًا .
فصل في أحكام قطع السرقة
" وقيل يقتل صبرًا "
الصبر في اللغة: الحبس, وقتله صبرًا يعني حبسه للقتل أي لأجل القتل ولو ساعة ثم يقتل. لكن تقييد القتل بالصبر ليس في كلام الإمام الحاكي لهذا القول عن المذهب القديم ولذلك قال بعض الشارحين: "لم أره بعد التتبع الكثير في كلام واحد من الأئمة الحاكين له بل أطلقه من وقفت على كلامه منهم فلعل تقييد المصنف به من تصرفه أو له فيه سلف لم أظفر به ".
فصل في أحكام قاطع الطريق
" وهو مسلم"
ليس قيدًا بل القيد كونه ملتزمًا للأحكام, ولو عبر به الشارح لكان أولى؛ ليشمل الذمي, ويُخرج الحربي ولو معاهدًا.

فصل في أحكام الصِّيال وإتلاف البهائم
" ولو بالت أو راثت بطريق فتلف بذلك نفس أو مال فلا ضمان "
لأن الطريق لا تخلو عن ذلك, والمنع من الطريق لا سبيل إليه.
فصل في أحكام البغاة
" وهم فرقة مسلمون مخالفون للإمام العادل "
قوله " العادل " ليس قيدًا على الراجح فإن اعتبار العدل أحد وجهين والراجح خلافه.
فصل في أحكام الردة
" فإن قتله غير الإمام عزِّر "
أي: لأنه افتأتَ على الإمام.
فصل في حكم تارك الصلاة
" والثاني: أن يتركها كسلًا معتقدًا لوجوبها فيستتاب فإن تاب وصلى وإلا قتل حدًا وكان حكمه حكم المسلمين"
قال النووي -رحمه الله تعالى-: " وهل يكفر؟ فيه وجهان, حكاهما المصنف وغيره, أحدهما: يكفر. قال العبدري: وهو قول منصور الفقيه من أصحابنا, وحكاه المصنف -يعني أبا إسحاق الشيرازي- في كتابه في الخلاف عن أبي الطيب بن سلمة من أصحابنا, والثاني: لا يكفر. وهو الصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور "([24]).
وقال: " فرع: في مذاهب العلماء فيمن ترك الصلاة تكاسلًا مع اعتقاده وجوبها: فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حدًا ولا يكفر, وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف, وقالت طائفة: يكفر ويجري عليه أحكام المرتدين في كل شيء, وهو مروي عن علي بن أبي طالب, وبه قال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه, وهو أصح الروايتين عن أحمد, وبه قال منصور الفقيه من أصحابنا كما سبق, وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة والمزني: لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي, واحتج لمن قال بكفره بحديث جابر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم بهذا اللفظ([25]) .. وعن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه الترمذي والنسائي, قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"([26]). وعن عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالته قال: " كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " رواه الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح"([27]) "([28]).
قلت: الراجح من حيث الدليل كفر تارك الصلاة تكاسلًا وتهاونًا, بل لا يتصور أن يكون في الباطن مقرًا بوجوبها ملتزمًا بفعلها وهو يصر على تركها حتى يقتل.
قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: " وأما من اعتقد وجوبها مع إصراره على الترك فقد ذكر عليه المفرعون من الفقهاء فروعًا, أحدها هذا فقيل عند جمهورهم مالك والشافعي وأحمد إذا صبر حتى يقتل فهل يقتل كافرًا مرتدًا أو فاسقًا كفُسَّاق المسلمين؟ على قولين مشهورين حكيا روايتين عن أحمد, وهذه الفروع لم تنقل عن الصحابة, وهي فروع فاسدة, فإن من كان مقرًا بالصلاة في الباطن معتقدًا لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل وهو لا يصلي, هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم, ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام, ولا يعرف أن أحدًا يعتقد وجوبها ويقال له: إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب فهذا لم يقع قط في الإسلام, ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم يكن في الباطن مقرًا بوجوبها, ولا ملتزمًا بفعلها, وهذا كافر باتفاق المسلمين كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا, ودلت عليه النصوص الصحيحة.. "([29]).
 كتاب أحكام الجهاد
" ومن أسلم من الكفار قبل الأسر أي أسر الإمام له أحرز ماله ودمه وصغار أولاده عن السبي "
وأما من أسلم من الكفار بعد الأسر فيعصم دمه من القتل فقط, ويبقى الخيار في الباقي من خصال التخيير وهي الاسترقاق والمن والفدية إما بالمال أو بالرجال. ويغنم ماله, ويرق أولاده الصغار.
فصل في أحكام السلب وقسم الغنيمة
" ومن قتل قتيلًا أعطي سلبه "
القتل ليس قيدًا؛ لأن المدار على إزالة منعة الكافر أي: قوته بقتل أو غيره كما سيذكره الشارح بقوله: وكفاية شر الكافر أن يزيل امتناعه بأن يفقأ عينيه .. الخ.
" والمنطقة وهي التي يشد بها الوسط "
هي المسماة في عرف الناس بالسبتة.
" والنفقة التي معه "
أي: ولو بهِمْيانها, وهو المسمى في عرف الناس بالكمر.
فصل في قسم الفيء على مستحقه
" ويعطى أربعة أخماسها وفي بعض النسخ: أخماسه أي: الفيء للمقاتلين وهم الأجناد الذين عينهم الإمام للجهاد وأثبت أسماءهم في ديوان المرتزقة "
أي: دفترهم, وخرج بهم المتطوعون بالجهاد فيعطون من الزكاة لا من الفيء عكس المرتزقة. والمقصود بالمرتزقة الجنود الذين لهم معاشات ورواتب في بيت المال, أي الجيش الرسمي للدولة.
قال في المعجم الوسيط: " مرتزقة أصحاب جرايات ورواتب مقدرة, والجنود المرتزقة هم الذين يحاربون في الجيش على سبيل الارتزاق "([30]).
