تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 7 يوليو 2017

خطبة ( الامتحانات وعوامل النجاح )

الامتحانات وعوامل النجاح
١٣|١٠|١٤٣٨هالموافق ٧|٧|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، يستعد أبناؤنا لخوض غمارِ الامتحاناتِ النهائية، وبهذه المناسبة نذكِّر ببعض الأمور وننبه على عوامل النجاح.
إن أعظم أسباب النجاح: هو التوكل على الله سبحانه وتعالى، فالاستعانة بالله شطر الإيمان، والاستعانة بالله عند الشدائد مما يحبه الله، والامتحانات من الشدائد، فتوكل على الله وثِقْ بوعدِ الله وأحسنْ ظنَّك بالله وعليك بتفريغِ القلب من الاعتماد على شيء إلا على الله، فهو الهادي والموفِّق، وهو الذي بيده الفوزُ والنجاح، والرشدُ والهدى، والثباتُ والفلاح.
والتوكل نصف الدين؛ لأن الدين استعانة وعبادة كما قال تعالى: ( إياك نعبد وإياك نستعين ) فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة، والتوكل التام أعظم أسباب النجاح والفلاح، والهداية والتوفيق، والأرزاق والمكاسب قال صلى الله عليه وسلم: " لو أنكم تَوكَّلُون على الله حقَّ توكُّلِهِ لرزقكم كما يرزق الطيرَ تغدو خِماصًا وتروحُ بِطانًا ".
فالواجب على الطلاب والطالبات: التبرؤ من الحول الشخصي والقوة الشخصية، وتفويضُ الأمر إلى الله، وحسنُ التوكل عليه ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ).
والتوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:  قال رجل: يا رسول الله, أعقِلُها وأتوكّل أو أُطْلِقُها وأتوكّل؟ قال: " اعقِلْها وتوكَّل ".
فذاكر واجتهد، ولا تدخِّر وسعًا، ولا تأل جهدًا، ودعْ عنك العجزَ والكسل، وأوقِد شمعةَ الطموح والأمل، وتوكل على مولاك الأعلى والأجل، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: " لما وقف الزبير يوم الجمَل دعاني فقمتُ إلى جنبِه فقال: يا بُنيَّ إنه لا يُقتَل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أُراني إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همِّي لَدَيني، أفَتَرى يُبقِي دَينُنا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بُنيَّ، بعْ مالَنا فاقضِ دَيني. وأوصَى بالثلث وثلثِه لِبَنِيه - يعني بَنِي عبدِ الله بنِ الزبير - يقول ثلث الثلث لأبناء عبد الله بن الزبير، فإن فَضَل من مالنا فضْلٌ بعد قضاء الدَّين فثُلُثُه لولدِك.. وله يومئذ تسعةُ بنين وتسعُ بنات، قال عبد الله: فجعَلَ يُوصِيني بدَينِهِ ويقول: يا بُنيَّ إن عجَزتَ عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فو اللهِ ما دَرَيتُ ما أراد حتى قلتُ: يا أبتِ من مولاك؟ قال: اللهُ! قال: فو اللهِ ما وقعتُ في كُرْبَةٍ من دَينَه إلا قلتُ: يا مولى الزبير اقضِ عنه دَينَه فيَقضِيهِ " رواه البخاري.
فمن التنبيهات والنصائح التي نذكّر بها الطلاب والطالبات: التوكّلُ على الله، والالتجاءُ إلى الله بالدعاء، والنومُ المبكر، والذهابُ إلى الامتحان في الوقت المحدد، وإحضارُ جميع الأدوات المطلوبة المسموح بها، والمحافظةُ على أذكار الخروج من المنزل " بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله "، " اللهم إني أعوذ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلّ, أو أَزِلَّ أو أُزَلّ, أو أَظلِمَ أو أُظلَم, أو أَجهَلَ أو يُجهَلَ عليَّ "، فردّد هذه الأدعية بقلب حاضر.. هل تفكرتَ في هذه الأدعية النبوية العظيمة! إنها كلمات تسكب الطمأنينة والسكينة والرضا واليقين في القلب! فيها التوكّلُ على الله، وتفويضُ الأمور إلى الله، والتبرؤُ من الحول والقوة، والاعتصامُ بالله من الضلال والزلل والظلم والجهل..
وعليك بأدعية تفريج الكربات " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "، " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " وأكثر من الاستغفار والدعاء ولازم ذكر الله؛ فذكر الله بركةٌ وخيرٌ وطمأنينةٌ وهدوءُ بالٍ وراحةُ نفس قال تعالى: ( فاذكروني أذكركم )، وقال: ( ولذكر الله أكبر )، وقال: ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ).
ومن عوامل النجاح: تصفّحُ ورقة الامتحان برفق وأناة، وقراءةُ الأسئلة قراءةً متأنّيةً ودقيقة، فكثير من الأخطاء بسبب العجلة وسوء الفهم للسؤال، فتمهل في القراءة والفهم؛ ففهمُ السؤال نصفُ الإجابة.
ومن عوامل النجاح: التخطيطُ للإجابةـ فيبدأ بالأسئلة السهلة, والأسئلةِ ذاتِ الدرجات العالية، ويُؤخِّر الأسئلةَ التي لا يحضره جوابُها الآن، والتأني في الإجابة؛ فالأناة من الله, والعجلة من الشيطان.
ومن عوامل النجاح: الكتابةُ بخطٍّ واضحٍ مقروءٍ، وترتيبُ الإجابة، ونظافةُ ورقةِ الإجابة، وتخصيصُ وقتٍ للمراجعة، ويتأنى في المراجعة خصوصًا في العمليات الرياضية وكتابةِ الأرقام، ويُقاومُ الرغبة في تسليم ورقة الامتحان بسرعة، ولا تغتر بالمستعجلين، فالناس يتفاوتون في الفهم والاستيعاب والإجابة، وبعض المستعجلين عندهم لا مبالاة بالنتائج، فيسلمون الورقةَ صافيةَ لا ترى فيها خيرًا ولا شرا.
والمذاكرة الجماعية قد تكون مفيدة، وقد تكون مضيعة للوقت، فاحرص على ما ينفعك، واختر ما فيه مصلحتُك، وإياكم والغش ففي الحديث: " من غش فليس منا " والغش في الامتحان قضية خطيرة، يترتب عليها الحصولُ على شهادةِ زور، والحصولُ على وظيفة لا يستحقها.
وإذا اكتشف الطالبُ بعد الامتحان أنه أخطأ فعليه بالرضا بالقضاء والقدر، ولا يقع فريسةً لليأس والإحباط والكآبة والأحزان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل ".
وإذا فاتتْك درجة الدنيا فلا تفوتك درجة الآخرة، فالصبر والرضا بالقضاء والقدر من أعظم أبواب الأجر قال تعالى: ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، يا أولياء الأمور، كونوا عواملَ تثبيت، ومصادرَ إشاعة لأجواء التفاؤل والأمل والارتياح النفسي، فحثوا أولادكم على بذل الأسباب، فإذا رأيتم منهم الجدَّ والاجتهاد، والتعبَ والنصب، والاهتمامَ البالغ، والعنايةَ الفائقة فقولوا لهم: نحن راضون بما تحققون من النتائج ومتوكلون على الله مثلكم، وإياكم والتهديدَ والوعيد، وإشاعةَ جوِّ الإرباكِ والقلقِ والخوفِ واليأسِ والإحباط، وعلّموا أولادكم الارتباطَ بالله، والاستعانةَ بالله، والتوكل على الله، واللجوءَ إلى الله، وكثرةَ الدعاء والاستغفار، وعلّموهم كيفية المذاكرة، والتركيزَ على القواعد الأساسية المهمة، وحذّروهم من السهر الطويل، والإرهاقِ البدني والعقلي، والقلقِ النفسي، والخوفِ والتردد، وضعفِ الثقةِ بالنفس، ودلُّوهم على الأوقات المناسبة للمذاكرة، ووفِّروا لهم البيئة المناسبة للمذاكرة، والجو المناسب للمراجعة، وأدخلوا عليهم السرور بالممازحة والمداعبة، واسمحوا لهم بممارسة بعض التمارين الرياضية للترويح عن النفس، وتجديدِ النشاط، ودفعِ الملل والسآمة، وانصحوهم بالتركيز، والابتعاد عما يشتت الانتباه..
والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، وهو عند ظن عبده فليظن به ما شاء..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More