تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 20 فبراير 2015

خطبة ( عثمان بن عفان – بيان عن الأحداث الأخيرة )

عثمان بن عفان – بيان عن الأحداث الأخيرة
 [ 1/5/1436هـالموافق 20/2/2015م ]
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، حديثنا عن علَم من أعلام التاريخ، ومصباحٍ من مصابيح الدجى، كان موته كنظام عقد انقطع سلكه فتتابع.
حديثنا عن رجل حكم المسلمين بالعدل والإحسان، وسار فيهم سيرة سيد المرسلين، حكم الأمة الإسلامية اثني عشرة سنة، كثرت في عهده الفتوحات، واتسعت رقعة الدولة الإسلامية، وجمع الله به ما اختلف عليه الناس، فقد جمع القرآن في عهده على حرف واحد ونشر في الأمصار، لكل مصر مصحف.
حديثنا عن صحابي جليل القدر والمكانة، كان رابع أربعة دخلوا في الإسلام، إنه أمير البررة وقتيل الفجرة، مخذول من خذله، ومنصور من نصره، صاحب الهجرتين، وزوج الابنتين، ذو النورين، عثمان بن عفان.. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد أصحاب الشورى الستة، وثالث الخلفاء الراشدين..
إنه عثمان الخير، عثمان الحياء، عثمان الصدق والإيمان، عثمان البذل والتضحية بالنفس والمال..
إننا بحاجة ماسة لسيرة هؤلاء الأفذاذ، وأخبار هؤلاء الآساد، في زمان لمع فيه من لا خلاق له ولا دين، وأبرز من لا قدر له في الإسلام، وطمست سيرة هؤلاء الأفذاذ وتناساها الناس.
نحن أيها الإخوة بحاجة ماسة لأن نربي أنفسنا وجيلنا على أن ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء قد أخرجت لنا قادة دان لها الشرق والغرب، وأنبتت لنا علماء ما زالوا يؤتون أكلهم كل حين بإذن ربهم، وأيضًا ينبغي أن نجعل ميزاننا وميزان من نعلّم ميزانًا شرعيًا، فالمحبوب عندنا من أحبه الله، والمكروه من كرهه الله..
أيها المسلمون، ما إن سمع عثمان من أبي بكر عرض دعوة الحق إلا وانطلق لسانه يردد الكلمة التي دان لها العرب والعجم في ذلك الزمن؛ لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
ومن تلك الساعة انطلق عثمان لينصر دين الله في أرضه. وتحت سمائه فأخذ يشارك في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله.
وجمع الله لعثمان من الفضائل والمكارم ما جعله بحق أن يكون في الدرجة الثالثة في الإسلام بعد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلقد تزوج بنت رسول الله رقية رضي الله عنها فلما توفيت زوّجه رسول الله أم كلثوم، فتوفيت أيضًا في صحبته فقال رسول الله : " لو كان عندنا أخرى لزوّجناها عثمان "، ومن هنا سمي عثمان ذا النورين لأنه الإنسان الوحيد الذي تزوج بنتَي نبي في التاريخ كله.
عن أبي موسى الأشعري قال: كنت مع النبي في حائط من حيطان المدينة ( أي بساتينها ) فجاء رجل فاستفتح ( أي استأذن بالدخول ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " افتح له وبشّره بالجنة " ففتحت له فإذا أبو بكر، فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " افتح له وبشره بالجنة " ففتحت له، فإذا هو عمر، فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله، ثم استفتح رجل فقال لي: " افتح له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه "، فإذا عثمان. فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال: الله المستعان.
ولما صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق جبل أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف ( أي الجبل ) فقال: " اسكن أحد فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ".
ولقد كان عثمان صاحب ثروة عظيمة فاستعملها في مرضاة الله، ونصرة دين الله.. فهو الذي جهّز جيش العسرة.. حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم، ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم ".
وهو الذي اشترى بئر رومة حيث قال رسول الله: " من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين وله خير منها في الجنة "، فاشتراها عثمان من خالص ماله.
أيها المسلمون، لم يكن عثمان سبّاقًا في مجالات الجهاد بالمال والنفس فحسب، بل لقد كان عابدًا خاشعًا خائفًا من الله لا يمل من قراءة القرآن، فقد روي عنه أنه صلى بالقرآن العظيم في ركعة واحدة عند الحجر الأسود، أيام الحج.
