أنقذوا ( حلب ) ..
١٧|٣|١٤٣٨ هـالموافق ١٦|١٢|٢٠١٦م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، إن هذه الأمة تبتلى ثم تكونُ لهم العاقبة، تبتلى لتصفية القلوب والأعمال من الشوائب، وليتبين الصادقُ من الكاذب والمؤمنُ من المنافق..
أمةَ الإسلام، إنه لا خوفَ على هذا الدين من الأعداء الخارجيين، لأنه الدين الحق الذي اقتضت مشيئة الله أن يكون عاليًا ظاهرًا على كل الأديان بالحجة والبيان وبالسيف والسنان، ولا يزال نور هذا الدين ينتشر في المشارق والمغارب إلى قيام الساعة؛ لما فيه من العلم والعدل والرحمة والحكمة والخير والسعادة حتى ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
عبادَ الله، بلادُ الشام عقر دار الإسلام، فيها يصنع الرجال ومنها يتخرج الأبطال، وفيها تدور الملاحم آخر الزمان، ولا يغلب عليها الباطل أبدًا.
وما يصيب المسلمين من نكباتٍ فإنما هي جولة للباطل تعقبها جولات الحقِّ المبين كما قال تعالى: ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ).
وعندما يجيء الحق فإنه يجيء قويًا مزلزلًا مدويًا لا يقوى الباطل على الصمود أمامه كما قال تعالى: ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) فيهوي الحق على الباطل كالقذيفة فيفلق رأسه ويمزق دماغه كما قال تعالى: ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ).
وعلى المسلمين أن يستفيدوا من النكبات في تصحيح المسار وتلافي القصور والخلل ودراسة الأسباب وتصحيح الأخطاء؛ فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة قال تعالى: ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).
أمة الإسلام، يقول الله تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )
إنه ما تفرق قوم في دينهم وتنازعوا حتى يقتل بعضهم بعضًا إلا ذلوا وتسلط عليهم عدوهم وأخذ بعض ما في أيديهم، وهذا من شؤم التفرق والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سَأَلْتُ رَبّي لأِمّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بعَامّةٍ، وَأَنْ لاَ يُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ. وَإِنّ رَبّي قَالَ: يَا مُحَمّدُ إِنّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنّهُ لاَ يُرَدّ، وَإِنّي أَعْطَيْتُكَ لأِمّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بعَامّةٍ، وَأَنْ لاَ أُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَىَ أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتّىَ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً, وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ".
إن قوةَ هذه الأمة في اتحادها، وضعفَها في انقسامها واختلافها. والاتحادُ المطلوب اليوم هو الاتحاد على الأصول العامة والقواسم المشتركة ومصالح الأمة الكلية. وهذا الاتحاد لا بد منه الآن في مواجهة الخطر والعدو المشترك.
يا زعماء الدول العربية والإسلامية يا رؤساء المنظمات العربية والإسلامية يا صنّاع القرار في العالم العربي والإسلامي.. دعوا الخلافات وحافظوا على الإسلام ودافعوا عن بلاد المسلمين، فما يجمعكم أكثر مما يفرقكم وأنتم بالاجتماع أقوياءُ أعزة وبالتفرق ضعفاء أذلة..
كونوا جميعًا يا بَنيَّ إِذا اعترَى *
خَطْبٌ ولا تتفرقوا آحادًا
تأبى الرماحُ إِذا اجتمعْنَ تكسرًا *
وإِذا افترقْنَ تكسرتْ أفرادًا
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ).
أمرنا الله في هذه الآية بالثبات والصبر وكثرة ذكر الله فإنه زاد المعارك ووقود النزال وصانع الأبطال وأوصانا بالطاعة المطلقة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ونهانا عن التفرق والنزاع واختلاف الآراء فإنه سبب الوهن والضعف وذهاب القوة وتخلخل الصفوف.
فالذكر والدعاء الصادق سبب النصر قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " لقد رأيتُنا وما فينا قائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح ".
وطاعة الله أمان من الهزيمة خصوصًا طاعة الله فيما يتعلق بالحرب والسلم والدماء والأموال.
والتفرق والنزاع يسلط علينا أعداءنا ويضعف صفوفنا ولا يتمكن العدو منا إلا إذا تفرقنا، وإلا فلو كنا يدًا واحدة فلن يستطيع العدو هزيمتنا لما معنا من الإيمان واليقين وكثرة العدد والقوة..
ولكن بسبب الخلاف والنزاع أكلنا العدو واحدًا تلو الآخر.
يا أهل حلب، اثبتوا واستعينوا بالله واعلموا أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ).
