تعديل

الشيخ محمد سعيدباصالح

الجمعة، 12 أكتوبر 2018

هذا نذير من النذر الأولى

هذا نذير من النذر الأولى ٣|٢|١٤٤٠هـالموافق ١٢|١٠|٢٠١٨م جامع الرحمة بالشحر الخطيب / محمد بن سعيد باصالح الخطبة الأولى أيها المسلمون، الأزمات والابتلاءات العظيمة التي تمر بها منطقتنا الإسلامية سواءً السياسية والعسكرية منها كمشكلة فلسطين والعراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن.. أو الاقتصادية, والأزمة العالمية التي تهدد العالم, أو الأخلاقية وانتشار الفواحش والمخدرات, أو الاجتماعية والفرقة والاختلاف الحاصل في الأمة حتى على مستوى الإسلاميين, وأخيرًا الكوارث والزلازل والسونامي الذي ضرب إندونيسيا وأودى بحياة نحو ألفي قتيل. ومن رحمة الله عز وجل بالناس, أنه يمهلهم ويوالي عليهم الإنذارات قبل أن يأخذهم, كما قال تعالى:(( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )). وقال تعالى: (( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ. وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ. حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ )). (( وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ )) أي: جوع أصابهم بمكة سبع سنين، كما رواه البخاري في صحيحه عن ابن مسعود قال: .. وإنَّ قريشًا أبطأوا عن الإسلام فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (( اللهم أعني عليهم بسبعٍ كسبع يوسف. فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام ويرى الرجل مابين السماء والأرض كهيئة الدخان فجاءه أبو سفيان, فقال: يا محمد جئتَ تأمرنا بصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادعُ الله. فقرأ: (( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ. أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ. ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ. إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ))..الحديث. قال الحافظ: وأفاد الدمياطي أن ابتداء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان عقب طرحهم على ظهره سلى الجزور وكان ذلك بمكة قبل الهجرة. قال تعالى:(( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ )) أي: الجوع, كما رواه النسائي في تفسيره وابن حبان في صحيحه, عن ابن عباس قال: جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العِلْهِز- يعني الوبر والدم - فأنزل الله عزل وجل: (( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ ْبِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )) حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح, والأرناءوط في تعليقه على ابن حبان. (( فَمَا اسْتَكَانُوا )) تواضعوا وذلوا , (( لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ )) أي: يرغبون إلى الله بالدعاء والطاعة وذلك أن الله عز وجل يأخذهم بالعذاب الأدنى لإصلاحهم ولعلهم يرجعون (( حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ )) هو يوم بدر بالقتل, كما ثبت ذلك عن ابن عباس فيما رواه الطبري بإسناد حسن. (( إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ )) آيسون من كل خير, فإن الغفلة عن الإنذار الأول توجب عذابًا بعده. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ )) رواه ابن ماجه, وحسنه الألباني. فقوله: (( وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ )) يشمل الغش التجاري بأنواعه. وقوله: (( وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا )) فيه دليل على أن البهائم أفضل من البشر في حالة تمردهم على الله ومعصيتهم, قال تعالى: (( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ )). وقال تعالى: (( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا )) وأما نقض عهد الله وعهد رسوله: أي ترك طاعتهما. فمن تدبر هذا الحديث كفاه.. فكأنما النبي صلى الله عليه وسلم يشخصُ واقعنا المعاصر, ويذكر لنا فيه الداء والدواء. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.. الخطبة الثانية أيها المسلمون، هذه الحالة التي وصلت إليها الأمة الإسلامية اليوم, هي التي أوجبت تداعي الأمم علينا اليوم, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِثَوْبَانَ: (( كَيْفَ أَنْتَ يَا ثَوْبَانُ، إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ كَتَدَاعِيكُمْ عَلَى قَصْعَةِ الطَّعَامِ تُصِيبُونَ مِنْهُ؟ )) قَالَ ثَوْبَانُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا؟ قَالَ: (( لَا، بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنُ )) قَالُوا: وَمَا الْوَهَنُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (( حُبُّكُمُ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ الْقِتَالَ )) رواه أحمد في مسنده, وهو حديث حسن. ولا حل لهذه الأمة إلا برجوعها إلى دينها. قال صلى الله عليه وسلم: (( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ, وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ )) رواه أبو داود وصححه الألباني. والعينة: نوع من أنواع الربا. وأخذ أذناب البقر والرضا بالزرع: كناية عن الرضا بالدنيا. فالواجب علينا جميعل الرجوع إلى ديننا والتوبة الصادقة من جميع الذنوب على مستوى جميع شرائح المجتمع والاستغفار الصادق الذي يوافق فيه اللسانُ القلب والذي يكشف الله به الكروب ويدفع به العقوبات العامة.. وندعو الناس إلى كثرة الدعاء والصدقات والتعاون في الكوارث والملمات وأن يكونوا يدًا واحدة وفريقًا واحدًا ويحمل القوي منهم الضعيف ونسأل الله أن يكفي بلادنا شر الكوارث والأعاصير ويجنبنا المهالك والنكبات ويلطف بنا وبجميع المسلمين اللهم اصرف عنا الشرور والمهالك والكوارث وآمنا في أوطاننا واغفر لنا أجمعين وهب المسيئين منا للمحسنين وتب علينا يا رب العالمين وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.. اللهم إنا نسألك خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به.. ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More