خطبة جمعة عن الخشوع وزكاة الفطر وصلاة العيد
المكان: جامع الرحمة بالشحر. الزمان: 24/9/1434هـالموافق 1/8/2013م
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، رمضان شهر القرآن، وما أجمل أن نقف مع آيات من الذكر الحكيم، نتلمس معانيها، ونتدبر سياقها، ونحيا في ظلالها، هذا الكتاب العظيم، الذي فيه عزنا ونصرنا وشرفنا وذكرنا؛ كنا أمة لا ذكر لها ولا شأن ولا قيمة ولا وزن ولا عزة ولا كلمة، فجاء القرآن فجعل لنا شأنًا وذكرًا وقيمة، كنا أمة لا تعرف ربها، ولا تدري سبل السلام ولا تميز بين الظلمات والنور، فجاء القرآن فهدانا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور، كنا أمة تائهة في دروب الجاهلية غارقة في بحار الغفلة، فجاء القرآن فأيقظنا من غفلتنا وعلمنا ما نكن نعلم، حري بينا أن نتملى القرآن جيدًا، وأن نتدارس آيات الذكر الحكيم، فحين كنا نعمل بما فيه كنا أمة سنيّة، ولما تركنا العمل به صرنا إلى ما ترون وتسمعون وتلمسون؛ أضعنا كتاب الله فضعنا، ونسينا آيات الله فتِهنا.
حري بنا أن نتدبر آيات الكتاب الحكيم، ونتأمل ما فيها من العلم والإيمان والحكمة.
نقف في هذا المقام مع مطلع سورة الحديد، تلك السورة العظيمة التي بدأت بالتسبيح يجوب السموات والأرض، ويدوّي في كل مكان، ويتردد في كل اتجاه ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾، العزيز الغالب القوي المهيمن على كل شيء، الحكيم في خلقه وأمره، الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، الحكيم الذي جعل كل شيء وفق حكمته.
﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ صاحب الملك المطلق والقدرة المطلقة، المالك الذي ملك السموات ومن فيها والأرض ومن فيها، يحيي ويميت، ويفعل ما يشاء، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، كل يوم هو في شأن، صاحب الأمر والنهي والسلطان.
﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، وهو بكل شيء عليم، لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يند عن علمه شيء، وسع كل شيء رحمة وعلمًا.
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾، خلق السموات المترامية الأطراف، الشاسعة، والأرض وما فيها من الأحياء والأشياء في ستة أيام، ثم استوى على العرش، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وفي كل لحظة يلج في الأرض ما لا عداد له ولا حصر، من شتى الأحياء والأشياء، ويخرج منها ما لا عداد ولا حصر من خلائق لا يعلمها إلا الله، وفي كل لحظة ينزل من السماء من الأمطار والأشعة والنيازك والشهب والملائكة والأقدار والأسرار، ويعرج فيها كذلك من المنظور والمستور ما لا يحصيه إلا الله، وهو معكم أين ما كنتم، يعلم ما تصنعون، ويسمع ما تقولون، ويرى ما تفعلون، وهو بما تعملون بصير.
﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾، إلى الله ترجع الأمور، فلا تلتفت لغير الله، ولا تتطلع لغير الله، ولا تعمل لغير الله، وأسلم وجهك وقلبك إلى الله، فإنه لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه.
﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾، وهي حركة دائبة، لطيفة؛ حركة دخول الليل في النهار والنهار في الليل، ومثل هذه الحركة في خفائها ولطفها حركة العلم بذات الصدور، وذات الصدور هي الأسرار المصاحبة لها؛ التي لا تفارقها ولا تبرحها.
ثم يتحول السياق إلى هتافات متوالية، ولمسات متتابعة في صياغة فريدة وأسلوب عجيب ﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾، آمنوا بالله الذي سمعتم وصفه، وأمنوا برسوله الداعي إليه، وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، فالمال مال الله، وأنتم ما أنتم إلا مستخلفون فيه، فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير، لا يعلمه إلا الله، ولا يقدر قدره إلا الله، وإذا كان المال مال الله، وأنتم خلفاء الله فيه، وإذا أنفقتم ابتغاء وجه الله فلكم أجر كبير، فلماذا تتخلفون عن الإنفاق! وما الذي يمنعكم من البذل والعطاء!
﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾، حقًا والله ما لنا لا نؤمن! ما الذي يعوقنا عن الإيمان الحق، وهذا رسول الله يدعونا للإيمان، ما الذي يمنعنا من الإيمان والعهود والمواثيق حاضرة! ما الذي يمنعنا من الإيمان والآيات تتنزل بيّنات! ما الذي يمنعنا من الإيمان والله يريد أن يخرجنا من ظلمات الضلال والشك والحيرة إلى نور الهدى واليقين والطمأنينة! ما الذي يمنعنا من الإيمان ودلائل الرأفة والرحمة في كل مكان.
﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾، ما المانع من النفقة؟ هل هو الخوف من الفقر، فلله ميراث السموات والأرض، وكل شيء سيعود إليه.
لقد بذلت الحفنة المصطفاة من السابقين، من المهاجرين والأنصار، ما وسعها من النفس والمال، في ساعة العسرة وفترة الشدة - قبل الفتح – فتح مكة أو فتح الحديبية، أيام كان الإسلام غريبًاً محاصرًاً من كل جانب، مطاردًاً من كل عدو، قليل الأنصار والأعوا . وكان هذا البذل خالصًاً لا تشوبه شائبة من طمع في عوض من الأرض، ولا من رياء أمام كثرة غالبة من أهل الإسلام، كان بذلًاً منبثقًاً عن خيرة اختاروها عند الله، وعن حمية لهذه العقيدة التي اعتنقوها وآثروها على كل شيء وعلى أرواحهم وأموالهم جميعًا، ولكن ما بذلوه - من ناحية الكم - كان قليلاًً بالقياس إلى ما أصبح الذين جاءوا بعد الفتح يملكون أن يبذلوه، فكان بعض هؤلاء يقف ببذله عند القدر الذي يسمع أن بعض السابقين بذلوه! هنا نزل القرآن ليزن بميزان الحق بذل هؤلاء وبذل أولئك، وليقرر أن الكم ليس هو الذي يرجح في الميزان، ولكنه الباعث وما يمثله من حقيقة الإيمان، لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا.
إن الذي ينفق ويقاتل والعقيدة مطاردة، والأنصار قلة، وليس في الأفق ظل منفعة ولا سلطان ولا رخاء، غير الذي ينفق ويقاتل والعقيدة آمنة، والأنصار كثرة، والنصر والغلبة والفوز قريبة المنال. ذلك متعلق مباشرة بالله، متجرد تجردًاً كاملًاً لا شبهة فيه، عميق الثقة والطمأنينة بالله وحده، بعيد عن كل سبب ظاهر وكل واقع قريب، لا يجد على الخير عونًاً إلا ما يستمده مباشرة من عقيدته، وهذا له على الخير أنصار حتى حين تصح نيته ويتجرد تجرد الأولين.
وكلًا وعد الله الحسنى، فقد أحسنوا جميعًا على تفاوت ما بينهم من الدرجات، والله بما تعملون خبير.
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾، من ذا الذي يقرض الغني الحميد، والله ضامن أن يضاعفه له في الدنيا ويجزيه عليه الجزاء الأوفى يوم القيامة!
﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ. يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾، هاهم المؤمنون والمؤمنات والنور يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، لطيفًا هادئًا نيرًا مشرقًا، بشراكم اليوم، جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، ذلك هو الفوز العظيم.
وهناك المنافقون والمنافقات، في حيرة وضلال، وفي مهانة وهم يتعلقون بأذيال المؤمنين والمؤمنات، يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم، فحيثما تتوجه أنظار المؤمنين والمؤمنات يشع ذلك النور اللطيف الشفيف، ولكن أنى للمنافقين أن يقتبسوا من هذا النور وقد عاشوا حياتهم كلها في الظلام؟ قيل: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًاً، وعلى الفور يفصَل بين المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات، فهذا يوم الفصل إن كانوا في الدنيا مختلطين في الجماعة، فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.
ثم يبدأ الخطاب برنّة عتاب من الله للمؤمنين فيقول: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾، إنه عتاب مؤثر من المولى الكريم الرحيم، واستبطاء للاستجابة الكاملة من تلك القلوب التي أفاض عليها من فضله، فبعث فيها الرسول يدعوها إلى الإيمان بربها، ونزّل عليه الآيات البينات ليخرجها من الظلمات إلى النور، وأراها من الآيات في الكون والخلق ما يبصّر ويحذّر،
عتاب فيه الود، وفيه الحض، وفيه الاستجاشة إلى الشعور بجلال الله، والخشوع لذكره، وتلقّي ما نزل من الحق بما يليق بجلال الحق من الروعة والخشية والطاعة والاستسلام، مع رائحة التنديد والاستبطاء في السؤال، ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟
وإلى جانب التحضيض والاستبطاء تحذير من عاقبة التباطؤ والتقاعس عن الاستجابة، وبيان لما يغشى القلوب من الصدأ حين يمتد بها الزمن بدون جلاء، وما تنتهي إليه من القسوة بعد اللين حين تغفل عن ذكر الله، وحين لا تخشع للحق، ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل، فطال عليهم الأمد، فقست قلوبهم، وكثير منهم فاسقون، وليس وراء قسوة القلوب إلا الفسق والخروج.
إن هذا القلب البشري سريع التقلب، سريع النسيان، وهو يشف ويشرق فيفيض بالنور، فإذا طال عليه الأمد بلا تذكير ولا تذكر تبلد وقساً، وانطمست إشراقته، وأظلم وأعتم، فلا بد من تذكير هذا القلب حتى يذكر ويخشع، ولا بد من الطرق عليه حتى يرق ويشف، ولا بد من اليقظة الدائمة كي لا يصيبه التبلد والقساوة.
ولكن لا يأس من قلب خمد وجمد وقسا وتبلد، فإنه يمكن أن تدب فيه الحياة، وأن يشرق فيه النور، وأن يخشع لذكر الله، فالله يحيي الأرض بعد موتها، فتنبض بالحياة، وتزخر بالنبت والزهر، وتمنح الأكل والثمار، كذلك القلوب حين يشاء الله، اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها، وفي هذا القرآن ما يحيي القلوب كما تحيا الأرض، وما يمدها بالغذاء والري والدفء، قد بيّنا لكم الآيات لعلكم تعقلون.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، لم يبق من رمضان إلا القليل، والسعيد من غفر الله ذنبه، وقبل صيامه وقيامه، السعيد من نبض الإيمان في قلبه في شهر رمضان، ثم لم يزل نابضًا حيًا، موصول بالذي خلق الأرض والسموات العلى، السعيد من أعتق الله رقبته من النار.
لم يبق من رمضان إلا لحظات، فهل نشمر عن ساعد الجد، يا من غفل عن رحمة ربه تدارك ما فات، وفر إلى الله، أنقذ نفسك، وتب إلى ربك، أيها الغافل عن طاعة الله متى تؤوب؟ أيها السادر في الغفلات متى تتوب؟ أيها المفرط في جنب الله متى تعود إلى علام الغيوب؟
أيها المسلمون، فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فإنما هي صدقة من الصدقات.
وهي خاصة بالفقراء والمساكين؛ ليشاركوا الناس الفرح والسرور.
أيها المسلمون، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تخرج الحيّض يوم العيدين وذوات الخدور فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزل الحيض الصلاة، وهي سنة باقية، وعلى المرأة أن تلتزم بالحجاب الشرعي، وتلتزم بالستر والحشمة والحياء وتبتعد عن أسباب الفتنة، ومن ذلك لبس العباءات المزخرفة والمزينة بالنقوش والصور والرسومات، والعباءات الضيقة والشفافة والبراقة، فاتقوا الله عباد الله، وكونوا على مستوى المسئولية، وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
ألا صلوا وسلموا ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق