( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )
٢٤|١٢|١٤٣٨هالموافق ١٥|٩|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ )).
أمرَ تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يصبرَ على أذية قومه له، ومكرِهم به وبدعوته، وتأخرِ إسلامهم، وشدةِ عداوتهم، وتنوعِ أساليبهم في الصدِّ عن سبيل الله، ومحاربتِهم لدعوته، ونفورِهم من شريعته، وكيده له ولأصحابه، وأمرَهُ صلى الله عليه وسلم أن لا يزال داعيًا لهم إلى الله، وأن يقتديَ بصبر أولي العزم من المرسلين، ساداتِ الخلق أجمعين، أولي العزائم السامية، والهمم العالية، الذين عظُم صبرهم، وتمّ يقينُهم، وكمُل علمُهم وخشيتُهم لله، فهم أحقُّ الخلق بالأسوة بهم، والقفْوِ لآثارهم، والاهتداءِ بمنارهم.
فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه، فصبر صبرًا لم يصبره نبي قبله، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة، وقاموا جميعًا بصدِّه عن الدعوة إلى الله، وفعلوا ما يُمْكِنُهم من المعاداة والمحاربة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعًا بأمر الله، مقيمًا على جهاد أعداء الله، صابرًا على ما يناله من الأذى، حتى مكَّن الله له في الأرض، وأظهر دينَه على سائر الأديان، وأمتَه على الأمم.
والحامل على هذا الصبر أمران:
الأول: أن عذاب الآخرة أعظم من عذاب الدنيا، فمهما أصاب المسلمين من أذى في الدنيا فهو قليل بالنسبة لما يصيب الكافرين يوم القيامة.
والثاني: أن العقوبة الدنيوية بانتظار هؤلاء المحاربين للدين - وإن ظنوا أنهم آمنون -، وتتشابه النهايات لتشابه البدايات، ويتشابه المآل لتشابه الحال، والنتائج تتبع الأسباب، والخير يأتي بالخير، والشر يأتي بالشر، وليس من السيئات إلا سيئات (( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )).
وقوله تعالى: (( وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ )) أي: لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب؛ فإن هذا من جهلهم وحمقهم، فلا يستخفَنك بجهلهم، ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك، فإنهم آتيهم ما يوعدون، وكل آت قريب، و (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا )) في الدنيا (( إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ )) فلا يحزنك تمتعهم القليل، وهم صائرون إلى العذاب الوبيل.
(( بَلاغٌ )) أي: هذه الدنيا متاعها وشهواتها ولذاتها بُلْغَةٌ منغَّصة، ودفعُ وقتٍ حاضرٍ قليل.
أو هذا القرآن العظيم الذي بيّنا لكم فيه البيانَ التام بلاغٌ لكم، وزادٌ إلى الدار الآخرة، ونعمَ الزاد والبُلْغَةُ! زادٌ يُوصِل إلى دار النعيم، ويَعْصِمُ من العذاب الأليم، فهو أفضل زادٍ يتزوّده الخلائق، وأجلُّ نعمةٍ أنعم الله بها عليهم.
(( فَهَلْ يُهْلَكُ )) بالعقوبات (( إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ )) أي: الذين لا خير فيهم، وقد خرجوا عن طاعة ربهم، ولم يقبلوا الحقَّ الذي جاءتهم به الرسل.
وفي الآية تنبيه على أن العلم والإيمان والدعوة والإرشاد والأمر والنهي والتربية الفردية والجماعية تحتاج إلى صبر عظيم، كصبر أولي العزم من الرسل، وأن الابتلاء سنة الحياة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، على مشارف نهاية العام الهجري، ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه على ما سلف وفات، فيحمد الله على التوفيق للطاعة، ويستغفر الله من الذنوب والهفوات، والمعاصي والزلات، ويقوّم نفسه، وأخلاقَه، وأعمالَه، وأقوالَه، وأفعالَه، فاليوم عمل ولا حساب وغدًا حساب ولا عمل.
يا من بدنياه اشتغلْ *
وغرّه طول الأملْ
الموتُ يأتي بغتةً *
والقبرُ صندوق العملْ
ولم تزلْ في غفلة *
حتى دنا منك الأجلْ
تزوَّدْ من التقوى فإنك لا تدري*
إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ
فكم من عروسٍ زيّنوها لزوجِها *
وقد قُبِضت أرواحُهم ليلةَ القدرِ
وكم من صغارٍ يُرتجَى طولُ عُمرِهم*
وقد أُدخلت أجسادهم ظلمة القبرِ
أيها المسلمون، تسمية الختان الشرعي جريمةً هو الجريمة نفسُها، شيءٌ اتفق عليه العلماء، وتوارثته الأجيال، وجرت به الأعراف والعادات، وأصبح من ضمن الثقافة الاجتماعية في بلاد المسلمين، ثم يأتي نكرةٌ في سياق النفي فيقول: الختان جريمة!
ما جريمةٌ إلا كلامُك هذا الذي تطاولتَ به على شِرْعة الرحمن.
إن الخلطَ بين الختان الشرعي المنضبط والختان الفرعوني المنكر شِنشِنةٌ نعرفها من أخزم! يريد بها الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلًا عظيمًا..
وحسبنا الله ونعم الوكيل فيمن يتعدّى على حرمات الشرع وثوابت الدين.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
٢٤|١٢|١٤٣٨هالموافق ١٥|٩|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: (( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ )).
أمرَ تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم أن يصبرَ على أذية قومه له، ومكرِهم به وبدعوته، وتأخرِ إسلامهم، وشدةِ عداوتهم، وتنوعِ أساليبهم في الصدِّ عن سبيل الله، ومحاربتِهم لدعوته، ونفورِهم من شريعته، وكيده له ولأصحابه، وأمرَهُ صلى الله عليه وسلم أن لا يزال داعيًا لهم إلى الله، وأن يقتديَ بصبر أولي العزم من المرسلين، ساداتِ الخلق أجمعين، أولي العزائم السامية، والهمم العالية، الذين عظُم صبرهم، وتمّ يقينُهم، وكمُل علمُهم وخشيتُهم لله، فهم أحقُّ الخلق بالأسوة بهم، والقفْوِ لآثارهم، والاهتداءِ بمنارهم.
فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه، فصبر صبرًا لم يصبره نبي قبله، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة، وقاموا جميعًا بصدِّه عن الدعوة إلى الله، وفعلوا ما يُمْكِنُهم من المعاداة والمحاربة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعًا بأمر الله، مقيمًا على جهاد أعداء الله، صابرًا على ما يناله من الأذى، حتى مكَّن الله له في الأرض، وأظهر دينَه على سائر الأديان، وأمتَه على الأمم.
والحامل على هذا الصبر أمران:
الأول: أن عذاب الآخرة أعظم من عذاب الدنيا، فمهما أصاب المسلمين من أذى في الدنيا فهو قليل بالنسبة لما يصيب الكافرين يوم القيامة.
والثاني: أن العقوبة الدنيوية بانتظار هؤلاء المحاربين للدين - وإن ظنوا أنهم آمنون -، وتتشابه النهايات لتشابه البدايات، ويتشابه المآل لتشابه الحال، والنتائج تتبع الأسباب، والخير يأتي بالخير، والشر يأتي بالشر، وليس من السيئات إلا سيئات (( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا )).
وقوله تعالى: (( وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ )) أي: لهؤلاء المكذبين المستعجلين للعذاب؛ فإن هذا من جهلهم وحمقهم، فلا يستخفَنك بجهلهم، ولا يحملك ما ترى من استعجالهم على أن تدعو الله عليهم بذلك، فإنهم آتيهم ما يوعدون، وكل آت قريب، و (( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا )) في الدنيا (( إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ )) فلا يحزنك تمتعهم القليل، وهم صائرون إلى العذاب الوبيل.
(( بَلاغٌ )) أي: هذه الدنيا متاعها وشهواتها ولذاتها بُلْغَةٌ منغَّصة، ودفعُ وقتٍ حاضرٍ قليل.
أو هذا القرآن العظيم الذي بيّنا لكم فيه البيانَ التام بلاغٌ لكم، وزادٌ إلى الدار الآخرة، ونعمَ الزاد والبُلْغَةُ! زادٌ يُوصِل إلى دار النعيم، ويَعْصِمُ من العذاب الأليم، فهو أفضل زادٍ يتزوّده الخلائق، وأجلُّ نعمةٍ أنعم الله بها عليهم.
(( فَهَلْ يُهْلَكُ )) بالعقوبات (( إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ )) أي: الذين لا خير فيهم، وقد خرجوا عن طاعة ربهم، ولم يقبلوا الحقَّ الذي جاءتهم به الرسل.
وفي الآية تنبيه على أن العلم والإيمان والدعوة والإرشاد والأمر والنهي والتربية الفردية والجماعية تحتاج إلى صبر عظيم، كصبر أولي العزم من الرسل، وأن الابتلاء سنة الحياة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، على مشارف نهاية العام الهجري، ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه على ما سلف وفات، فيحمد الله على التوفيق للطاعة، ويستغفر الله من الذنوب والهفوات، والمعاصي والزلات، ويقوّم نفسه، وأخلاقَه، وأعمالَه، وأقوالَه، وأفعالَه، فاليوم عمل ولا حساب وغدًا حساب ولا عمل.
يا من بدنياه اشتغلْ *
وغرّه طول الأملْ
الموتُ يأتي بغتةً *
والقبرُ صندوق العملْ
ولم تزلْ في غفلة *
حتى دنا منك الأجلْ
تزوَّدْ من التقوى فإنك لا تدري*
إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ
فكم من عروسٍ زيّنوها لزوجِها *
وقد قُبِضت أرواحُهم ليلةَ القدرِ
وكم من صغارٍ يُرتجَى طولُ عُمرِهم*
وقد أُدخلت أجسادهم ظلمة القبرِ
أيها المسلمون، تسمية الختان الشرعي جريمةً هو الجريمة نفسُها، شيءٌ اتفق عليه العلماء، وتوارثته الأجيال، وجرت به الأعراف والعادات، وأصبح من ضمن الثقافة الاجتماعية في بلاد المسلمين، ثم يأتي نكرةٌ في سياق النفي فيقول: الختان جريمة!
ما جريمةٌ إلا كلامُك هذا الذي تطاولتَ به على شِرْعة الرحمن.
إن الخلطَ بين الختان الشرعي المنضبط والختان الفرعوني المنكر شِنشِنةٌ نعرفها من أخزم! يريد بها الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلًا عظيمًا..
وحسبنا الله ونعم الوكيل فيمن يتعدّى على حرمات الشرع وثوابت الدين.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق