تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 10 أغسطس 2018

أفضل أيام الدنيا

أفضل أيام الدنيا ٢٨|١١|١٤٣٩هـالموافق ١٠|٨|٢٠١٨م جامع الرحمة بالشحر الخطيب / محمد بن سعيد باصالح الخطبة الأولى أيها المسلمون، يوشك أن تلِجَ علينا أفضلُ أيام الدنيا، وتقومَ سوقُ المــَوسم العظيم.. أيام أقسم الله بها لعظمتها، وأمرَ بذكره تعالى فيها، شكرًا له على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة.. أيام تجتمع فيها أمهات العبادة من صلاة وصيام وصدقة وحج وعمرة.. أيام الذكر والدعاء والتوحيد والإيمان والعمل الصالحِ والتنافسِ والمسابقةِ على فضل الله والتعرضِ لرحماته والعَوذِ واللَّوذِ به.. أيام تلاوة آيات الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. أيام التوبة النصوح الخالصة التي تغسلُ الذنوب والخطايا بماء الثلج والبرد وتباعدُ بين الرجل وبين خطاياه كما باعد الله بين المشرق والمغرب وتنقِّي المؤمن من خطاياه كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنَس..   أيام البذلِ والعطاء والصدقةِ والجود والمعروفِ والإحسان.. أيام البحث عن المساكين وإغاثة الملهوفين في أيام المسغبة التي نزلت بالناس.. أيامُ التفتيش عن الجائعين من اليتامى الأقربين والمساكين المـُعدمين.. أيامُ الصدقاتِ والمكارم والصيامِ والقيام في زمنٍ غلت فيه الأسعار وضاقت فيه الأرزاق وقل فيه المال. والصدقة تطفئ غضب الرب وتغفر الذنب وتقي مصارع السوء وتزيد الرزق وتهدي القلب وتبارك في المتصدق وماله وأهله وتحفظه من بين يديه ومن خلفه.. رحم الله عبدًا فزع إلى ماله فقال به يمينًا وشمالًا ومن بين يديه ومن خلفه ابتغاء مرضات الله وطمعًا في رحمة الله وتعرضًا لمغفرة الله رب العالمين ورأفةِ خير الراحمين.. وأفضل الأعمال في زمننا هذا وبلدنا هذا: الصدقات والأضاحي وإغاثة المكروبين وتفريج هم المهمومين وإدخال السرور على المسلمين.. قال الله عز وجل في بيان فضل عشر ذي الحجة: ((وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)). قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر)) رواه أحمد بسند صحيح. وقال مجاهد: ((وليال عشر)) عشر ذي الحجة. رواه الطبري بسند صحيح. وقال قتادة: ((الشفع يوم الأضحى والوتر يوم عرفة)) رواه الطبري بسند حسن. وقال الله عز وجل: ((لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)). قال ابن عباس: ((ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)) أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق. رواه البخاري. وقال قتادة: الأيام المعلومات أيام العشر والمعدودات أيام التشريق. رواه عبد الرزاق بسند صحيح. وقال ابن عباس في قوله تعالى: ((واذكروا الله في أيام معدودات)) يعني أيام التشريق. رواه الطبري بسند حسن. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلًا خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)) رواه أحمد بسند صحيح. ومع هذا الفضل العظيم الثابت فيها إلا أن كثيرًا من الناس يغفلون عنها فلا يشعرون بها، ولا يعملون فيها، ولا يستفيدون منها، ولا يحسنون ضيافتها بخلاف الأيام والليالي العشر الأخيرة من رمضان فإن أكثر الناس يجتهدون فيها. والمطلوب هو الاجتهاد في هذه وتلك فكلها فاضلة وكلها عظيمة وكلها يضاعف فيها الأجر أضعافًا كثيرة. وانظر إلى هذا الحديث الذي يقول لا توجد أيام في العام كله العمل الصالح فيها خير وأفضل وأزكى وأحب إلى الله من العمل في عشر ذي الحجة ولما كان الجهاد ذروة سنام الإسلام قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله! إلا رجل خرج بنفسه وماله فأهريق دمه وعقر جواده وعفر وجهه بالتراب وذهبت مهجته وماله فلم يرجع بشيء! فأين العاملون المجدون الراغبون الراهبون التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون! أين الذين يحبون أن يغفر الله لهم والله غفور رحيم! أين الذين يريدون أن يحبهم الله فيكون سمعهم وبصرهم وأيديهم وأرجلهم! أين الذين يحبون أن يحشروا إلى الرحمن وفدًا ويجعل لهم الرحمن ودًّا! أين الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع! ومن العمل الصالح المحبوب في هذه الأيام التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وللتكبير خصوصية في هذه الأيام, فقد كان عبد الله بن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبِّران ويكبِّر الناس بتكبيرهما. رواه البخاري. ومن العمل الصالح المحبوب في هذه الأيام صوم يوم عرفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)) رواه مسلم. ومن العمل الصالح المحبوب في هذه الأيام ذبح الأضاحي، ويستحب لمن أراد أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره فلا يأخذ منه شيئًا حتى يضحي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحّي فلا يمس من شعره ولا بشره شيئًا)) رواه مسلم. وفي رواية: ((إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحّي فليمسك عن شعره وأظفاره)). أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.. الخطبة الثانية أيها المسلمون، يشترط في الأضحية أن تكون سليمة من العيوب التي تنقص اللحم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البيّن عوَرُها والمريضة البيّنُ مرضُها، والعرجاء البيّنُ ظلْعُها، والكسيرة التي لا تنقي)) رواه أحمد بسند صحيح. فلا تجزئ العوراء - والعمياء من باب أولى - والمريضة مرَضًا بيّنًا، والجَرباء، والعرجاء عرَجًا شديدًا، والعجفاء التي ذهب لحمُها من الهُزال.. ويشترط أن تكون الأضحية جذعة من الضأن أو ثنية من غيرها، والجذَعة من الضأن ما لها سنة وقيل: ما لها ستة أشهر، والثنية من المعز ما لها سنتان وقيل: ما لها سنة.. ((فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)) ((فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)) والقانع: هو الذي لا يسأل تقنُّعًا وتعففًّا. والمــُعتَرّ: هو الفقير الذي يسأل.. ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More