تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

السبت، 27 ديسمبر 2014

خطبة ( هويتنا سر حضارتنا - حرق النفايات )



هويتنا سر حضارتنا
[ 4/3/1436هـالموافق 26/12/2014م ]
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، نحن أمة هدانا الله لدينه، واصطفانا لشريعته، واختارنا لدعوته، وشرفنا بخير رسله، وسمانا المسلمين وأنعم به من اسم! تلك هويتنا وصبغتنا.. ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾.. وهذا اسمنا.. ﴿ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾..
إن هويتنا هوية عقيدة ورسالة.. هوية مبادئ وحضارة.. هوية دين وشريعة.. هوية القرآن والإيمان.. ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾.. نحن المسلمون.. جئنا لنشر الخير وإقرار العدل وإنقاذ البشرية من أوضار الوثنية وأدران الجاهلية.. جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.. ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام.. ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة..
أرسل سعدُ بنُ أبي وقّاص قِبَل القادسية رِبْعيّ بن عامر رسولًا إلى رُسْتُم - قائدُ الجيوش الفارسية وأميرُهم - فدخل عليه وقد زيّنوا مجلسه بالنمارق والزرابيِّ الحرير, وأظهر اليواقيت واللآليء الثمينة، وعليه تاج مرصع، وقد جلس على سرير من ذهب..
- ودخل ربعي بثيابٍ صفيقة وسيفٍ وترسٍ ورمحٍ وفرَسٍ.. لم يزل راكبَها حتى داس بها على طرف البِساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد! وأقبلَ عليه سلاحُه ودرعُه, وبيضتُه على رأسه فقالوا:
- ضع سلاحكَ.
- فقال: إني لم آتِكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت.
- فقال رستم: ائذنوا له.. فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرّق عامّتها.
- فقالوا: ما جاء بكم؟
- فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام.
وقُدِّم خبيب لتضرب عنقه.. فقال معتزًّا بهويته الإسلامية!
وَلَسْتُ أُبالي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... على أَيِّ جَنْبٍ كان في الله مَصْرَعي
وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإِنْ يَشَأْ ... يُبَاركْ على أَوصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
هويتنا هي عنوان السعادة وسمة الحياة الطيبة ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
هويتنا هي أساس الأمان والبشارة في دار السلام ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾.
قالت الملائكة: مثَل محمد كمثَل رجل بنى دارًا وجعل فيها مأدُبة وبعث داعيًا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدُبة ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة.. ثم أوّلوها فقالوا: فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم.. فمن أطاع محمدًا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله ومن عصى محمدًا صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله.
ومن أعرض عن هويته الإسلامية وابتغى غير الإسلام دينًا فالعيش الضنك في انتظاره ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾.
هويتنا بريد الأمن من عذاب القبر وفتنته حين يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.. فيجيب المؤمن الصادق: " ربيَ الله. وديني الإسلام. ونبيي محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم " أما من تنكّر لهويته وتلبّس بغير صبغة الله فيقول: " هاه.. هاه.. لا أدري " فيقال له: " لا دريت ولا تليت ".
هويتنا هي علامة القبول لورود حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم والشرب منه حين يسقي بيده الشريفة المتمسكين بدينهم المعتزين بإسلامهم.. أما المبدّلون المغيّرون فتردّهم الملائكة عن حوضه فيقول صلى الله عليه وسلم: " أمتي أمتي " فيقولون: " إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " فيقول: " سحقًا سحقًا ".. سحقًا لمن بدّل دينه وتنكّر لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
هويتنا طوق النجاة على الصراط حين يثبّت الله أقدام المؤمنين الصادقين المتمسكين بدينهم وإيمانهم فيتم لهم نورَهم.. أما الذين تخلّوا عن هويتهم وترددوا في دينهم وشكوا واضطربوا في اتباع المؤمنين أو اتباع الكافرين؛ فصاروا مذبذبين لا مع المؤمنين ولا مع الكافرين.. فيضرب عليهم بسور يحجب عنهم النور ﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *  يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾.
هويتنا هي جواز الدخول إلى جنات النعيم حين ترحب الملائكة الكرام بوفود المتقين على أبواب الجنة ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ  ﴾. أما الآخرون المنكرون لهويتهم المتنكرون لدينهم فمآلهم كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾.
أيها المسلمون، تتعرض هويتنا الإسلامية إلى حرب مستعرة؛ لتشويهها وتبديلها وتدميرها ونزعها عن أصالتها وعزلها عن منبعها، حرب يشنها أعداء الأمة، ويسير في فلَكِها من كثرت مطامعه وقلت بصيرته وانبهر بالحضارة الغربية واغتر بالنظريات والآراء البشرية والقوانين الوضعية.. فسعى لنشر الأفكار الهدامة بشعور أو بدون شعور.. وأهوى بمعوله على معالم الإسلام ونظامه التشريعي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي..
﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴾..
هويتنا التي ينبغي أن نتمسك بها ونعتز بالانتساب إليها هي الإسلام؛ الدين الذي جمعنا بعدما كنا متفرقين, ورفعنا بعدما كان منسيين، ونظمنا بعدما كنا عشوائيين، وأعزنا بعدما كنا أذلة، وأخرجنا من الظلمات إلى النور..
قال طارق بن شهاب: " خرج عمر رضي الله عنه إلى الشام ومعنا أبو عبيدة فأتَوا على مخاضة ( يعني ماء ) وعمر على ناقة له فنزل وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين، أنت تفعل هذا! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك! فقال: أوّهّ ولو يقل ذا غيرُك أبا عبيدة جعلتُه نكالًا لأمة محمد.. إنا كنا أذلَّ قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله ". وفي رواية " لما قدم عمر الشام لقِيَه الجنود وعليه إزار وخفان وعمامة وهو آخذ برأس بعيره يخوض الماء فقال له قائل: يا أمير المؤمنين! تلقاك الجنود وبطارقة الشام وأنت على حالك هذا! فقال عمر: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نبتغي العز بغيره ".. ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾.. بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر و لا ضرار", وقال: " من ضار أضر الله به ومن شاق شق الله عليه "وقال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره " ومن أجل المحافظة على صحة الإنسان وسلامة البيئة والحفاظ على جمال الحياة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد وفي الطريق والظل وتحت الشجرة المثمرة وموارد الماء وأماكن اجتماع الناس.. وهذا من كمال الإسلام وحسن أدبه وجمال تشريعاته.
وقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة سيئة وهي حرق النفايات داخل المدن وهو سلوك ضار بصحة الإنسان ويلوّث البيئة، فحرق النفايات يؤثر على صحة الإنسان وعلى البيئة تأثيرات شتى..
من تلك التأثيرات مرض السرطان، وأمراض الجهاز التنفسي، وأمراض القلب، والتأثير على جهاز المناعة، وازدياد حالات الحساسية والتشوهات الجينية والخَلْقية، كما يؤدي لتلوث الهواء، وتلوث الأرض والمياه ويضر بالحيوان والنبات.. وغير ذلك.  
فننصح بعدم فعل ذلك؛ لما فيه من خطر على حياة الناس والبيئة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين.. 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More