الطهور شطر الإيمان
١١|٦|١٤٣٨هالموافق ١٠|٣|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، تفرد الإسلام بالعناية بالطهارة الكاملة، الحسية والمعنوية، والظاهرة والباطنة، فاعتنى غاية العناية بنظافة البدن والثوب والمكان والبيئة.
فمن عنايته بنظافة البدن أنه أمر بالوضوء عند كل صلاة والغسل عند الجنابة وعند الطهارة من الحيض والنفاس وأمر بالتنزه عن النجاسات والقاذورات وشرع الغسل يوم الجمعة والعيد وعند الإحرام وعند دخول مكة وندب إلى السواك عند كل صلاة وعند كل وضوء وعند دخول البيت وعند الاستيقاظ من النوم وعند تغير الفم وشرع تقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة وقص الشارب وندب إلى استعمال الطيب والرائحة الطيبة ودهن الشعر والعناية به وأمر بالتنزه عن الرائحة الكريهة وأخبر أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
ونهى عن الاغتسال في الماء الراكد وعن البول فيه وأمر بغسل ما أصابه الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب وأمر بغسل البدن مما علِق به من النجاسات والقاذورات وتنظيف النعال والخفاف من الأذى وجعل الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر والطهارة من النجاسات شرطًا في صحة الصلاة.
وأمر بتطهير الثياب عند الصلاة وجعل طهارتها شرطًا في صحة الصلاة وأمر بأخذ الزينة عند عند كل مسجد واستحسن لبس الثياب الجميلة لمقابلة الناس يوم الجمعة وللعيد والوفود وأمر بتنظيف المساجد وتطييبها وتبخيرها وتطهيرها من النجاسات والأذى وأمر بتنظيف البيوت والساحات التي أمام البيوت والشوارع والأماكن العامة والمصالح العامة والحقوق المشتركة كموارد المياه والطرق والظل فنهى عن قضاء الحاجة في موارد الماء وفي الطريق والظل وما في معناها من الساحات العامة والمصالح والحقوق المشتركة وتحت الأشجار المثمرة وما كان في معنى ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( نظفوا أفنيتكم؛ فإن اليهود لا تنظف أفنيتَها ).
وأمر بتغطية الأواني طلبًا للطهارة والسلامة من الأمراض ونهى عن التنفس في الإناء وعن الشرب في فم السقاء وغيرها من الأحكام والآداب السَّنِيّة التي جاءت بها الديانة الإسلامية والشِرْعة المحمدية.
لقد نجح الإسلام في صبغ الناس بصبغة الله فغير عاداتهم وسلوكياتهم واهتماماتهم وطهرهم وزكاهم ونمّاهم ورفعهم وكرّمهم وزيّنهم وسما بهم في مراقي الكمال الإنساني.
وقد تأثرت أوربا بالمسلمين في سلوكهم الحضاري وأخذت عنهم العلم والآداب والنظافة والطهارة والاهتمام بالصحة والطب والمنظر العام ونظافة البيئة.
فلم تأخذ أوربا من المسلمين العلم فقط بل أخذت العلم والأدب والنظام العام للحياة وتأثرت بهم في أخلاقهم وسلوكياتهم وطريقة حياتهم وتصميم بيوتهم وثيابهم وطريقة تفكيرهم وأسلوبهم في البحث العلمي ومحبتهم للعلم واليقين والحقائق الثابتة وكراهتهم للخرافات والأوهام.
وبفضل احتكاك أوربا بالمسلمين خرجت من دائرة الظلام إلى رحاب العلم ومن الخرافات إلى الحقائق العلمية ومن القيود الوهمية إلى الانطلاق في ميادين المعرفة والثقافة.
ولما ضعُف حال المسلمين في العلم والإيمان ضعفت عندهم الآداب العامة فهم وإن ظلوا متمسكين بالطهارة الحسية والمعنوية لتوقف الصلاة عليها إلا أنهم ضعف عندهم الشعور بالآداب العامة والذوق العام والمصالح العامة وتغلبت عليهم النزعة الفردية وسيطرت عليهم الأنانية فأهملوا الاهتمام بالنظافة العامة والمحافظة على موارد المياه ونظافة الطرقات والشوارع العامة وتساهلوا في طرح الأذى في الطرق والأفنية..
وهذا فوق مخالفته لتعاليم الملة الإسلامية يعطي انطباعًا سيئًا عن المجتمعات الإسلامية ويوحي بالتخلف والجهل وضعف الثقافة الصحية.
