تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 4 يناير 2019

الطلاق مرتان

الطلاق مرتان ٢٨|٤|١٤٤٠هـالموافق ٤|١|٢٠١٩م جامع الرحمة بالشحر الخطيب / محمد بن سعيد باصالح الخطبة الأولى أيها المسلمون، الطلاق مرتان ثم الزوج بالخيار بين أن يمسكَ المرأة بمعروف أو يسرحَها بإحسان.. وما دام الطلاق رجعيًا واحدة أو اثنتين فللزوج مراجعتها ما دامت في العدة من غير رضاها ولا رضا وليِّها.   فإن طلقها الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره - نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ويدخل بها ثم تبين منه بوفاة أو طلاق وتنقضي عدتها منه ثم إن شاءت عادت للأول. وأحكام الطلاق مبيَّنة في الكتاب والسنة.. لكننا نشهد بين الحين والآخر حالات من الطلاق الغريب الدال على الاستهتار بالرابطة الزوجية والاستخفاف بالأحكام الشرعية.. يطلق الرجل لأتفه الأسباب ويطلق ويراجع بلا حساب ويهدد بالطلاق عند كل غضبة قائلًا: إن دخلتِ فأنتِ طالق! أو إن خرجتِ فأنت طالق! أو يعلق الطلاق بجميع الأحوال فيقول: إن صعدتِ فأنتِ طالق وإن نزلتِ فأنتِ طالق وإن وقفتِ فأنتِ طالق! وآخر كلما غضب قال لزوجته: أنتِ عليَّ كظهر أمي أو أنتِ عليَّ حرام.. ثم إذا صدر منه الطلاق المنجَّز أو المعلَّق راح يسأل المفتِين، وإذا لم تعجبه فتوى ابنِ عمر سلكَ طريقَ ابنَ عباس! إن ابن عباس لا يستطيع أن يحلّلَ لك ما حرَّم اللهُ عليك.. عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا. قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيَرْكَبُ الْحَمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا)) وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ فَلَمْ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجًا، عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ. الزواج - أيها الناس - مسئولية عظيمة, والمرأة تحل بكلمة، وتحرم بكلمة، والمسألة ليست لُعبة.. والطلاق مرتان وليس سبعين مرة! وبعد الطلقتين إما وفاق واتفاق وإمساك بمعروف، أو طلاق وفراق وتسريح بإحسان. وبعض الناس يطلق ويعتذر فيقول: طلقتُ وأنا غضبان! يريد أن الغضب لا يمنع الطلاق.. وهو عذرٌ غريب! وهل يطلق إنسان وهو فرحان! إذا غضبتَ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. وبعض الناس يظن أن التهديد بالطلاق يوجب له المهابةَ في البيت، والرهبةَ والمخافة، والسمعَ والطاعة، ولا يدري المسكين أنه بذلك كسر القارورة، ولا يمكنه جبرُها بعد كسرها، فالقوارير لا تقبل التضبيب لا بالذهب ولا بالفضة. فعليكَ - أخي الكريم – بالرفق، وجميلِ القول والفعل، والصبرِ والحلم، والعفو والحكمة، وضعِ الحلولَ والمعالجاتِ المناسبةَ للمشاكل، وتجنب الغضبَ والانفعالَ، وإياك والطلاقَ فإنك تندم حيث لا ينفع الندم؛ فكم من إنسان طلّق في لحظة غضب ثم ندم، ولاتَ ساعةَ مندم! وترتب على طلاقه أن تفرقت الأسرة شذَرَ مذَرَ وذهبوا أيدي سبأ.. فليتقِ اللهَ كلُّ مسلم، ولا يتخذْ آياتِ الله هزوا.. قال الله عز وجل: ((وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.. الخطبة الثانية أيها المسلمون، أكثرُ حالات الطلاق بسبب الغضب والانفعال، وبعض النساء إذا غضب زوجها غضبت معه، وزادت النارَ اشتعالًا، فإذا نطق حرفًا قالت بيتًا، وإذا قال كلمة ًأنشدت قصيدة، وينتهي الأمر بالطلاق، فيسكنُ الغضب، وينقلبُ الشيطانُ فرحانَ جذِلًا بما أوقعه من الفتنة.. عَنْ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهماٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ! وفي رواية: ((فَيَلْتَزِمُهُ)).. ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More