إنها أيام يداولها الله بين الناس؛ ليعلم المؤمنين الصادقين ويتخذ منهم شهداء ويرفعهم إلى أعلى المنازل، ويهلك الظالمين الذين يبغضهم ويمقتهم.
يا أهل حلب، أنتم الأعلون ما دمتم متمسكين بدينكم، ما دمتم متمسكين بإيمانكم، ما دمتم متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله لكم الثبات والنصر والتمكين إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أمة الإسلام، علينا أن نناصر إخواننا في حلب بالدعاء وبما نقدر عليه، وعلى الدول والمنظمات العربية والإسلامية أن تتخذ مواقف سياسية واضحة تجاه ما يحصل من الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي يقوم بها مجرمو الحرب من الروس والفرس والنصيرية الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
إن ما تتعرض له حلبُ الأبية وأهلُها من عدوان همجي وتآمر عالمي وخذلان أممي؛ ليمثل إحدى أبشع جرائم هذا النظام العالمي ضد أهل الإسلام عامة، وأهل السنة خاصة.
إن التعلق بالغرب أو الشرق والهيئات والمؤسسات الأممية هو عين الداء ومكمن البلاء، وهو أشبه بمن يستجير من الرمضاء بالنار، فخذلانهم للمسلمين في قضاياهم أشهر من أن يذكر.
فعلى الدول العربية والإسلامية أن تتحالف لحماية الدين والسنة والمصالح المشتركة وتفعّل التحالفات الناشئة وتغذيها وتحافظ عليها من التمزق والوهن وأن تستوعب الجميع وتتقارب أكثر فإن القوة مطلوبة لحماية الأديان والإنسان والأوطان.
وعلينا أن ندرك أن الحلف الصليبي الرافضي لا يفرق بين زيد وعمرو، وتستوي عنده كل الحكومات والشعوب والجماعات.
أيها المسلمون، عودوا إلى ربكم، عودوا إلى دينكم، فإن النصرة الحقيقية لحلب هي في التمسك بهذا الدين والتمسك بتعاليمه وأحكامه وآدابه وأخلاقه فما ضعفت قوتنا إلا ببعدنا عن ديننا وكتاب ربنا..
ردنا الله إليه ردًا جميلًا..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
١٧|٣|١٤٣٨ هـالموافق ١٦|١٢|٢٠١٦م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، إن هذه الأمة تبتلى ثم تكونُ لهم العاقبة، تبتلى لتصفية القلوب والأعمال من الشوائب، وليتبين الصادقُ من الكاذب والمؤمنُ من المنافق..
أمةَ الإسلام، إنه لا خوفَ على هذا الدين من الأعداء الخارجيين، لأنه الدين الحق الذي اقتضت مشيئة الله أن يكون عاليًا ظاهرًا على كل الأديان بالحجة والبيان وبالسيف والسنان، ولا يزال نور هذا الدين ينتشر في المشارق والمغارب إلى قيام الساعة؛ لما فيه من العلم والعدل والرحمة والحكمة والخير والسعادة حتى ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
عبادَ الله، بلادُ الشام عقر دار الإسلام، فيها يصنع الرجال ومنها يتخرج الأبطال، وفيها تدور الملاحم آخر الزمان، ولا يغلب عليها الباطل أبدًا.
وما يصيب المسلمين من نكباتٍ فإنما هي جولة للباطل تعقبها جولات الحقِّ المبين كما قال تعالى: ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ).
وعندما يجيء الحق فإنه يجيء قويًا مزلزلًا مدويًا لا يقوى الباطل على الصمود أمامه كما قال تعالى: ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) فيهوي الحق على الباطل كالقذيفة فيفلق رأسه ويمزق دماغه كما قال تعالى: ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ).
وعلى المسلمين أن يستفيدوا من النكبات في تصحيح المسار وتلافي القصور والخلل ودراسة الأسباب وتصحيح الأخطاء؛ فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة قال تعالى: ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).
أمة الإسلام، يقول الله تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )
إنه ما تفرق قوم في دينهم وتنازعوا حتى يقتل بعضهم بعضًا إلا ذلوا وتسلط عليهم عدوهم وأخذ بعض ما في أيديهم، وهذا من شؤم التفرق والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سَأَلْتُ رَبّي لأِمّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بعَامّةٍ، وَأَنْ لاَ يُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ. وَإِنّ رَبّي قَالَ: يَا مُحَمّدُ إِنّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنّهُ لاَ يُرَدّ، وَإِنّي أَعْطَيْتُكَ لأِمّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بعَامّةٍ، وَأَنْ لاَ أُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَىَ أَنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتّىَ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً, وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ".
إن قوةَ هذه الأمة في اتحادها، وضعفَها في انقسامها واختلافها. والاتحادُ المطلوب اليوم هو الاتحاد على الأصول العامة والقواسم المشتركة ومصالح الأمة الكلية. وهذا الاتحاد لا بد منه الآن في مواجهة الخطر والعدو المشترك.
يا زعماء الدول العربية والإسلامية يا رؤساء المنظمات العربية والإسلامية يا صنّاع القرار في العالم العربي والإسلامي.. دعوا الخلافات وحافظوا على الإسلام ودافعوا عن بلاد المسلمين، فما يجمعكم أكثر مما يفرقكم وأنتم بالاجتماع أقوياءُ أعزة وبالتفرق ضعفاء أذلة..
كونوا جميعًا يا بَنيَّ إِذا اعترَى *
خَطْبٌ ولا تتفرقوا آحادًا
تأبى الرماحُ إِذا اجتمعْنَ تكسرًا *
وإِذا افترقْنَ تكسرتْ أفرادًا
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ).
أمرنا الله في هذه الآية بالثبات والصبر وكثرة ذكر الله فإنه زاد المعارك ووقود النزال وصانع الأبطال وأوصانا بالطاعة المطلقة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ونهانا عن التفرق والنزاع واختلاف الآراء فإنه سبب الوهن والضعف وذهاب القوة وتخلخل الصفوف.
فالذكر والدعاء الصادق سبب النصر قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " لقد رأيتُنا وما فينا قائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تحت شجرة ويبكي حتى أصبح ".
وطاعة الله أمان من الهزيمة خصوصًا طاعة الله فيما يتعلق بالحرب والسلم والدماء والأموال.
والتفرق والنزاع يسلط علينا أعداءنا ويضعف صفوفنا ولا يتمكن العدو منا إلا إذا تفرقنا، وإلا فلو كنا يدًا واحدة فلن يستطيع العدو هزيمتنا لما معنا من الإيمان واليقين وكثرة العدد والقوة..
ولكن بسبب الخلاف والنزاع أكلنا العدو واحدًا تلو الآخر.
يا أهل حلب، اثبتوا واستعينوا بالله واعلموا أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرًا ( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ).
إنها أيام يداولها الله بين الناس؛ ليعلم المؤمنين الصادقين ويتخذ منهم شهداء ويرفعهم إلى أعلى المنازل، ويهلك الظالمين الذين يبغضهم ويمقتهم.
يا أهل حلب، أنتم الأعلون ما دمتم متمسكين بدينكم، ما دمتم متمسكين بإيمانكم، ما دمتم متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله لكم الثبات والنصر والتمكين إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أمة الإسلام، علينا أن نناصر إخواننا في حلب بالدعاء وبما نقدر عليه، وعلى الدول والمنظمات العربية والإسلامية أن تتخذ مواقف سياسية واضحة تجاه ما يحصل من الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية التي يقوم بها مجرمو الحرب من الروس والفرس والنصيرية الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
إن ما تتعرض له حلبُ الأبية وأهلُها من عدوان همجي وتآمر عالمي وخذلان أممي؛ ليمثل إحدى أبشع جرائم هذا النظام العالمي ضد أهل الإسلام عامة، وأهل السنة خاصة.
إن التعلق بالغرب أو الشرق والهيئات والمؤسسات الأممية هو عين الداء ومكمن البلاء، وهو أشبه بمن يستجير من الرمضاء بالنار، فخذلانهم للمسلمين في قضاياهم أشهر من أن يذكر.
فعلى الدول العربية والإسلامية أن تتحالف لحماية الدين والسنة والمصالح المشتركة وتفعّل التحالفات الناشئة وتغذيها وتحافظ عليها من التمزق والوهن وأن تستوعب الجميع وتتقارب أكثر فإن القوة مطلوبة لحماية الأديان والإنسان والأوطان.
وعلينا أن ندرك أن الحلف الصليبي الرافضي لا يفرق بين زيد وعمرو، وتستوي عنده كل الحكومات والشعوب والجماعات.
أيها المسلمون، عودوا إلى ربكم، عودوا إلى دينكم، فإن النصرة الحقيقية لحلب هي في التمسك بهذا الدين والتمسك بتعاليمه وأحكامه وآدابه وأخلاقه فما ضعفت قوتنا إلا ببعدنا عن ديننا وكتاب ربنا..
ردنا الله إليه ردًا جميلًا..
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق