( فضل عشر ذي الحجة )
٢٦|١١|١٤٣٨هالموافق ١٨|٨|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، ولشرفها أقسم الله بها في كتابه العزيز فقال سبحانه: (( والفجر وليال عشر )).
ومن فضائلها أنها اجتمعت فيها أمهات العبادات وهي الصلاة والصيام والحج والعمرة والصدقة، ولا يتأتى ذلك في غيرها، لذلك يندب للمسلم استقبال هذه الأيام بتجديد التوبة، والإكثار من الطاعات، وبذلِ القُرُبات، وعملِ الصالحات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )).
عباد الله، والعمل الصالح يورث طيبَ العيش، ورغدَ الحياة، وزيادةَ الأجر والثواب، قال تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) كما أنه يجلب محبة الله للعبد ويضع له القبول في الأرض قال سبحانه: (( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )) أي؛ حبًا في قلوب عباده.
ومن أعظم ما يتقرب به المؤمن إلى ربه في هذه الأيام المحافظةُ على صلاة الجماعة والتبكيرُ إليها، والإكثارُ من النوافل، وقيامُ الليل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة )).
ومن أهم الأعمال الصالحة: الصدقة، فهي إرضاءٌ لله تعالى، وزيادةٌ في ثواب المتصدِّق، وإدخالٌ للسرور على الفقراء والمساكين، وأصحابِ الحاجات والمعوزين، بتفريج همومهم، وكشف كربهم، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة، والصدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يطفئُ الماءُ النارَ )).
أيها المسلمون، ومما يستحب فعله من العمل الصالح في هذه الأيام: الإكثار من ذكر الله قال تعالى: (( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)) وهذه الأيام المعلومات عشر ذي الحجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )).
والعمل الصالح في عشر ذي الحجة لا ينحصر في عبادةٍ معينة، أو قُرْبة خاصة، بل يشمل كلَّ ما ينفع الإنسان، ويقرّبُه من ربه تعالى، ومن هذه الأعمال: تلاوةُ القرآن، وحضورُ مجالس العلم، وإكرامُ الوالدين بمزيد برِّهما، وصلةُ الأرحام، والتواصلُ مع الأهلِ والجيران، وبذلُ المعروف والإحسان، وتطهيرُ القلوب من الأوزار والذنوب، والحرصُ على كل ما يرضي علّامَ الغيوب، فاغتنموا هذه الأيام والليالي، فالموفق من وفقه الله لطاعته، والمحروم من حُرِم الخير.
عباد الله، اعلموا أنه يستحب لمن أراد أن يضحي ودخلت العشر من ذي الحجة أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا )).
والأضحية سنةٌ مؤكّدةٌ للقادر عليها، وهي شعيرةٌ من شعائر الدين، قال تعالى: (( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )) وقال تعالى: (( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )) وعن أنس رضي الله عنه قال: (( ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشَينِ أملحَينِ أقرنَينِ ذبحهما بيده، وسمّى، وكبّر، ووضع رجلَه على صفاحِهما )).
ويبدأ وقتُها بعد صلاة العيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من كان قد ذبح قبل الصلاة فليُعِد )) وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، والمجزئ من الأضاحي ما كان من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ذكرًا كان أو أنثى، والسن المعتبرة في ذلك في الإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة، وفي البقر ما بلغ سنتين ودخل في الثالثة، وفي المعز مثله وقيل: ما بلغ سنة ودخل في الثانية، وفي الضأن ما بلغ سنة ودخل في الثانية، وقيل: ما بلغ ستة أشهر فما فوق، ولا يجزئ ما كان أقل من ذلك.
أما العيوب التي تمنع الإجزاء فهي المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عورُها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والعجفاء التي لا تُنقِي )) وهي الهزيلة التي لا مخ لها.
وكلُّ عيبٍ يُنقِصُ لحمًا أو غيرَه مما يؤُكَل يَمنعُ التضحية كالعمياءِ، والجرباءِ، والكسيرةِ، ومقطوعةِ الأذنِ والألْية، ونحو ذلك.
والأفضل أن توزع الأضحية أثلاثًا: ثلثا يأكله، وثلثا يهديه، وثلثا يتصدق به على الفقراء والمساكين.
ويستحب صيام يوم عرفة لغير الحاج أما الحاج فيستحب له الفطر ليتفرغ للدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( صيامُ يومِ عرفةَ أحتسبُ على الله أن يكفِّرَ السنةَ التي قبله، والسنةَ التي بعده )).
ويستحب التكبير من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق خلف الصلوات المفروضات والنوافل والجنائز. ويستحب التكبير في الطرقات والمنازل والأسواق ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام في الصلاة.
وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكبّر محمد بن علي خلف النافلة، وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمِنى فيسمعه أهل المسجد فيكبّرون، ويكبّر أهل السوق حتى ترتجَّ مِنى تكبيرًا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا، وكانت ميمونة رضي الله عنها تُكبِّر يوم النحر، وكان النساء يكبِّرنَ خلف أبانَ بنِ عثمان وعمرَ بنِ عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، غدًا انطلاق الحملة التوعوية الوطنية للوقاية ومكافحة الكوليرا من منزل إلى منزل، فنرجو التعاون مع أفراد الحملة وتسهيل مهمتهم، وسبب هذا المرض الذي بدأ ينتشر في اليمن عدم الاهتمام بالنظافة في الأبدان والمآكل والمشارب والأواني والبيوت والطرق وموارد الماء، وقد نبّه الدين القيم على النظافة والطهارة فأمر بغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء ونهى عن البول في الماء الراكد والطريق والظل وتحت الشجرة المثمرة وأمر بتنظيف الدور والأفنية وتغطية الأواني وغسل الأيدي وغير ذلك من محاسن الدين الإسلامي التي سبق بها الزمان والمكان وسنّهُ سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
٢٦|١١|١٤٣٨هالموافق ١٨|٨|٢٠١٧م
جامع الرحمة بالشحر
الخطيب / محمد بن سعيد باصالح
الخطبة الأولى
أيها المسلمون، عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا، ولشرفها أقسم الله بها في كتابه العزيز فقال سبحانه: (( والفجر وليال عشر )).
ومن فضائلها أنها اجتمعت فيها أمهات العبادات وهي الصلاة والصيام والحج والعمرة والصدقة، ولا يتأتى ذلك في غيرها، لذلك يندب للمسلم استقبال هذه الأيام بتجديد التوبة، والإكثار من الطاعات، وبذلِ القُرُبات، وعملِ الصالحات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )).
عباد الله، والعمل الصالح يورث طيبَ العيش، ورغدَ الحياة، وزيادةَ الأجر والثواب، قال تعالى: (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) كما أنه يجلب محبة الله للعبد ويضع له القبول في الأرض قال سبحانه: (( إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )) أي؛ حبًا في قلوب عباده.
ومن أعظم ما يتقرب به المؤمن إلى ربه في هذه الأيام المحافظةُ على صلاة الجماعة والتبكيرُ إليها، والإكثارُ من النوافل، وقيامُ الليل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة )).
ومن أهم الأعمال الصالحة: الصدقة، فهي إرضاءٌ لله تعالى، وزيادةٌ في ثواب المتصدِّق، وإدخالٌ للسرور على الفقراء والمساكين، وأصحابِ الحاجات والمعوزين، بتفريج همومهم، وكشف كربهم، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة، والصدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يطفئُ الماءُ النارَ )).
أيها المسلمون، ومما يستحب فعله من العمل الصالح في هذه الأيام: الإكثار من ذكر الله قال تعالى: (( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)) وهذه الأيام المعلومات عشر ذي الحجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )).
والعمل الصالح في عشر ذي الحجة لا ينحصر في عبادةٍ معينة، أو قُرْبة خاصة، بل يشمل كلَّ ما ينفع الإنسان، ويقرّبُه من ربه تعالى، ومن هذه الأعمال: تلاوةُ القرآن، وحضورُ مجالس العلم، وإكرامُ الوالدين بمزيد برِّهما، وصلةُ الأرحام، والتواصلُ مع الأهلِ والجيران، وبذلُ المعروف والإحسان، وتطهيرُ القلوب من الأوزار والذنوب، والحرصُ على كل ما يرضي علّامَ الغيوب، فاغتنموا هذه الأيام والليالي، فالموفق من وفقه الله لطاعته، والمحروم من حُرِم الخير.
عباد الله، اعلموا أنه يستحب لمن أراد أن يضحي ودخلت العشر من ذي الحجة أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا )).
والأضحية سنةٌ مؤكّدةٌ للقادر عليها، وهي شعيرةٌ من شعائر الدين، قال تعالى: (( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )) وقال تعالى: (( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )) وعن أنس رضي الله عنه قال: (( ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشَينِ أملحَينِ أقرنَينِ ذبحهما بيده، وسمّى، وكبّر، ووضع رجلَه على صفاحِهما )).
ويبدأ وقتُها بعد صلاة العيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من كان قد ذبح قبل الصلاة فليُعِد )) وينتهي وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، والمجزئ من الأضاحي ما كان من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ذكرًا كان أو أنثى، والسن المعتبرة في ذلك في الإبل ما بلغ خمس سنين ودخل في السادسة، وفي البقر ما بلغ سنتين ودخل في الثالثة، وفي المعز مثله وقيل: ما بلغ سنة ودخل في الثانية، وفي الضأن ما بلغ سنة ودخل في الثانية، وقيل: ما بلغ ستة أشهر فما فوق، ولا يجزئ ما كان أقل من ذلك.
أما العيوب التي تمنع الإجزاء فهي المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عورُها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن عرجها، والعجفاء التي لا تُنقِي )) وهي الهزيلة التي لا مخ لها.
وكلُّ عيبٍ يُنقِصُ لحمًا أو غيرَه مما يؤُكَل يَمنعُ التضحية كالعمياءِ، والجرباءِ، والكسيرةِ، ومقطوعةِ الأذنِ والألْية، ونحو ذلك.
والأفضل أن توزع الأضحية أثلاثًا: ثلثا يأكله، وثلثا يهديه، وثلثا يتصدق به على الفقراء والمساكين.
ويستحب صيام يوم عرفة لغير الحاج أما الحاج فيستحب له الفطر ليتفرغ للدعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( صيامُ يومِ عرفةَ أحتسبُ على الله أن يكفِّرَ السنةَ التي قبله، والسنةَ التي بعده )).
ويستحب التكبير من صبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق خلف الصلوات المفروضات والنوافل والجنائز. ويستحب التكبير في الطرقات والمنازل والأسواق ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام في الصلاة.
وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكبّر محمد بن علي خلف النافلة، وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمِنى فيسمعه أهل المسجد فيكبّرون، ويكبّر أهل السوق حتى ترتجَّ مِنى تكبيرًا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا، وكانت ميمونة رضي الله عنها تُكبِّر يوم النحر، وكان النساء يكبِّرنَ خلف أبانَ بنِ عثمان وعمرَ بنِ عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، غدًا انطلاق الحملة التوعوية الوطنية للوقاية ومكافحة الكوليرا من منزل إلى منزل، فنرجو التعاون مع أفراد الحملة وتسهيل مهمتهم، وسبب هذا المرض الذي بدأ ينتشر في اليمن عدم الاهتمام بالنظافة في الأبدان والمآكل والمشارب والأواني والبيوت والطرق وموارد الماء، وقد نبّه الدين القيم على النظافة والطهارة فأمر بغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء ونهى عن البول في الماء الراكد والطريق والظل وتحت الشجرة المثمرة وأمر بتنظيف الدور والأفنية وتغطية الأواني وغسل الأيدي وغير ذلك من محاسن الدين الإسلامي التي سبق بها الزمان والمكان وسنّهُ سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم.
ألا صلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين..
0 التعليقات:
إرسال تعليق