فلا تظلموا فيهن أنفسكم
٣|٧|١٤٣٨هالموافق ٣١|٣|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، قال الله عز وجل: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ).
أي إن عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا، يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حُرُم; حرَّم الله فيهنَّ القتال، هي: ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم ورجب، ذلك هو الدين المستقيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم; لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها.
فكون السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، مما حكم الله به شرعا وقدرًا، وكتبه في اللوح المحفوظ، وهذا هو الدين المستقيم، والحكم الصحيح، الذي لا يتبدل ولا يتغير، ولا يتقدم تحريمها ولا يتأخر، فلا يجوز التلاعب بأحكام الله بالتبديل والتقديم والتأخير، والتقييد والإطلاق، بحسب الأهواء والأذواق، ومن أجل المصالح والمكاسب الدنيوية، بلا حجة ولا برهان، ولا دليل صحيح ولا سلطان.
ذلك الدين القيم، فاستقيموا على طاعة الله ولا تزيغوا عن الصراط، ولا تظلموا أنفسكم بالذنوب والمعاصي والمظالم، فإن إثمها في الأشهر الحرم أشد، وعقوبتها أغلظ، وتبعاتها أكبر.
والظلم ثلاثة: فظلم لا يتركه الله، وظلم يُغفَر، وظلم لا يُغفَر، فأما الظلم الذي لا يُغفَر فالشرك، لا يغفره الله، وأَما الظلم الذي يُغفَر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه، وأما الظلم الذي لا يتركه فالمظالم بين العباد، يقص الله بعضَهم من بعض.
فالشرك ظلم عظيم؛ لأنه وضع للعبادة في غير موضعها. أرأيت من يرجو شمسًا أو قمرًا أو كوكبًا! أرأيت من يبكي عند شجرة أو صخرة أو بقرة! أرأيت العاكفين على عبادة الأوثان! أيَّ ظلم وقعوا فيه! وأيَّ جناية أتوها حين تركوا عبادة الله وعبدوا ما سواه!
( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ، وَهُوَ يَعِظُهُ: يَا بُنَيَّ، لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ؛ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ).
لقد وقعوا في أبشع صور الظلم فوضعوا العبادة في غير موضعها، فعبدوا غيرَ خالقهم، وشكروا غيرَ رازقهم، وامتلأت قلوبهم خوفًا وطعمًا فيمن ( لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ).
فهذا الظلم لا يغفره الله إلا بالتوبة قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) وقال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ).
أما الظلم الذي يُغفَر فالذنوب والمعاصي، يكفرها التوحيد والإخلاص، والتوبة والاستغفار، والمصائب والآلام، وفعل الحسنات بعد السيئات قال تعالى: ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ؛ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها "، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قال الله تعالى: " يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتك بقُرابها مغفرة ".
وأما الظلم الذي لا يُتْرَك، فظلم العبادِ بعضَهم بعضًا..
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
لا تغرك قوّتُك وسطوتُك؛ فالله أقوى منك وعقوبة الله أعظم من عقوبتك ( فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ. وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) عن أبي مسعود البَدْرِي رضي الله عنه قال: " كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتًا: اعلم أبا مسعود، للهُ أقدرُ عليك منك عليه. فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، فهو حر لوجه الله. فقال: أمَا إن لم تفعل لَمَسَّتْك النار ".
وأعظم الظلم سفك الدماء عن أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال: " إلا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم ورجبُ مُضَرَ الذي بين جمادى وشعبان. ثم قال: ألا أيُّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكتَ حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يومَ النحر؟ قلنا: بلى. ثم قال: أيُّ شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكتَ حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. ثم قال: أيُّ بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكتَ حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست البلدة؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وستلقَون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا لا ترجعوا بعدي ضُلَّالًا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلّغت؟ ألا ليبلغ الشاهدُ الغائبَ منكم؛ فلعل من يُبلَّغه يكون أوعى له من بعضِ من يسمعه ".
فاتقوا الله حق التقوى ودعوا المظالم كلّها..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، رجب من الأشهر الحرم المعظمة، ولكن لم يصح في تخصيصه بعبادة معينة أو تفضيله على غيره من الأشهر الحرم شيء، وقد أحدث الناس فيه أشياء، ما عليها دليل؛ كالعمرة الرجبية، والصومِ في رجب خاصة، وصلاةِ الرغائب، والاستغفارِ بطريقة معينة وصيغة وأعداد معينة، والاحتفالِ بليلة الإسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب؛ مع أنه لم يثبت أن الإسراء والمعراج كان ليلة السابع والعشرين من رجب.
قال النووي رحمه الله: " الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي ثنتا عشرة ركعة، تصلى بين المغرب والعشاء ليلةَ أولِ جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان، ومنكران قبيحان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب ( قوت القلوب ) و ( إحياء علوم الدين ) ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل "، وعن خَرَشَة بن الحُرّ قال: " رأيت عمر يضرب أكف المترجِّبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا؛ فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " وفي رواية:" رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام ويقول: رجب وما رجب! إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية فلما جاء الإسلام تُرِك ".
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين.
٣|٧|١٤٣٨هالموافق ٣١|٣|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، قال الله عز وجل: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ).