" فيبحث عن حال كل من المقاتلة وعن عياله اللازمة نفقتهم وما يكفيهم فيعطيه كفايتهم "
أي: ليتفرغ للجهاد ويزاد إن زادت حاجته بزيادة ولد أو حدوث زوجة, وإذا مات أعطى الإمام زوجاته وأولاده حتى يستغنوا بزواج أو كسب أو نحو ذلك؛ لأن الناس إذا علموا ضياع عيالهم بعدهم اشتغلوا بالكسب عن الجهاد فيتعطل الجهاد, واستنبط السبكي من هذه المسألة أن المدرس أو المعيد وهو الذي يعيد الدرس للطلبة تعطى زوجته وأولاده من مال الوقف الذي كان يأخذ منه ترغيبًا في العلم كالترغيب هنا في الجهاد, وهو ضعيف؛ لأنه مال مخصوص أخرجه الواقف لتحصيل مصلحة وهي قراءة العلم في هذا المحل المخصوص فكيف يصرف مع انتفاء الشرط, وأما ما نحن فيه فهو من الأموال العامة وهي يتوسع فيها ما لا يتوسع في الأموال الخاصة كالأوقاف, ومقتضى هذا أنه يصرف لزوجة العالم وأولاده من مال المصالح بعد موته كفايتهم كما كان يصرف للعالم في حياته وهو كذلك.
فصل في أحكام الجزية
" ويشترط أن يعقدها الإمام أو نائبه لا على جهة التأقيت فيقول: أقررتكم بدار الإسلام غير الحجاز "
الحجاز هو مكة والمدينة واليمامة وطرقها وقراها كجُدَّة والطائف وخيبر ويَنْبُع.
" ويؤخذ أي يسن للإمام أن يـُماكس من عُقِدتْ له الجزية .. "
قوله: " يسن " أي إن لم يعلم أو يظن إجابتهم لما طلَب وإلا وجب ذلك.
" ويجوز أي يسن للإمام إذا صالح الكفار في بلدهم لا في دار الإسلام "
الراجح أنه لا فرق بين دارهم ودار الإسلام فما جرى عليه الشارح ضعيف, والمعتمد أنه يشترط عليهم مطلقًا.
" والثالث: أن لا يذكروا دين الإسلام إلا بخير "
فإن خالفوا ذلك بأن ذكروا دين الإسلام بشرٍّ كأن سبُّوه أو سبُّوا الله أو نبيًا له أو القرآن عُزِّروا وانتقض عهدهم بذلك إن شرط انتقاضه وإلا فلا - كما في « الشرح الصغير »- وهو المنقول عن النص خلافًا لما صححه في أصل « الروضة » من عدم الانتقاض بذلك مطلقًا.
" والرابع: أن لا يفعلوا ما فيه ضرر على المسلمين "
كأن قاتلوهم بلا شبهة أو امتنعوا من أداء الجزية أو من إجراء أحكام الإسلام عليهم انتقض عهدهم بذلك وإن لم يشترط انتقاضه, ويُمنَعون من سقيهِم مسلمًا خمرًا أو إطعامِهِ خِنزيرًا, ومن إظهار عيد لهم وناقوس وهو ما تضرب به النصارى لأوقات الصلوات, ومن إظهار خمر وخنزير, ويُمنَعون من إحداث كنيسةٍ وبَيعةٍ وصومعةٍ للرهبان, وبيت نار للمجوس ومن إعادة ذلك وترميمه إلا ببلد فتحناه صلحًا على أن الأرض لهم ويؤدُّون خَراجَها, ويُمنَعون من رفع بنائهم ومساواتِهِ لبناء مسلمٍ جارٍ لهم وإن رضي بذلك؛ ولئلا يطّلعوا على عوراتنا. ومحل المنع إن كان بناء المسلم على الوجه المعتاد فإن كان قصيرًا عادةً جازت مساواته والزيادة عليه؛ لأنه مقصّر بذلك. ومحل المنع أيضًا في الابتداء لا في الدوام؛ فلو اشترى الكافر دار مسلم وكان بناؤها مرتفعًا لم يجب هدمه ولكن يمنع الكافر من صعود الزائد على بناء المسلم المجاور له.
" بأن آووا من اطلع على عورات المسلمين وينقلها إلى دار الحرب "
ومثل إيوائهم لمن يطلع على عورات المسلمين ما لو دلوا أهل الحرب على عورة لنا, وما لو دعوا مسلما للكفر, وما لو زنى ذمي بمسلمة, أو قتل مسلما أو قذفه.
" قول المصنف: " يُعرَفون " عبّر به النووي أيضًا في « الروضة » تبعًا لأصلها لكنه في « المنهاج » قال: " ويُؤمَر " أي الذمي ولا يُعرَف من كلامه أن الأمر للوجوب أو الندب لكن مقتضى كلام الجمهور الأول "
أي الذي هو الوجوب, وهو المعتمد.
 كتاب أحكام الصيد والذبائح والضحايا والأطعمة
" ويكون قطع ما ذُكِر دَفعةً واحدةً لا في دَفعتين "
أي إذا لم توجد الحياة المستقرة عند الدَّفعة الثانية, أما إذا وجدت الحياة المستقرة عند الدَّفعة الثانية فيحِلُّ المذبوح حينئذ, ومثل الدَّفعة الثانية غيرها كالثالثة؛ فالشرط وجود الحياة المستقرة في ابتداء الوضع آخر مرة. ومحل ذلك عند طول الفصل, وإلا فلو رفع السكين وأعادها فورا أو ألقاها لكونها كالـّةّ وأخذ غيرها فورًا أو سقطت منه وأخذ غيرها حالًا أو قلَبَها وقطع بها ما بقي حلَّ المذبوح وإن لم توجد الحياة المستقرة عند المرة الأخيرة؛ لأن جميع المرات عند عدم طول الفصل كالمرة الواحدة.
" والرابع: أن يتكرر ذلك منها أي تتكرر الشرائط الأربعة "
قول الشارح: " أي تتكرر الشرائط الأربعة " خلاف الصواب؛ لأن الرابع هو التكرر فلا معنى لتكرره.
" بالغ أو مميز يطيق الذبح "
وكذا غير المـُميِّز كالمجنون والسكران فيحلُّ ذبحهم ولو في غير المقدور عليه على الراجح؛ لأن لهم قصدًا وإرادةً في الجملة لكن مع الكراهة؛ لأنهم قد يُخطِئون المـَذْبَح.
" وتكره ذكاة أعمى "
لأنه قد يُخطِئ المـَذْبَح فتحل ذكاة الأعمى لكن في المقدور عليه فقط بخلاف غير المقدور عليه من صيد وغيره كبعير نـَدَّ؛ إذ ليس له في ذلك قصد صحيح؛ لأنه لا يرى الصيد فكيف يقصده بإرسال سهم وجارحة إليه.
فصل في أحكام الأطعمة الحلال منها وغيرها
" ويحل للمضطر وهو الذي يخاف على نفسه الهلاك من عدم الأكل "
أشار بتعبيره بالخوف إلى أنه لا يشترط تحقق وقوع الضرر به لو لم يأكل بل يكفي في ذلك الظن ويعلم من ذلك أنه لا يشترط الإشراف على الهلاك.
فصل في أحكام الأضحية
" فإذا أتى بها واحد من أهل بيت.. "
أي بحيث يكونون في نفقة واحدة.
"  كفى عن جميعهم "
أي في سقوط الطلب فقط وإلا فثوابها خاص بالفاعل. وفي كلام الرملي ما يقتضي حصول الثواب للجميع.
" وإن بقيت الحدقة في الأصح "
أي على القول الأصح وهو المعتمد؛ لأن المدار على عدم الإبصار بإحدى العينين فلا عبرة ببقاء الحدقة.
" ويكره أن يجمع بين اسم الله واسم رسوله "
قال الباجوري -رحمه الله تعالى-: " أي بأن يقول: باسمِ اللهِ واسمِ محمدٍ بالجر, فيكره مع حِلِّ الذبيحة إن قصَدَ التبرك, ويَحرُم عليه إن أطلقَ مع حِلِّ الذبيحة.. وإن قصَدَ التشريكَ كفَرَ وحَرُمَت الذبيحة "([31]).
قلت: ما ذكره -رحمه الله تعالى- هو المعتمد في المذهب. والصواب التحريم مطلقًا سواء قصَدَ التشريكَ أو التبركَ أو أطلق؛ لأنه أُهِلَّ به لغير الله, ومن حقِّ الله تعالى أن يُجعل الذبح باسمه واليمين باسمه والسجود له لا يشاركه في ذلك مخلوق, وقد صرَّح الحنفية بالتحريم مطلقًا, قال أبو بكر الحدَّاد الزَّبِيدِي اليمني -رحمه الله تعالى-: " ولا ينبغي أن يَذْكُرَ مع اسم اللَّه تعالى شيئًا غيره مثل أن يقول: بسم اللَّهِ محمدٌ رسولُ اللَّه، والكلام فيه على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يذكره موصولًا به لا معطوفًا مثل أن يقول: ما ذكرنا فهذا يكره ولا تحرم الذبيحة. والثاني: أَن يذكره معطوفًا مثل أن يقول: بسمِ اللَّهِ ومحمدٍ رسولِ اللَّهِ -بكسر الدال- فتحرم الذبيحة؛ لأنه أهلَّ بها لغير اللَّه تَعَالَى.
والثالث: أن يقول مفصولًا عنه صورة ومعنى بأن يقول قبل التسمية أو بعدها وقبل أن يضجع الذبيحة فإنه لا بأس به "([32]).
وقال الكاساني -رحمه الله تعالى-: " ومنها: –أي شرائط ركن التسمية– تجريد اسم الله سبحانه وتعالى عن اسم غيره, وإن كان اسم النبي, حتى لو قال: بسمِ اللهِ واسمِ الرسولِ لا يحل لقوله تعالى ) وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ( ([33]).. ولأن المشركين يذكرون مع الله سبحانه وتعالى غيره فتجب مخالفتهم بالتجريد.. "([34]).
وقال سليمان بن سحمان -رحمه الله تعالى-: " ومن ذكر غير اسم الله على ذبيحته فهي ميتة يحرم أكلها. ولو أشرك مع اسمه أحداً، كقوله: باسمِ اللهِ ومحمدٍ صلى الله عليه وسلم -بواو العطف، فكذا تحرم ذبيحته "([35]).
" ويأكل من الأضحية المتطوع بها ثلثًا على الجديد "
هذا هو المعتمد.
" وأما الثلثان فقيل يتصدق بهما, ورجحه النووي في « تصحيح التنبيه » "
هذا ضعيف.
" وقيل يهدي ثلثًا للمسلمين الأغنياء ويتصدق بثلث على الفقراء "
هذا هو المعتمد.
فصل في أحكام العقيقة
" ويُذبَح عن الغلام شاتان "
وهذا إن أراد الأكمل فلا ينافي أنه يتأدى أصل السنة عن الغلام بشاة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- عقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا([36]).
" وأما الخنثى فيحتمل إلحاقه بالغلام أو بالجارية "
المعتمد إلحاقه بالغلام احتياطًا فيعق عنه بشاتين.
 كتاب أحكام السبق والرمي
وهذا الكتاب من مبتكرات الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- التي لم يسبقه إليها غيره, كما قاله المزني وغيره, والمراد أنه أول من دوّنه وأدخله في كتب الفقه, وليس المراد أن كتب الأئمة خلت عن مسائله بل ذكرت فيها لكن مفرّقه في مواضع.
" ولا تصح المسابقة على بقر "
أي: ولا على طير وكلاب ونحوها بعوض, فتحرم المسابقة عليها بعوض, وتجوز بغير عوض.
" ولا على نطاح الكباش ولا على مهارشة الديكة "
أي: ولا يصح العقد على نطاح الكباش ولا على مهارشة الديكة, وليس المعنى ولا تصح المسابقة على نطاح الكباش ولا على مهارشة الديكة؛ لأن ذلك لا يسمى مسابقة.
" لا بعوض ولا بغيره "
راجع لقوله: " ولا على نطاح الكباش ولا على مهارشة الديكة " وليس راجعًا لقوله: " ولا تصح المسابقة على بقر " لأنها تحرم بالعوض وتحل بلا عوض.
وإنما حرم العقد على مناطحة الكباش ومهارشة الديكة؛ لأنه سَفَهٌ.
 كتاب أحكام الأيمان والنذور
" ومن حلف بصدقة ماله.. "
ظاهره أنه قال في حلفه: والله لأتصدقن بمالي. وليس ذلك مرادًا؛ لأنه يلزمه التصدق بماله فإن حنث بأن لم يتصدق بماله لزمته الكفارة للحنث في يمينه, ولا يقال إنه مـُخيَّر بين الصدقة والكفارة, وليس في هذه الصورة شبهة نذر من حيث التزام القربة وشبهة حلف من حيث الصيغة بل هي يمين محض؛ فالأولى حمل كلام المصنف على نذر اللجاج والغضب بأن يقول الشخص: لله عليه أن أتصدق بمالي إن فعلت كذا؛ لأنه يسمى حلفـًا من حيث المنع ونذرًا من حيث الصيغة.
" ومن حلف أن لا يفعل شيئًا.. "
هنا جملة في كلام المصنف شرَحَ عليها الشيخ الخطيب ولم يشرح عليها الشارح وهي: " ومن حلف أن لا يفعل شيئًا ففعل غيرَه لم يحنث " وذلك كأن قال: والله لا أبيع أو لا أشتري فوَهَبَهُ في الأُولى أو وُهِبَ له في الثانية فلا حنث في ذلك؛ لأنه لم يفعل المحلوف عليه.
" ومن حلف على فعل أمرين "
أي على نفي فعل أمرين كأن قال: والله لا أفعل هذين الأمرين أو والله لا ألبس هذين الثوبين.
" ولا يجزئ غير الحب من تمر وأَقِط "
أي إن لم يقتاتوه وإلا كفى, نعم لو اقتاتوا غير المجزئ في الفطرة كاللحم لم يجزئ, وبالجملة فالعبرة بما في الفطرة.
فصل في أحكام النذور
" والنذر ضربان "
أي نوعان إجمالًا, وهما نذر اللجاج ونذر التبرر, وإلا فهو خمسة تفصيلًا؛ لأن نذر اللجاج ثلاثة أنواع؛ لأنه إما أن يتعلق به حثٌّ أو منعٌ أو تحقيقُ خبر, ونذر التبرر نوعان: نذر المجازاة: وهو المعلق على شيء مرغوب فيه, وغير المجازاة: وهو غير المعلق على شيء.
" والثاني: نذر المجازاة "
الصواب أن يقول: نذر التبرر؛ لأن الذي يقابل نذر اللجاج هو نذر التبرر وهو الذي ينقسم إلى النوعين اللذين ذكرهما الشارح بعد , وأما نذر المجازاة فهو أحد النوعين المذكورين وهو المعلق على شيء مرغوب فيه ؛ لأن المجازاة بمعنى المكافأة ولا تظهر إلا في المعلق على المرغوب فيه بخلاف غير المعلق فإنه لا مجازاة فيه على شيء.
" والنذر يلزم في المجازاة على نذر مباح "
الصواب حذف كلمة " نذر " من قول الشارح: " على نذر مباح " وإبقاء المتن على ظاهره؛ لأن الكلام الآن في تعليق النذر على المباح لا في نذر المباح الذي سيأتي الكلام فيه.
" ولا نذر في معصية "
النذر في المعصية يشمل صورتين:
الأولى: تعليق النذر على المعصية وهذه الصورة هي التي مثّل لها المصنف بقوله: " كقوله إن قتلت فلانًا فلله علي كذا " فلا ينعقد ولو كان المنذور نفسه طاعة؛ لأن المعلق على المعصية معصية.
الثانية: نذر المعصية كأن قال: لله عليّ قتلُ فلانٍ فلا ينعقد أيضًا بالأَوْلَى لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " من نذر أن يطيعَ اللهَ فليطِعْه, ومن نذر أن يعصيَ اللهَ فلا يعصِهِ "([37]). ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا نذر في معصية الله "([38]).
" وخرج بالمعصية نذر المكروه كنذر شخص صوم الدهر فينعقد نذره ويلزمه الوفاء به "
هذا مرجوح, والراجح أنه لا ينعقد نذره لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله "([39]).
" وإذا خالف النذر المباح لزمه كفارة يمين على الراجح عند البغوي, وتبعه « المحرَّر » و « المنهاج » "
أوجبوا فيه كفارة عند المخالفة؛ لأنه نذر في غير معصية الله, وهذا القول مرجوح وليس براجح إلا إن حُمِل على ما إذا اشتمل على حثٍّ أو منع أو تحقيق خبر أو إضافة إلى الله تعالى كأن قال: إن لم أدخل الدار, أو إن كلمت زيدًا, أو إن لم يكن الأمر كما قلتُ فعليّ أن آكل لحمًا أو أشرب لبنًا أو نحو ذلك, أو قال ابتداءً: لله عليّ أن آكل اللحم مثلًا فتلزمه الكفارة عند المخالفة؛ نظرًا لكونه في معنى اليمين في الأول, ولهَتْك حُرمة اسم الله تعالى في الثاني.
" لكن قضية « الروضة » وأصلها عدم اللزوم "
أي عدم لزوم كفارة؛ لعدم انعقاد النذر, وهذا هو المعتمد لكن محله إذا لم يشتمل على حثٍّ ولا منع ولا تحقيق خبر ولا إضافة إلى الله تعالى.
كتاب أحكام الأقضية والشهادات
" فلا ولاية لفاسق بشيء لا شبهة له فيه "
مقتضاه أنه تصح تولية الفاسق بما له في شبهة, وهذا أحد وجهين, والراجح أنه لا يصح تولية الفاسق ولو بما لَهُ فيه شبهة.
" ولا يجوز للقاضي أن يقبل الهدية من أهل عمله "
أي من أهل محل عمله بأن كان من أهل محل ولايته وأهداها إليه في محل ولايته, وكذا لو أهدى له من هو من غير محل ولا يته في محل ولايته بأن دخل بها في محل ولايته, وكذا لو أرسلها مع رسول ولم يدخل بها فيحرم قبولها على الصحيح, فالشرط في التحريم كون الإهداء في محل ولايته وإن لم يكن المهدي من أهل محل عمله. وهذا كله في حق من لا خصومة له لا حاليّة ولا مُتوقَّعة ولم يكن له عادة بالإهداء قبل ولاية القضاء, أو له عادة وزاد عليها قدْرًا أو صفةً فيحرم قبولها؛ لأن سببَها العملُ ظاهرًا.
" فإن كانت الهدية في غير عمله من غير أهله لم يحرم في الأصح "
أي: في غير محل عمله بأن كان القاضي في غير محل ولايته وقت الهدية. وقوله: " من غير أهله " أي: من غير أهل محل عمله, وهذا ليس بقيد, بل متى كانت الهدية في غير محل عمله لم يحرم قبولها ممن لا خصومة له, ولو من أهل محل عمله.
" وإن أهدى إليه من هو في محل ولايته وله خصومة ولا عادة له بالهدية قبلها حرم قبولها عليه "
أي: ولو كان القاضي في غير محل ولايته وقت الهدية بأن أرسلها إليه من هو في محل ولايته.
وقوله: " ولا عادة له بالهدية قبلها " ليس بقيد؛ بل متى كان له خصومة حاليّة أو مُتوقَّعة حرم قبول هديته, ولو كان له عادة بالهدية قبلها.
والحاصل: أن من له خصومة في الحال أو تُتوقَّع له خصومة يحرم قبول هديته ولو كان القاضي في غير محل ولايته, وإن اعتادها قبل ولايته, وأما غير من له خصومة فإن كان القاضي في محل ولايته ولم يكن للمهدي عادة بالهدية أو له عادة وزاد عليها قدْرًا أو صفةً حرم قبول هديته, وإن كان القاضي في غير محل ولايته أو فيه وكان للمهدي عادة بالهدية ولم يزد عليها قدْرًا أو صفةً لم يحرم قبول هديته.
" ولا يتعنت بالشهداء..كأن يقول القاضي له: كيف تحمّلتَ؟ ولعلك ما شهدتَ "
أي: لا يوقعهم في العنت والمشقة كأن يقول لهم: لمَ شهدتم؟ وما هذه الشهادة؟ فربما يؤدي ذلك إلى تركهم الشهادة فيتضرر المشهود له.
وقوله: " كأن يقول له القاضي.. " ليس ما ذكره من التعنت وإنما منه أن يقول له: لمَ شهدت؟ وما هذه الشهادة؟ ومنه أيضًا أن يستقصي منه أمورًا تشق عليه. ولا يجوز له أن يصرخ على الشاهد أو يزجره.

فصل في أحكام القسمة
" ويكفي في هذا النوع والذي قبله قاسم واحد "
أما في النوع الأول -القسمة بالأجزاء- فمسلَّم, وأما في النوع الثاني -القسمة بالتعديل بالسهام- فغير مسلم؛ لأن فيه تقويمًا, ويشترط في كل ما فيه تقويم التعدد كما صرح به كلام المصنف حيث قال: وإن كان في القسمة تقويم لم يقتصر فيه على أقل من اثنين.
" هذا إن لم يكن القاسم حاكمًا بمعرفته.. "
أي: بأن نصبه القاضي أو الإمام قاسمًا ولم يجعله حاكمًا في التقويم, أما منصوب الشركاء فيكفي كونه واحدًا قطعًا, فإن جعله القاضي أو الإمام حاكمًا في التقويم كفى واحد.
وقوله: " بمعرفته " أي: بعلمه في التقويم فإن لم يكن عارفًا بالتقويم حكم بقول عَدْلَينِ.
فصل في الحكم بالبيِّنة
" وإن كان في أيديهما "
  أي: وإن كان الشيء الذي تداعياه في أيديهما كأن كان فراشًا جلسا عليه, أو جملًا ركباه, أو دارًا سكنا فيها.
" أو لم يكن في يد واحد منهما "
أي: ولم يكن بيد ثالث بل كان عقارًا, أو متاعًا ملقى في الطريق مثلًا وليس المدعيان عنده.
فصل في شروط الشاهد
" فلا تقبل شهادة المصرّ عليها "
أي على الصغائر, أي على شيء منها من نوع أو أنواع إلا إن غلبت طاعاته على معاصيه, وإلا فتقبل شهادته حينئذ.
فصل في أنواع الحقوق
" ضرب لا يقبل فيه أقل من أربعة من الرجال وهو الزنا "
ومثله اللواط وإتيان البهائم على المذهب المنصوص وإن كان إتيان البهائم موجبًا للتعزير فقط؛ لأن نقصان العقوبة لا يمنع من اعتبار العدد في الشهود كما في زنا الأمة, وكما في وطء  الميتة لا يوجب الحد على الأصح, وهو كإتيان البهائم في أنه لا يثبت إلا بأربعة على المعتمد.
" والملك المطلق "
أي: غير المقيد بسبب, وأما المقيد بسبب فإن كان مما يثبت سببه بالاستفاضة كالإرث فكذلك, وإن كان مما لا يثبت سببه بها كالبيع فلا.
" ولا تقبل شهادة شخص جارٍّ لنفسه نفعًا "
فترد شهادته لمورثه, ولا بما هو ولي أو وصي أو وكيل فيه ولو بدون جعل؛ لأنه يثبت لنفسه سلطنة التصرف.
" ولا دافع عنها ضررًا "
كشهادة عاقلة بفسق شهود قتل يحملونه من خطأ أو شبه عمد فلا تقبل؛ لأنهم يدفعون عن أنفسهم ضرر تحمل الدية وكذلك شهادة غرماء مفلس بفسق شهود دين آخر ظهر عليه فلا تقبل؛ لأنهم يدفعون عن أنفسهم ضرر المزاحمة ومن هذا القبيل شهادة الضامن ببراءة مضمونه فلا تقبل؛ لأنه يدفع عن نفسه ضرر المطالبة والغرم.
 كتاب أحكام العتق
" وليس المراد بالموسر هنا هو الغني, بل من له من المال وقت الإعتاق ما يفي بقيمة نصيب شريكه فاضلًا عن قوته وقوت من تلزمه نفقته في يومه وليلته.. "
الضابط في ذلك: أن يكون فاضلًا عن جميع ما يترك للمفلس ويصرف في ذلك كل ما يصرف في الديون.
" وعن دَسْت ثوب "
أي: جماعة ثوب وهي المسماة في عرف الناس بالبدلة. أي: تترك له ثياب تليق به, وهي قميص وسراويل ومنديل وعمامة وقلنسوة ومِكعَب  -أي مداس- ويزاد في الشتاء جبة محشوة أو ما في معناها كفرْوَة؛ لأنه يحتاج إلى ذلك ولا يؤجر غالبًا, ويترك له أيضًا طيلسان وخف ودُرّاعة -بضم الدال المهملة- يلبسها فوق القميص أو نحوها مما يليق إن لاق به ذلك لئلا يحصل الإزدراء بمنصبه, وتزاد المرأة مقنعة وغيرها مما يليق بها, ويترك للعالم كتبه وللجندي المرتزِق خيله وسلاحه المحتاج إليهما بخلاف المتطوع بالجهاد.
فصل في أحكام الولاء
" لكن الأظهر في باب الولاء أن أخا المعتق وابن أخيه مقدمان على جد المعتق"
نظرًا لكونهما يرثان بالبنوة, فإن أخا المعتق ابن أبي المعتق, وأما الجد فإنه يرث بالأبوة؛ لأنه أبو أبي المعتق, والبنوة مقدمة على الأبوة.
" بخلاف الإرث أي: بالنسب فإن الأخ والجد شريكان "
أي: في الإرث بالنسب؛ نظرًا لاشتراكهما في الإدلاء إلى الميت بالأب, وكان القياس يقتضي تقديم الأخ كما في الولاء نظرً لكونه ابن أبي الميت والجد أبو أبيه, والبنوة أقوى من الأبوة, لكن ترك ذلك لإجماع الصحابة على عدم تقديمه عليه فشرِّك بينهما.
فصل في أحكام التدبير
" والتدبير تعليق عتق بصفة في الأظهر "
أي: على القول الأظهر, وهو المعتمد, ولهذا لا يحتاج إلى إعتاق بعد الموت, ولو قلنا إنه وصية للعبد بعتقه لاحتاج إلى إعتاق بعد الموت.
فصل في أحكام الكتابة
" ويكون المال المعلوم مؤجلًا إلى أجل معلوم "
أي: ليحصله ويؤديه, فلا تصح بالحال, ولو كان المكاتب مبعضًا يقدر عليه في الحال؛ لأن الكتابة عقد خالف القياس في وضعه لخروجها عن قواعد المعاملات لدورانها بين السيد ورقيقه, ولأنها بيع ماله بماله, والمنقول عن الصحابة فمن بعدهم قولًا وفعلًا إنما هو التأجيل, فاقتصر فيها على المأثور عن السلف؛ إذ لو جاز عقدها على حالٍّ لم يتفقوا على تركه مع اختلاف الأغراض, خصوصًا وفيه تعجيل العتق.
فصل في أحكام أمهات الأولاد
" وإذا أصاب أي: وطئ السيد أمته ولو كانت حائضًا أو محرمًا له أو مزوجة أو لم يُصِبْها ولكن استدخلت ذكره أو ماءه المحترم فوضعت حيًا أو ميتًا أو ما يجب فيه غُرَّة وهو ما أي: لحم تبيّن فيه شيء من خلق آدمي, وفي بعض النسخ " من خلق الآدميين " لكل أحد أو لأهل الخبرة من النساء ".
أي: لأربع منهن, واقتصاره عليهن للغالب, وإلا فمثلهن رجلان أو رجل وامرأتان من أهل الخبرة, ولو اختلف أهل الخبرة فقال بعضهم: فيها صورة, وقال بعضهم: ليس فيها صورة قُدِّم المـُثْبِت على النافي؛ لأن معه زيادة علم.
" وإن ملك الواطئ بالنكاح الأمة المطلقة بعد ذلك لم تصر أم ولد له بالوطء في النكاح السابق وصارت أم ولد له بالوطء بالشبهة على أحد القولين.. "
قوله: " الأمة المطلَّقة " ليس بقيد, بل لو ملكها وهي في نكاحه كان الحكم كذلك.
 خاتمة
" ونسأل الله الكريم المنان الموت على الإسلام والإيمان بجاه نبيّه سيد المرسلين وخاتم النبيين وحبيب رب العالمين.. "
تنبيه:
التوسل بذوات الأنبياء والصالحين أو جاههم أو حقهم أو حرمتهم ونحو ذلك بدعة؛ لأنه لم يرد في الشرع, والعبادات توقيفية لا يشرع شيء منها إلا بدليل, ولذلك لم يفعله الصحابة, بل عدلوا إلى التوسل بدعاء الصالحين من الأحياء ففي صحيح البخاري " عن أنس-رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قُحِطُوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب, فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبيِّنا فاسقنا, قال: فيسقون "([40]). وقد فسرتْ بعض الروايات كلام عمر وقصده, فنقلتْ دعاء العباس -رضي الله عنه- استجابة لطلب عمر -رضي الله عنه- قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-: " بيّن الزُّبَير بن بكّار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك, فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب, ولم يكشف إلا بتوبة, وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيِّك, وهذه أيدينا إليك بالذنوب, ونواصينا إليك بالتوبة, فاسقنا الغيث, فأَرْخَت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس. وأخرج أيضا من طريق داود عن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فذكر الحديث"([41]).
وفي عهد معاوية -رضي الله عنه- قُحِطَت السماء فاستسقى بيزيد بن الأسود الجُرَشي عن التابعي الجليل سُلَيم بن عامر الخبَائري: أن السماء قُحِطَت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون فلما قعد معاوية على المنبر قال أين يزيد بن الأسود الجُرَشي؟ فناداه الناس, فأقبل يتخطى الناس, فأمره معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا, اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجُرَشي, يا يزيد ارفع يديك إلى الله, فرفع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم, فما كان أوشك أن ثارتْ سحابةٌ في الغرب كأنها ترس وهبَّتْ لها ريح فسُقِينا حتى كاد الناس أن لا يبلغوا منازلهم "([42]).
قال سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: " وأما التوسل بجاه المخلوقين كمن يقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- ونحو ذلك، فهذا لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأكثر العلماء على النهي عنه، وحكى ابن القيم -رحمه الله تعالى- أنه بدعة إجماعًا "([43]).
وصلى الله على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه, وسلّم تسليمًا كثيرًا, والحمد لله رب العالمين.

[1] - رواه البخاري في « صحيحه » (1/39/ح71) ومسلم في « صحيحه » (3/94/ح2436).
[2] - « المجموع شرح المهذب » (1/276), وانظر: « سنن الترمذي » (3/104).
[3] - انظر: « كفاية الأخيار » (1/37).
[4] - « روضة الطالبين » (1/181).
[5] - رواه مسلم في « صحيحه  » (2/105/ح1419).
[6] - رواه البيهقي في « السنن الكبرى » (3/48/ح4685) عن أبي ذر وقال: " في إسناده نظر " ورواه الترمذي في « السنن » (2/337/ح473) وابن ماجه في « السنن » (1/439/ح1380) عن أنس بلفظ " من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله قصرًا من ذهب في الجنة " قال الترمذي: " غريب " وضعفه ابن حجر في « التلخيص الحبير » (2/50).
[7] - سورة الحج: 78.
[8] - « حاشية الباجوري » (1/162).
[9] - « حاشية الباجوري » (1/175).
[10] - « حاشية إعانة الطالبين » (1/230).
[11] - « الفتاوى الفقهية الكبرى » (2/24).
[12] - « تحفة الحبيب على شرح الخطيب » (2/569).
[13] - « إغاثة اللهفان » (1/136-137).
[14] - « نهاية المحتاج » (3/369).
[15] - « صحيح البخاري » (2/642-643).
[16] - رواه مالك في « الموطأ » (1/383/ح857) والشافعي في « مسنده » (1/125/ح583) والبيهقي في « السنن الكبرى » (5/174/ح9603) وصححه ابن الملقن في « البدر المنير » (6/428) والألباني في « إرواء الغليل » (4/260).
[17] - « الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع » (2/305).
[18] - انظر: « روضة الطالبين » (5/150), « نهاية المحتاج » (5/246), « مغني المحتاج » (2/323), « كفاية الأخيار » (1/292).
[19] - « روضة الطالبين » (5/168-169).
[20] - « المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج » للنووي (10/210).
[21] - انظر: « حاشية الباجوري » (2/81), « تحفة الحبيب على شرح الخطيب » (4/41).
[22] - سورة لقمان: 15.
[23] - رواه مسلم في « صحيحه » (6/101/ح5339).
[24] - « المجموع شرح المهذب » (3/14).
[25] - رواه مسلم في « صحيحه » (1/61/ح256).
[26] - رواه أحمد في « مسنده » (6/346/ح22987) والترمذي في « السنن » ( (5/13/ح2621) والنسائي في « السنن » (1/231/463) وابن ماجه في « السنن » (1/342/ح1079) وابن حبان في « صحيحه » (4/305/ح1454) وابن أبي شيبة في « المصنف » (11/34/ح31035) والبيهقي في « السنن الكبرى » (3/366/ح6291) والدارقطني في « السنن » (2/52) وصححه الألباني.
[27] - رواه الترمذي في « السنن » (5/14/ح2622) وصححه الألباني.
[28] - « المجموع شرح المهذب » (3/16).
[29] - « مجموع الفتاوى » (22/47- 48).
[30] - « المعجم الوسيط » (1/342).
[31] - « حاشية الباجوري » (2/322).
[32] - « الجوهرة النيرة » (5/260).
[33] - سور المائدة: 3.
[34] - « بدائع الصنائع » (5/48). وانظر: « البحر الرائق » (8/192), « لسان الحكام » (1/383), « العناية شرح الهداية » (14/141), « الهداية شرح البداية » (4/64), « فتح القدير » (22/41).
[35] - « الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق » (7/52).
[36] - رواه أبو داود في « السنن » (3/66/ح2843) وابن الجارود في « المنتقى من السنن المسندة » (1/229/ح911) والبيهقي في « السنن الكبرى » (9/299/ح19050) والطبراني في « المعجم الكبير » (11/316/ح11883) قال ابن حجر في « بلوغ المرام » (صـ283) :" رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وعبد الحق لكن رجح أبو حاتم إرساله ".
[37] - رواه البخاري في « صحيحه » (6/2463/ح6318).
[38] - رواه مسلم في « صحيحه » (5/78/ح4333).
[39] - رواه أحمد في « مسنده » (2/185/ح6732) وأبو داود في « السنن » (3/224/ح3275) والطبراني في « المعجم الأوسط » (2/109/ح1410) والبيهقي في « السنن الكبرى » (10/67/ح19836) والدارقطني في « السنن » (4/162) وصححه ابن  الملقِّن في « البدر المنير » (9/494) وحسنه الألباني وشعيب  الأرناءوط.
[40] - رواه البخاري في « صحيحه » (1/342/ح964).
[41] - « فتح الباري » (2/497).
[42] - « تاريخ دمشق » (65/112).
[43] - « الدرر السنية » (3/159).
...............................................................................................................................
تعليق لطيف
على متن أبي شجاع
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد , فهذا « تعليقٌ لطيفٌ على متن أبي شجاع » نبَّهتُ فيه على المسائل التي خالف فيه القاضي أبو شجاع - رحمه الله - المعتمد في المذهب , أسأل الله الكريم أن ينفع الله به كما نفع بأصله , إنه سميع قريب .
كتاب الطهارة
الأصح أن الماء المتغير تغيرًا يسيرًا بما يستغنى عنه كالزعفران طهور « الروضة » (1/10) .
والصحيح المشهور أنه يكره لقاضي الحاجة استقبال الشمس والقمر ولا يكره استدبارهما « المجموع » (2/94) .
والصحيح المشهور أن خروج المني لا ينقض الوضوء « المجموع » (2/4) .
والأصح أنه لو كان على عضو المتوضئ أو المغتسل نجاسة حكمية أو عينية تزول أوصافها بغسلة واحدة كفاه غسلة واحدة عن الحدث والنجس « المجموع » (1/334) , « حاشية الباجوري » (1/85) .
والصواب أنه لا يستحب الغسل للمبيت بمزدلفة , وإنما يستحب الغسل للوقوف بمزدلفة بالمشعر الحرام بعد صلاة الصبح يوم النحر « المجموع » (7/213-214) .
والجديد أنه لا يستحب الغسل للطواف « الروضة » (3/70) .
والصحيح جواز التيمم بتراب خالطه رمل خشن لا يلصق بالعضو « المجموع » (2/215) .
والأصح أنه يعفى عن الكثير من دم الشخص نفسه إذا لم يكن بفعله , ولم يختلط بأجنبي , ولم يجاوز محله « حاشية الباجوري » (1/114) .
والصحيح أنه لا يحرم على الحائض المرور في المسجد إلا إذا خافت تلويثه « المجموع » (2/358) .
كتاب الصلاة
والأظهر أن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق الأحمر « المجموع » (3/30) .
والأكثرون على أن الرواتب المؤكدة عشر ركعات : ركعتان قبل الفجر والظهر وركعتان بعد الظهر والمغرب والعشاء « الروضة » (1/327) .
والأكثرون على أن أكثر الضحى ثمان ركعات « المجموع » (4/36) .
والأصح أنه لا تجب نية الخروج من الصلاة « المجموع » (3/476) .
والأصح أن الكلام الكثير والأكل الكثير يبطل الصلاة مطلقًا « المجموع » (4/90) .
والصحيح أن صلاة الجماعة فرض كفاية « المجموع » (4/184) .
والصحيح استحباب تطويل السجود في صلاة الكسوف « المجموع » (5/50) .
والصحيح أن ابتداء أيام التعزية الثلاثة من الموت لا من الدفن « حاشية الباجوري » (1/277) .
والصحيح أنه يجوز قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة بعد غير التكبيرة الأولى « المجموع » (5/233) .
كتاب الزكاة
الأصح أنه لا يشترط الاتحاد في الحالب « المجموع » (5/435) .
كتاب الصوم
الصحيح أن من مات وعليه صيام صام عنه وليه , وهو القريب , وإن لم يكن وارثًا , ولو أطعم على هذا القول جاز « المجموع » (6/368) .
كتاب الحج
الصواب أن الحلق أو التقصير ركن في الحج والعمرة « المجموع » (8/205) .
والأصح أن المبيت بمزدلفة واجب « المجموع » (8/134) .
والأصح أن المبيت بمنى ليالي التشريق واجب « المجموع » (8/134) .
والأصح أن طواف الوداع واجب « المجموع » (8/254) .
والأصح أن تسريح المحرم شعره من غير استعمال دهن ليس حرامًا , لكنه مكروه « حاشية الباجوري » (1/349) .
كتاب البيوع
الأصح أنه يصح الرهن على الدين الآيل إلى اللزوم كثمن السلعة في زمن الخيار « الروضة » (4/54) .
والأصح أنه تصح الحوالة بالدين الآيل إلى اللزوم , وتصح الحوالة عليه « الروضة » (4/229) .
والأصح أنه يصح ضمان الدين الآيل إلى اللزوم « الروضة » (4/250) .
والأصح أن الضامن يرجع على المضمون عنه بما غرمه إذا ضمن بإذنه , وإن قضى بغير إذنه « الروضة » (4/266) .
والأظهر جواز أن يكون رأس مال الشركة من المثليات « الروضة » (4/276) .
والأصح أن التوكيل في الإقرار - بأن يقول له : وكلتك لتقر عني - لا يصح « الروضة » (4/292) .
والأظهر صحة الوقف المنقطع الآخر , وأنه يصرف بعد انقراض الموقوف عليه إلى أقرب الناس إلى الواقف رحمًا لا إرثًا « الروضة » (5/326) .
والأصح وجوب تعريف اللقطة على من أخذها للحفظ « الروضة » (5/409) .
والأصح أنه يجوز لآحاد الناس التقاط الحيوان الممتنع من صغار السباع للحفظ « الروضة » (5/402) .
والأظهر أن ملتقط الحيوان في العمران مخير بين خصلتين فقط هما : إمساكه وتعريفه والتطوع بالإنفاق عليه ثم يتملكه , أو بيعه وحفظ ثمنه وتعريف الثمن ثم يتملكه , ولا يجوز أكله « الروضة » (5/403) .
كتاب النكاح
الأصح أن نظر الزوج إلى فرج زوجته ونظر السيد إلى فرج أمته التي يملك الاستمتاع بها لا يحرم لكن يكره « الروضة » (7/27) .
والأصح جواز ضرب الزوج زوجته إذا تحقق نشوزها , وإن لم يتكرر , إن رآه مصلحة « الروضة » (7/369) .
والأصح أن ابتداء المدة في الإيلاء يحسب من وقت الإيلاء إن لم يكن مانع من الوطء كالطلاق الرجعي , وإلا فمن وقت زوال المانع , سواء طلبت الزوجة من القاضي ضرب المدة أم لا , وسواء علمت بحقها في الطلب وتركته قصدًا أم لم تعلم به « الروضة » (8/251) , « حاشية الباجوري » (2/168) .
والأصح أن المعتدة الرجعية عليها ملازمة البيت كالمبتوتة « الإقناع » (2/473) « حاشية الباجوري » (2/189) .
والأظهر وجوب نفقة الأصول بشرط أن يكونوا فقراء , وإن كانوا قادرين على الكسب , ولا يشترط انضمام الزمانة أو الجنون إلى الفقر « الروضة » (9/84) .
كتاب الجنايات
والصحيح أن قصد القتل ليس شرطًا لوجوب القصاص , بل متى تحقق قصد الفعل والشخص بشيء يقتل غالبًا وجب القصاص , وإن لم يقصد قتله بذلك « حاشية الباجوري » (2/215) .
والأصح على القديم أنه لا يزاد شيء على ألف دينار من الذهب وستة عشر ألف درهم من الفضة « الروضة » (9/262) .
كتاب الحدود
الأظهر أن واطئ البهيمة يعزر بكرًا كان أو محصنًا « الروضة » (10/92) .
والمذهب أن قاطع الطريق إذا تاب قبل القدرة عليه سقطت عنه العقوبات المختصة بقطع الطريق كتحتم قتله وصلبه « الروضة » (10/158) .
والأظهر أنه لا تسقط بقية الحدود كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر « الروضة » (10/158) .
والأظهر أن استتابة المرتد واجبة , وأنه يستتاب في الحال ولا يمهل ثلاثة أيام « الروضة » (10/76) .
كتاب الأقضية والشهادات
الأصح أنه لا يشترط في القاضي أن يكون كاتبًا « الروضة » (11/97) .
كتاب العتق
الأظهر أن من وطئ أمة بشبهة ثم ملكها لم تصر أم ولد له بذلك الوطء « الروضة » (12/313) .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
كتبه / محمد بن سعيد بن عوض بن سالمين باصالح
الخميس 1/4/1433هـ - 23/2/2012م

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More