تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الأربعاء، 1 أغسطس 2018

يا أبت يا أبت

يا أبتِ يا أبتِ.. بأسلوب في منتهى اللين وكلمات في منتهى العطف خاطب إبراهيم أباه ونصحه ووعظه فراعى حرمة الأب وأتى بالنصيحة على وجهها فأدى حق الله وحق والده.. إبراهيم الذي حطم الأصنام بالفأس لم يحطم رأس أبيه بالفأس أيضًا بل تحول إلى إنسان آخر مشبَّع بالحب والرحمة والعطف والحنان والرأفة والرحمة والهدوء والسكينة؛ لأنه يخاطب أبًا، ومقام الأب عظيم.. لم ينسَ إبراهيم أن يقول في كل مرة: يا أبتِ! ترك إبراهيم العطف المفيد للاشتراك في الحكم وآثر الجمل المستأنفة تحببًا إلى أبيه واختيارًا لأحسن الأساليب في الدعوة، والدعوة فن، ولكل مقام مقال.. تحنَّنْ عليَّ – هداك المليك - فإن لكل مقام مقالًا وإبراهيم حين يستعمل هذا الأسلوب لا يخاطب مسلمًا بل يخاطب كافرًا مشركًا يعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنه شيئًا، فكيف لو كان المخاطَب مسلمًا! وأدب إبراهيم وحلمه ونصحه عجيب من بداية موعظته إلى نهايتها، وأعجب ما فيه أنه لم يغضب بل حين هدده والده وتوعده بالرجم والعذاب الأليم والهجران الطويل زاد إبراهيم حلمًا؛ كعودٍ زاده الإحراق طيبًا.. فقال: ((سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا)). وهذا الحلم واللطف في مقابلة الاستفزاز والتحدي هو العقبة الكؤود التي لا يستطيع كل أحد اجتيازها بسهولة.. وقد يحاول بعض الناس الحلم والأناة لكنه إذا استفز واستغضب ثار كالنار وطار كالإعصار وقفز إلى ذهنه قول العرب: إن كنت ريحًا فقد لاقيت إعصارًا وما ذلك بالحليم.. أيها الدعاة، التفتوا إلى أسلوب إبراهيم الحكيم وانتقوا أحسن الألفاظ وخاطبوا الناس برفق ولين ودعوا الغلظة والفظاظة والعنف والقسوة فإنها لا تأتي بخير ولا تحقق المراد والمقصود.. كتبه / محمد بن سعيد باصالح الأربعاء 19 ذو القعدة 1439هـ

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More