أيها المسلمون، هذه دعوة للعودة إلى الطهارة الكاملة والنظافة الشاملة للمساجد والبيوت والشوارع والساحات والعناية بالبيئة وسلامتها والتعاون في هذا المجال والالتزام برمي القمامة في الأماكن المخصصة لها وإظهار البلد بمظهر حضاري يناسب الدين الذي ننتمي إليه؛ فنحن أولى الناس بالنظافة والطهارة والكمال البشري والعناية بالبيئة والصحة.
إن كثيرًا من الأمراض التي تصيب الناس ترجع أسبابها إلى إهمال النظافة في البيت والملابس والأبدان والمأكولات والمشروبات.
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ - أي شدُّوا رأس السقاء بالوكاء وهو الخيط الذي يربط به لئلا يسقط فيه شيء -؛ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ).
فنؤكد على الاهتمام بالنظافة الشخصية والنظافة العامة والمحافظة على سلامة البيئة..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، كما اعتنى الإسلام بالطهارة الظاهرة اعتنى بالطهارة الباطنة، فأمر بالإخلاص والصدق والتوحيد وإرادة وجه الله بالأعمال الصالحة قال إبراهيم عليه السلام: ( وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ. يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).
وحرم الإسلام العمل من أجل الناس وطلب ثنائهم ومدحهم وجعله من محبطات الأعمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء، إن الله تبارك وتعالى يقول يوم تُجازَى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ ) وقال تعالى في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركَه ).
فمن هنا اجتهد المسلمون في إخفاء أعمالهم الصالحة وصدقاتهم حتى إن أحدهم ليتصدق بالصدقة فيخفيها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
وحرم الإسلام الكِبْر والعجب والغرور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بطَر الحق وغَمط الناس ) أي رد الحق واحتقار الناس.
وأثنى الله على القلوب المطمئنة بذكره وتوحيده الواثقة بكفاية الله وحسن تقديره وكمال تدبيره فقال تعالى: ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير الناس هو صاحب القلب الخالي من العداوات والأحقاد والضغائن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير الناس ذو القلب المخموم واللسان الصادق قيل: ما القلب المخموم؟ قال: هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد قيل: فمن على أثره؟ قال: الذي يشنأ الدنيا ويحب الآخرة قيل: فمن على أثره؟ قال: مؤمن في خُلق حسن ).
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
١١|٦|١٤٣٨هالموافق ١٠|٣|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب/ محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، تفرد الإسلام بالعناية بالطهارة الكاملة، الحسية والمعنوية، والظاهرة والباطنة، فاعتنى غاية العناية بنظافة البدن والثوب والمكان والبيئة.
فمن عنايته بنظافة البدن أنه أمر بالوضوء عند كل صلاة والغسل عند الجنابة وعند الطهارة من الحيض والنفاس وأمر بالتنزه عن النجاسات والقاذورات وشرع الغسل يوم الجمعة والعيد وعند الإحرام وعند دخول مكة وندب إلى السواك عند كل صلاة وعند كل وضوء وعند دخول البيت وعند الاستيقاظ من النوم وعند تغير الفم وشرع تقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة وقص الشارب وندب إلى استعمال الطيب والرائحة الطيبة ودهن الشعر والعناية به وأمر بالتنزه عن الرائحة الكريهة وأخبر أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
ونهى عن الاغتسال في الماء الراكد وعن البول فيه وأمر بغسل ما أصابه الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب وأمر بغسل البدن مما علِق به من النجاسات والقاذورات وتنظيف النعال والخفاف من الأذى وجعل الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر والطهارة من النجاسات شرطًا في صحة الصلاة.
وأمر بتطهير الثياب عند الصلاة وجعل طهارتها شرطًا في صحة الصلاة وأمر بأخذ الزينة عند عند كل مسجد واستحسن لبس الثياب الجميلة لمقابلة الناس يوم الجمعة وللعيد والوفود وأمر بتنظيف المساجد وتطييبها وتبخيرها وتطهيرها من النجاسات والأذى وأمر بتنظيف البيوت والساحات التي أمام البيوت والشوارع والأماكن العامة والمصالح العامة والحقوق المشتركة كموارد المياه والطرق والظل فنهى عن قضاء الحاجة في موارد الماء وفي الطريق والظل وما في معناها من الساحات العامة والمصالح والحقوق المشتركة وتحت الأشجار المثمرة وما كان في معنى ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم: ( نظفوا أفنيتكم؛ فإن اليهود لا تنظف أفنيتَها ).