أي إن عدة الشهور في حكم الله وفيما كُتب في اللوح المحفوظ اثنا عشر شهرًا، يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حُرُم; حرَّم الله فيهنَّ القتال، هي: ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم ورجب، ذلك هو الدين المستقيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم; لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها.
فكون السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، مما حكم الله به شرعا وقدرًا، وكتبه في اللوح المحفوظ، وهذا هو الدين المستقيم، والحكم الصحيح، الذي لا يتبدل ولا يتغير، ولا يتقدم تحريمها ولا يتأخر، فلا يجوز التلاعب بأحكام الله بالتبديل والتقديم والتأخير، والتقييد والإطلاق، بحسب الأهواء والأذواق، ومن أجل المصالح والمكاسب الدنيوية، بلا حجة ولا برهان، ولا دليل صحيح ولا سلطان.
ذلك الدين القيم، فاستقيموا على طاعة الله ولا تزيغوا عن الصراط، ولا تظلموا أنفسكم بالذنوب والمعاصي والمظالم، فإن إثمها في الأشهر الحرم أشد، وعقوبتها أغلظ، وتبعاتها أكبر.
والظلم ثلاثة: فظلم لا يتركه الله، وظلم يُغفَر، وظلم لا يُغفَر، فأما الظلم الذي لا يُغفَر فالشرك، لا يغفره الله، وأَما الظلم الذي يُغفَر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه، وأما الظلم الذي لا يتركه فالمظالم بين العباد، يقص الله بعضَهم من بعض.
فالشرك ظلم عظيم؛ لأنه وضع للعبادة في غير موضعها. أرأيت من يرجو شمسًا أو قمرًا أو كوكبًا! أرأيت من يبكي عند شجرة أو صخرة أو بقرة! أرأيت العاكفين على عبادة الأوثان! أيَّ ظلم وقعوا فيه! وأيَّ جناية أتوها حين تركوا عبادة الله وعبدوا ما سواه!
( وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ، وَهُوَ يَعِظُهُ: يَا بُنَيَّ، لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ؛ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ).
لقد وقعوا في أبشع صور الظلم فوضعوا العبادة في غير موضعها، فعبدوا غيرَ خالقهم، وشكروا غيرَ رازقهم، وامتلأت قلوبهم خوفًا وطعمًا فيمن ( لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ).
فهذا الظلم لا يغفره الله إلا بالتوبة قال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) وقال تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ).
أما الظلم الذي يُغفَر فالذنوب والمعاصي، يكفرها التوحيد والإخلاص، والتوبة والاستغفار، والمصائب والآلام، وفعل الحسنات بعد السيئات قال تعالى: ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ؛ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها "، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: قال الله تعالى: " يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئًا لأتيتك بقُرابها مغفرة ".
وأما الظلم الذي لا يُتْرَك، فظلم العبادِ بعضَهم بعضًا..
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
لا تغرك قوّتُك وسطوتُك؛ فالله أقوى منك وعقوبة الله أعظم من عقوبتك ( فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ. وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ) عن أبي مسعود البَدْرِي رضي الله عنه قال: " كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتًا: اعلم أبا مسعود، للهُ أقدرُ عليك منك عليه. فالتفتُّ فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، فهو حر لوجه الله. فقال: أمَا إن لم تفعل لَمَسَّتْك النار ".
وأعظم الظلم سفك الدماء عن أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال: " إلا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القَعدة وذو الحِجة والمحرم ورجبُ مُضَرَ الذي بين جمادى وشعبان. ثم قال: ألا أيُّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكتَ حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يومَ النحر؟ قلنا: بلى. ثم قال: أيُّ شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكتَ حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. ثم قال: أيُّ بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكتَ حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست البلدة؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وستلقَون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا لا ترجعوا بعدي ضُلَّالًا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلّغت؟ ألا ليبلغ الشاهدُ الغائبَ منكم؛ فلعل من يُبلَّغه يكون أوعى له من بعضِ من يسمعه ".
فاتقوا الله حق التقوى ودعوا المظالم كلّها..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، رجب من الأشهر الحرم المعظمة، ولكن لم يصح في تخصيصه بعبادة معينة أو تفضيله على غيره من الأشهر الحرم شيء، وقد أحدث الناس فيه أشياء، ما عليها دليل؛ كالعمرة الرجبية، والصومِ في رجب خاصة، وصلاةِ الرغائب، والاستغفارِ بطريقة معينة وصيغة وأعداد معينة، والاحتفالِ بليلة الإسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب؛ مع أنه لم يثبت أن الإسراء والمعراج كان ليلة السابع والعشرين من رجب.
قال النووي رحمه الله: " الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي ثنتا عشرة ركعة، تصلى بين المغرب والعشاء ليلةَ أولِ جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان، ومنكران قبيحان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب ( قوت القلوب ) و ( إحياء علوم الدين ) ولا بالحديث المذكور فيهما؛ فإن كل ذلك باطل "، وعن خَرَشَة بن الحُرّ قال: " رأيت عمر يضرب أكف المترجِّبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا؛ فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية " وفي رواية:" رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام ويقول: رجب وما رجب! إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية فلما جاء الإسلام تُرِك ".
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق