غرائب الكذابين
ساق الإمام مسلم – رحمه الله – في مقدمة صحيحه جملة من أخبار المتهمين والمتروكين نصحًا للمسلمين وتحذيرًا لهم من الاغترار بروايات المغفلين والمتروكين وبيانًا لجواز الطعن فيهم وأن ذلك لا يدخل في الغيبة.
وذكر أمثلة كثيرة فيها كلام أئمة الجرح والتعديل في الضعفاء والكذابين..
فمن ذلك أن رجلًا سأل جابر بن يزيد الجُعفي عن قوله – عز وجل – : ((فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ)).
فقال جابر هذا – وكان شيعيًا –: لم يجيء تأويل هذه الآية.
فقال سفيان بن عيينة: كذب.
فقالوا لسفيان: ما أراد جابر بهذا؟
فقال: إن الرافضة تقول: إن عليًا في السحاب فلا نخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي منادٍ من السماء – يريد عليًا أنه ينادي –: اخرجوا مع فلان!
فجابر يريد أن هذا هو تأويل الآية وكذب بل كانت في إخوة يوسف – عليه السلام –.
ومن ذلك أن محمود بن غيلان قال لأبي داود الطيالسي: قد أكثرتَ عن عبّاد بن منصور فما لك لم تسمع منه حديث العطّارة! – وهو حديث يرويه زياد بن ميمون – وهو أحد الكذابين – فقال: لقيتُ زيادًا أنا وعبدُ الرحمن بن مهدي فقلنا له: هذه الأحاديث التي ترويها عن أنس! فقال: أرأيتما رجلًا يذنب فيتوب، أليس يتوب الله عليه؟ قلنا: نعم. قال: ما سمعتُ من أنس من ذا قليلًا ولا كثيرًا إن كان لا يعلم الناس فأنتما لا تعلمان أني لم ألقَ أنسًا – يعني فأنتما تعلمان، ولا زائدة، ويحتمل أن يكون معناه: أفأنتما لا تعلمان؟ ويكون استفهام تقرير حذف منه الهمزة –.
قال أبو داود الطيالسي: فبلغَنا بعد أنه يروي فأتيناه أنا وعبد الرحمن بن مهدي فقال: أتوب! ثم كان بعدُ يحدّث! فتركناه.
كتبه / محمد بن سعيد باصالح
السبت 22 ذو القعدة 1439هـ