وأمر بتغطية الأواني طلبًا للطهارة والسلامة من الأمراض ونهى عن التنفس في الإناء وعن الشرب في فم السقاء وغيرها من الأحكام والآداب السَّنِيّة التي جاءت بها الديانة الإسلامية والشِرْعة المحمدية.
لقد نجح الإسلام في صبغ الناس بصبغة الله فغير عاداتهم وسلوكياتهم واهتماماتهم وطهرهم وزكاهم ونمّاهم ورفعهم وكرّمهم وزيّنهم وسما بهم في مراقي الكمال الإنساني.
وقد تأثرت أوربا بالمسلمين في سلوكهم الحضاري وأخذت عنهم العلم والآداب والنظافة والطهارة والاهتمام بالصحة والطب والمنظر العام ونظافة البيئة.
فلم تأخذ أوربا من المسلمين العلم فقط بل أخذت العلم والأدب والنظام العام للحياة وتأثرت بهم في أخلاقهم وسلوكياتهم وطريقة حياتهم وتصميم بيوتهم وثيابهم وطريقة تفكيرهم وأسلوبهم في البحث العلمي ومحبتهم للعلم واليقين والحقائق الثابتة وكراهتهم للخرافات والأوهام.
وبفضل احتكاك أوربا بالمسلمين خرجت من دائرة الظلام إلى رحاب العلم ومن الخرافات إلى الحقائق العلمية ومن القيود الوهمية إلى الانطلاق في ميادين المعرفة والثقافة.
ولما ضعُف حال المسلمين في العلم والإيمان ضعفت عندهم الآداب العامة فهم وإن ظلوا متمسكين بالطهارة الحسية والمعنوية لتوقف الصلاة عليها إلا أنهم ضعف عندهم الشعور بالآداب العامة والذوق العام والمصالح العامة وتغلبت عليهم النزعة الفردية وسيطرت عليهم الأنانية فأهملوا الاهتمام بالنظافة العامة والمحافظة على موارد المياه ونظافة الطرقات والشوارع العامة وتساهلوا في طرح الأذى في الطرق والأفنية..
وهذا فوق مخالفته لتعاليم الملة الإسلامية يعطي انطباعًا سيئًا عن المجتمعات الإسلامية ويوحي بالتخلف والجهل وضعف الثقافة الصحية.
أيها المسلمون، هذه دعوة للعودة إلى الطهارة الكاملة والنظافة الشاملة للمساجد والبيوت والشوارع والساحات والعناية بالبيئة وسلامتها والتعاون في هذا المجال والالتزام برمي القمامة في الأماكن المخصصة لها وإظهار البلد بمظهر حضاري يناسب الدين الذي ننتمي إليه؛ فنحن أولى الناس بالنظافة والطهارة والكمال البشري والعناية بالبيئة والصحة.
إن كثيرًا من الأمراض التي تصيب الناس ترجع أسبابها إلى إهمال النظافة في البيت والملابس والأبدان والمأكولات والمشروبات.
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ - أي شدُّوا رأس السقاء بالوكاء وهو الخيط الذي يربط به لئلا يسقط فيه شيء -؛ فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ).
فنؤكد على الاهتمام بالنظافة الشخصية والنظافة العامة والمحافظة على سلامة البيئة..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، كما اعتنى الإسلام بالطهارة الظاهرة اعتنى بالطهارة الباطنة، فأمر بالإخلاص والصدق والتوحيد وإرادة وجه الله بالأعمال الصالحة قال إبراهيم عليه السلام: ( وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ. يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).
وحرم الإسلام العمل من أجل الناس وطلب ثنائهم ومدحهم وجعله من محبطات الأعمال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: يا رسول الله وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء، إن الله تبارك وتعالى يقول يوم تُجازَى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ ) وقال تعالى في الحديث القدسي: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركَه ).
فمن هنا اجتهد المسلمون في إخفاء أعمالهم الصالحة وصدقاتهم حتى إن أحدهم ليتصدق بالصدقة فيخفيها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
وحرم الإسلام الكِبْر والعجب والغرور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْر بطَر الحق وغَمط الناس ) أي رد الحق واحتقار الناس.
وأثنى الله على القلوب المطمئنة بذكره وتوحيده الواثقة بكفاية الله وحسن تقديره وكمال تدبيره فقال تعالى: ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ).
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير الناس هو صاحب القلب الخالي من العداوات والأحقاد والضغائن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير الناس ذو القلب المخموم واللسان الصادق قيل: ما القلب المخموم؟ قال: هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد قيل: فمن على أثره؟ قال: الذي يشنأ الدنيا ويحب الآخرة قيل: فمن على أثره؟ قال: مؤمن في خُلق حسن ).
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق