تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 17 يناير 2014

أحداث الشحر - تهجير أهل السنة من دمّاج



أحداث الشحر - تهجير أهل السنة من دمّاج
16/3/1435هـ الموافق 17/1/2014م
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، الهبة الشعبية التي قامت بها قبائل حضرموت مشروعة - ما دامت سلمية - وكذا مطالبها مشروعة إلا أننا نخاف أن تنجر الهبة إلى مربع العنف وانفلات الأمور، خصوصًا بعد دخول أطراف عدة، استغلت الهبة سياسيًا لتحقيق مكتسبات؛ كلٌّ حسب رؤاه ووسائلِه في التغيير، وخصوصًا بعد تنفيذ أعمال مسلحة استهدفت نقاطًا ومعسكرات الجيش خلفت عشرات القتلى والجرحى والمعتقلين..
ولأن قيادة الهبة الشعبية المتمثلة في قيادة حلف القبائل لم تحدد منذ البداية طبيعة الهبة ووسائل الضغط، ولم تسارع بتشكيل اللجان المتخصصة لإدارتها ووضع ضوابط وآليات واضحة..
فإننا نذكر وننصح بما يلي:
1)      ضرورة المحافظة على سلمية الهبة. والظلم الواقع على حضرموت وكذا عموم الجنوب لا يبرر معالجة الخطأ بالخطأ والظلم بالظلم؛ فإن الأعمال المسلحة قد تؤدي إلى حرب، وتُفلِت الأمور ولا يدرى بعد ذلك إلى أين؟ ومتى تنتهي؟ وليست مأمونة العواقب، ولا مضمونة في تحقيق المطالب، وحينئذ تكون المفسدة أعظم من حيث أردنا المصلحة، وربنا - جل وعلا - يقول في محكم كتابه: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ وهناك وسائل سلمية عديدة مثل:
الاعتصامات، والمظاهرات، والعصيان المدني، وإغلاق أنبوب النفط وليس تفجيره، وتحديد أسماء العابثين بأمن البلاد وثرواتها والمطالبة بإقالتهم من مناصبهم وغير ذلك.
2)      نحذّر من تحول الهبة من سلمية إلى مسلحة؛ لأن المستفيد الوحيد من ذلك هو أعداء الأمة، ونؤكد في هذا الصدد على أن دماء المسلمين معصومة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه " وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه "، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم " وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة " وقال عليه الصلاة والسلام: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ".
ولأن الحرب والعنف يؤدي إلى مزيد من القلاقل، ولا يحقق المطالب، وإن حقق شيئًا فهو وقتي، ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه كما هو مشاهد في الواقع، ويعطي للمتربصين بحضرموت خاصة واليمن عامة فرصة لنشر الفوضى والفساد وتصفية الحسابات.
3)      نطالب الدولة بسحب الجيش من معسكر العليي في أسرع وقت ممكن، وتحويلِه إلى الضبة أو خلف الإذاعة على الأقل؛ حقنًا للدماء، وحفظًا للأمن، وإزالةً لأسباب التوتر، وصيانة للممتلكات، وحماية لمصالح الناس.
4) ندعو مكتب الصحة بالمديرية إلى تفعيل المستشفى القديم كطوارئ في مثل هذه الأزمات؛ لأنه لوحظ أن الأحداث الأخيرة عطلت الطريق إلى المستشفى تمامًا، ولا شك أن الناس تعرض لهم حالات طارئة تتطلب رعاية وعناية طبية، ولا بد من توفير الخدمة الإنسانية لهم في مثل هذه الظروف.
5) نُدِين إطلاق الرصاص عشوائيًا على المارين قريبًا من المعسكر بمجرد الاشتباه، وقد تكرر هذا الأمر، وهو مؤسف للغاية، ومخيف في نفس الوقت، ومن ذلك ضرب سيارة الإسعاف التابعة للمستشفى. فهذا الأمر مرفوض تمامًا، وهو يعرّض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، وينشر الرعب والخوف في صفوف الناس. والجيوش إنما هي لحماية المواطنين وتأمين حياتهم.
6) ننبّه على وجوب تحرّي الصدق في نقل الأخبار والروايات قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾، وفي الفتن والأزمات  تكثر الأكاذيب والإشاعات، واعلم أخي المسلم أن الأخبار فيها الصادق والكاذب، والصادق نفسه منه ما يصلح للنشر ومنه ما لا يصلح، والذي يقرر نشره من عدمه أهل العلم والمعرفة، كما أن الذي يقرر الأحكام، ويبين الحلال من الحرام هم أهل العلم أيضًا، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾.
نسأل الله أن يجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن. اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين، اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، وبدّل حالنا إلى أحسن حال..