وقد كان قيام الليل دأبَه وشأنَه الذي لا يتركه. قال ابن عمر في قوله تعالى: ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ ﴾ هو عثمان. وكان عثمان يقول: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا!
وكان رحيمًا بأهله وخدمِه فقد كان إذا استيقظ من الليل لا يوقظ أحدًا من أهله ليعينه على الوضوء، إلا أن يجده يقظان، وكان يعاتَب في ذلك، فيقال: لو أيقظتَ بعض الخدم؟ فيقول: لا. الليل لهم يستريحون فيه!
وصفات عثمان وشمائله وسماته كثيرة لكنّ أبرز صفة تميز بها عثمان، حتى صارت ملازمة لاسم عثمان، فما يكاد يذكر عثمان إلا وتذكر.. إنها صفة الحياء.. فقد كان عثمان حيّيًا، كأنه العذراء في خدرها من شدة حيائه!
عن عائشة قالت: كان رسول الله مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن أو فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذِنَ له وهو على تلك الحال، فتحدّث، ثم استأذن عمر فأذِنَ له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوّى ثيابه فدخل، فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتشّ له ولم تبالِه، ( أي لم تغير شيئًا من هيئتك ) ثم دخل عمر فلم تهتشّ له ولم تبالِه، ثم دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك، فقال: " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة "!
سلامٌ على عثمان في الأولين.. سلامٌ على عثمان في الآخرين.. سلامٌ على عثمان في سجل الخالدين.. سلامٌ على عثمان في الملأ الأعلى إلى يوم الدين.. أقول قولي هذا وأستغفر الله..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، هذا بيان صادر عن مجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت حول الأحداث الأخيرة..
( الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم أجمعين أما بعد، انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ﴾، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾، وغيرها من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تبيّن وجوب بيان الحق على أهل العلم خصوصًا عند الحاجة إليه وعدم كتمانه؛ لما يترتب على كتمانه من ضياع الحق وإضلال الخلق.
يتابع مجلس علماء أهل السنّة بحضرموت الأوضاع الراهنة على الساحة اليمنية عمومًا وعلى الساحة الحضرمية خصوصًا من الانفلات الأمني والخشية من تدهور الأوضاع أعظم مما هي عليه، مما يستدعي أن يتدارك أهل العلم والصلاح والرأي والحكمة لمعالجة هذا الوضع، وعليه يقرر المجلس بالآتي:
أولًا: يوصي المجلس جميع الناس بعدم جواز الإخلال بأمن المحافظة ونشر الفوضى من أي طرف كان، وذلك لما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة والمصائب الجسيمة.
ثانيًا: يحمّل المجلس السلطة المحلية بالمحافظة ومعها كافّة الأحزاب ومكوِّنات المجتمع المدني مسئولية حفظ حضرموت وأمنها واستقرارها واتخاذ كافّة التدابير المؤدية إلى ذلك.
ثالثًا: يوصي المجلس القيادات الأمنية والعسكرية الالتزام بتوجيهات وأوامر محافظ حضرموت وفي حالة شعور القيادات العسكرية والأمنية بالعجز عن القيام بواجبها فإن الواجب تسليم ما بحوزتهم من عتاد وعدّة للسلطة المحلية بالمحافظة.
رابعًا: يحذّر مجلس علماء أهل السنّة بحضرموت تحذيرًا شديدًا من دخول أي مليشيات مسلّحة تريد فرض سيطرتها على المحافظة تحت أي ذريعة أو ستار  وعلى الجميع التيقظ والاستعداد لأي طوارئ..
خامسًا: يُهيب مجلس علماء أهل السنّة  بحضرموت بجميع المواطنين  بالمحافظة القيام بواجب التكاتف والتعاون في هذا الظرف الراهن، وذلك عن طريق إنشاء لجان أهلية ومدّها بكل ما تحتاجه من أجل حماية  أمن المحافظة على أن تكون هذه اللجان  تحت إشراف السلطة المحليّة ثم العلماء وأهل الخبرة المتخصصين من رجال الأمن الشرفاء.
وسيستمر المجلس بمتابعة تطورات الأوضاع في المحافظة وفي كل البلاد وإصدار البيانات التي تتطلبها المرحلة..
حفظ الله حضرموت وأهلها وجميع بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى  الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم. والله ولي التوفيق ) صادر عن مجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More