تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 2 يناير 2015

خطبة ( علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم )



علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم
[ 11/3/1436هـالموافق 2/1/2015 ]
أيها المسلمون، الحديث عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم – ومحبته حديث ذو شجون، يحتار المتكلم من أين يبدأ وكيف ينتهي! تتوارد عليه المعاني من كل مكان وتفيض عليه المشاعر من كل اتجاه، وتقصر الكلمات عن بلوغ المراد!
نبيَّ الهدى هزّني ذكرُكم ** فرُحتُ أغنّي بشوقٍ ظمِي
وأشدو بفضلك بين الرجال ** جِهارًا نَهارًا بملء الفمِ
وأدعو الأنام لمنهاجِكم ** ومنهاجُكم غايةُ المَغْنَمِ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ".
أخي الحبيب، لن تذوق طعم الإيمان ولن تبلغ درجة الإحسان حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليك من أهلك ومالك ومن الناس أجمعين..
نحب رسول الله؛ لأنه رحمة رحم الله بها الناس أجمعين، ونور أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾.. رحمة شملت العالمين.. رحمة الإسلام والإيمان والهداية والخروج من الظلمات إلى النور.. رحمة صلاح القلوب والأبدان والأحوال والأوضاع.. رحمة الهدى بعد الضلالة، والعلم بعد الجهالة، والوِفاق بعد الشقاق، والأمن بعد الخوف، والقوة بعد الضعف.. رحمة تخطت المسلمين إلى الكافرين.. في صحيح مسلم أن ناسًا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: " ادع على المشركين. فقال: إني لم أبعث لعّانا وإنما بعثت رحمة ".
نحب رسول الله لشريعته السمحة وسنته الشريفة وأخلاقه الآسرة وكتابه المبين الذي فتح الله به قلوبًا غلفًا وأعينًا عميًا وآذانًا صمًا.
وللمحبة علامات..
فمن علامات المحبة: الطاعة المطلقة وتقديم أمره على كل أمر وقولِه على كل قول، ومحبة كتابه الذي بعث به والعناية به قراءة وحفظًا وفهمًا وعملًا، وصياغة الحياة والأخلاق والسلوك على وفقه واقتباس الحلول من نوره والتماس الهدى من آياته وترقيق القلب بعظاته وتلاوة آياته آناء الليل وأطراف النهار والقيام به كلما سنحت فرصة. فما هو نصيب من القرآن - أخي الكريم - من حياتك قراءة وفهمًا وعملًا؟
ومن علامات المحبة: العناية بحديثه ودراسة سنته وتمييز الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود والذب عن سنته وتنقيتها من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والروايات الواهية وفهم كلامه والتأدب بأدبه والتخلق بأخلاقه والتأسي به في كل حال اللباس.. وفي حياته العامة والخاصة.. فهل سألت نفسك وأنت تروي الحديث: هل صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم يصح؟ وما معناه وتفسيره؟ وكيف عمل به هو وأصحابه من بعده؟ وماذا فهم منه أهل العلم؟ وكيف أقيم حياتي على سنته؟ وكيف أحيا في ظلال أدبه ووارف سمته؟
ومن علامات المحبة: قراءة سيرته ومعرفة تفاصيل حياته وطريقة عيشه وأسلوب دعوته وينابيع حكمته.. ومعرفة طريقته في التعليم والتربية والدعوة والتزكية وغرس معاني الإيمان.. ومعرفة طريقته في العبادات والمعاملات، وتأمل معاملته للصغير والكبير والذكور والإناث والعدو والصديق والمؤمن والمنافق والمعاهد والمحارب.. فهل تعلم حياة نبيك وسيرة معلمك؟ هل تدري حياته في مكة؟ وحياته في المدينة؟ هل تحفظ شيئًا من أسماء أصحابه؟ هل تعلم من أحب الناس إليه؟ هل تعلم ما يحب وما يكره؟
ومن علامات المحبة: فرط الشوق إلى لقائه وتمني رؤيته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ "..
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقدم عليكم غدًا أقوام هم أرق قلوبًا بالإسلام منكم " فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون:  
( غدًا نلقى الأحبه ... محمدًا وحزبه )..
أخي الحبيب، هل تمنيت أن ترى رسول الله! هل تحب أن يراك رسول الله! هل سمعت ابن مسعود وهو يقول للربيع بن خثيم: " لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك! ".
ومن علامات المحبة: الرضا بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا، الرضا برسول الله حظًا وقسمًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِي بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً " هل تردد في صدرك قول الأنصار: رضينا برسول الله حظًا وقسمًا؟
ومن علامات المحبة: كثرة ذكره وكثرة الصلاة عليه وحضوره في القلب على كل حال وعند كل موقف.. هل تذكرت رسول الله في مواقفك وتفاصيل حياتك؟ هل تذكرت رسول الله في دعوته وجهاده وصبره وحلمه ورحمته؟ هل التمست هديه في حياتك؟
ومن علامات المحبة: نصرة دينه والذب عن شريعته والتشبت بسنته وترك المحدثات والبدع وتقديم قوله على كل قول، والتأدب معه حيًا وميتًا، وتوقير حديثه وتعظيم كلامه.. فما من خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه. وما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلّغ كلمة ربه وأدّى رسالة خالقه وأكمل الله به الدين وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.. فالزم المحجة البيضاء وإياك وبُنيّات الطريق واقصد البحر وخل القنوات..
ومن علامات المحبة: محبة من يحب وكراهة من يكره.. محبة المهاجرين والأنصار وتعظيمهم.. محبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر العشرة المبشرين وأصحاب بيعة الرضوان الصادقين والسابقين الأولين والذين اتبعوهم بإحسان..
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ " عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ " فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ لاَ تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلاَّ خَوْخَةَ أَبِى بَكْرٍ ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إيهًا يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًَا فجًّا قط إلا سلك فجًّا غير فجّك ".
ولما جهز عثمان رضي الله عنه جيش العسرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم. ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ".
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِي الأُمِّي - صلى الله عليه وسلم - إِلَي أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضَنِي إِلاَّ مُنَافِقٌ ".
 وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار "..
فيا شباب الإسلام، اقتدوا بنبيكم واتبعوا منهاجه وتعلموا سنته وتأدبوا بأدبه وتخلقوا بأخلاقه واحرصوا على هديه وسمته ودلّه واحذروا من مخالفة أمره وتنكب طريقه وترك هديه ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾..
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، حادثة البنوك بادرة خطيرة وهي خطوة أولى في طريق الفوضى العارمة والفتن وشَوب الحق بالباطل وخلط الأوراق..
ونحن نتساءل: أين دور الأمن في حادثة في وضح النهار وفي السوق العام وفي بنكين متفرقين واستغرقت وقتًا طويلًا؟ ما دور الجيش المرابط في النقاط على المداخل الشرقية والغربية والشمالية؟ أم أن الانفلات الأمني مقصود في ذاته لتحقيق مآرب أخرى؟
إننا نؤكد على حرمة الدماء والأموال ونردد كلمة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهر هذا في بلدكم هذا ".
ونذكّر بأن العصمة من الفتن هي في التمسك بالجمل الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع فـ " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه "، و " أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ".
ونطالب بتوفير الأمن وحماية أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، وتأمين معايشهم..
واعلموا عباد الله أنكم غدًا بين يدي الله موقوفون وعن أعمالكم تسألون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت وأحببْ من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به وكما تدين تدان.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More