الخطبة الثانية

أيها المسلمون، شهد القرن العشرين أسوأ حادث تهجير بالعالم حيث هُجّر أهل الأرض ليبقى المحتل والمستعمر سيدًا في بلاد غيره. كانت عمليه التهجير القَسْرية لمئات الآلاف من الفلسطينيين تعتبر أسوأ عمليه تهجير، وذاق المهجَّرون بعد ذلك أسوأ أنواع التشرد والجوع والموت والدمار على مدى عقود من الزمن، وكان ذلك التهجير تحت ضغط إرادة دولية عالمية مورست على الفلسطينيين ونفذتها وحشية اليهود.
وما يحصل اليوم في اليمن هو تهجير القرن الحادي والعشرين، إن ما يحدث اليوم في اليمن يتركنا نقف حائرين أمام ما يجري في منطقة تسمى دمّاج، مساحتها لا تزيد عن بضع كيلو مترات، وكانت منبعًا للعلم الشرعي ومهوَى محبي علوم السلف، وكانت بعيدة عن السياسة والسياسيين، ولم تكن رغم وجودها لأكثر من ثلاثين عامًا مصدر قلق لا لليمن ولا لغيرها.
وفجأة، وجدت نفسها هذه البقعة الصغيرة وجهًا لوجه مع حرب وعدو يريد أن يجتثّها من على الأرض بحجة أنهم أناس يتطهرون.
أكثر من ثلاثة أشهر وهذه البقعة تدك بأنواع مختلفة من الأسلحة والمعدات العسكرية المتطورة.. ومساجدها تفجّر بالمتفجِّرات مع هتافات: الموت لأمريكا! والموت لإسرائيل! وحال هذه المساجد تبكي حالها وتنظر يمينًا وشمالًا فلا تجد أي علاقة لها بأمريكا ولا بإسرائيل.
ثلاثة أشهر وأهل دمّاج بعيدًا عن الإعلام يقتلون أو يموتون بالقنص أو بالجوع. ثلاثة أشهر وهم يستنجدون بالحكومة والقبائل ورجال اليمن ونخوة اليمنيين ولكن لا حياة لمن تنادي.
أخيرًا قرروا التحكيم إلى رئيس الجمهورية لعلهم يجدون منه إنصافًا أو حلًا لمشكلتهم وخاصة وهم يشكلون جزءًا من اليمن ومواطني اليمن، ولهم حق الحماية، وحق الأخوة والنصرة، وصدموا بقرار الحكومة بترحيلهم من أرضهم إلى الحديدة! أي قرار هذا!
إن ما يحصل في دمّاج اليوم جريمة تدخل ضمن جرائم الجنائية الدولية؛ فهي تهجير أهل وطن وأرض رغمًا عنهم، وتأصيل قانون الغاب الذي يفرضه القوي على الضعيف. إن اليمن اليوم يمر بمنعطف خطير فما يحصل بصعدة هو مقدمة لما قد يحصل بغيرها من المدن والقرى اليمنية لاحقًا. ومن سكت عن الترحيل اليوم سيرحل هو غدًا. والله المستعان.
وخروج السلفيين من دمّاج برعاية الدولة سابقة خطيرة لم تحدث في تاريخ اليمن وهو يدل على أمور:
الأول: أن الحوثيين غير قابلين للتعايش مع غيرهم.
والثاني: قوة التآمر على اليمن والإسلام..
وهذا الإخراج مخالف للشريعة، بل مخالف لمخرجات الحوار التي تدعو إلى المواطنة المتساوية وحق الإنسان اليمني في العيش في أي مكان يختاره..
نسأل الله أن يهيئ لهذه الأمة أمرًا رشدًا، وأن يجمع كلمتها على الحق، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More